المرشحون: فخورون بهويتنا المصرية.. ونشكر «الأخبـــار»

المصريون في إيطاليا على لوائح التصويت.. شبابنا ينافس على الحكم في روما ويرفع راية «لا للعنصرية»

بعض المصريون فى إيطاليا
بعض المصريون فى إيطاليا

كتب/ احمد شعبان

للمصريين فى أوروبا وجوه كثيرة، فليس كل من وصل إلى حدود ساحل القارة العجوز من أية جهة أتى هاربًا أو مُهربًا، ولا كل من وصل إلى شواطئ إيطاليا جاء فارًا على متن قارب بعدما نجا من قبضة عصابات تهريب البشر، وبعدما تدخلت العناية الآلهية وأوصلته منهك مقطوع الرجاء بعد صراع مع الموج أو رصاص سماسرة البشر الأفارقة، بل هناك نماذج أخرى مشرفة تستحق الدعم والإشادة والتقدير خاصة إذا كانوا شبابًا مصريين ينافسون على الوصول لدوائر الحكم فى العاصمة روما فى الانتخابات البلدية الايطالية التى انطلقت أمس وتمدد ليومين ..

الآن.. فى ايطاليا حيث يقيم عدد كبير من المصريين بحثا عن لقمة العيش، وبرغم الغربة إلا أنهم دائما يضعون وطنهم نصب أعينهم ويفخرون به ويحنون إليه فى كل لحظة، أبناء وشباب من الجيل الثانى للمصريين الذين توطنوا إيطاليا، كسروا القاعدة ولم يكتفوا فقط بالدراسة أو العمل بل ترشحوا للانتخابات البلدية فى روما «إلى حيث كل الطرق تؤدي».

بملامح مصرية خالصة يبزغ ثلاثة نجوم مصرية خالصة، ما يجمعهم ببعض دين واحد وعرق ولغة، وهوية واحدة، وتنقسم العاصمة لـ15 منطقة وكل منطقة تضم عددا من الأحياء، وهناك مرشحون عن البلدية ككل ومرشحون عن الأحياء.
.. والآن، مريم على، أول مصرية مسلمة تخوض الانتخابات بعدما تعرضت هى وشقيقتها لموجات من التمييز العنصرى بسبب زيها الاسلامى «الحجاب».

ومن مريم إلى منار حسنين وبرغم عدم ارتدائها زيًا يميز دينها أو عرقها الا أنها لم تسلم هى الأخرى من مواقف عنصرية، أو لربما اعتادت أن تتعرض مضايقات كلما احتاجات أن تفصح عن دينها، مسلمة هى، سارت على خطى مريم لتثبت لمجتمعها أن المرأة المصرية العربية المسلمة لا ينقصها شئ.

ومن زهرتين تتفحان فى الغربة، إلى رجل اعتاد المواجهة، محمد خليل الشاب المصرى الذى يخوض الانتخابات ليكمل مسيرته فى العمل الخيرى ومساعدة الآخرين.

«الأخبار» تحدثت معهم ليكشفوا لنا أكثر عن تفاصيل ترشحهم للانتخابات وهدفهم فى ذلك، كما أعربوا عن سعادتهم لاهتمام الأخبار بهم والتواصل معهم.

مستشارة لمحافظ العاصمة

ونبدأ مع مريم على أصغر مرشحة للانتخابات -٢٠ عاما- وأول مصرية مسلمة محجبة تنافس على منصب مستشار محافظ روما، وتقول مريم المولودة فى روما لأب وأم مصريين، إنها مرشحة لمنصبين الأول عن المنطقة الـ11 بالعاصمة والثانى كمستشارة لمحافظ روما.

وتخوض الطالبة فى العام الثالث بكلية الحقوق الانتخابات ضمن قائمة حزب «داموس» ( يسار الوسط) والذى لا يميز - على حد قولها- بين الأجانب ويتعامل مع المسلمين بدون عنصرية، وأكدت أن الحزب استقبل فكرة ترشحها بالحجاب كخطوة «غير مسبوقة» فى تاريخه.

نقاش هادئ

وقالت إن قرار ترشحها جاء بعد نقاش مع والدها سامى على سالم، إمام مركز «الفتح» الإسلامى، بالعاصمة، والذى رحب بالفكرة وساندها، وأضافت مريم أن الحديث عن مدى قدرتها وخبرتها فى خوض هذه التجربة، لا يمنعها فى الاستمرار نحو هدفها، وتابعت مريم التى حظيت باهتمام عالمى فى الفترة الأخيرة «لو أننى لست على قدر المسئولية، لما ترشحت للانتخابات».

وأشارت إلى أنها ترغب فى معرفة ما يدور داخل الأوساط السياسية وأن ترشحها لن يكون فكرة عابرة بل «بداية لدخول البرلمان الإيطالى».. مؤكدة «سأكون صوت الجميع»، وأشارت إلى أن أول ما ستهتم به حال نجاحها هى قضايا المرأة.

وفى حديثها عن مصر تقول مريم «أصولى المصرية والعربية ساعدتنى على تقبل الآخرين»، وتزور مريم مصر كل عام تقريبا وتحب تناول «المحشى والكشري»، وأوضحت أنها فى كل مرة تتفاجئ بحجم الإنجازات والمدن والطرق الجديدة. وتابعت «كل ما أزور مصر أجد مدينة جديدة وطريقًا جديدًا، انبهر بكل هذه التنمية»، واختتمت مريم حديثها لـ «ألأخبار» : «فخورة كونى مصرية، وأشكر أبي على دعمه الدائم لي». 

التأثير فى المجتمع

أما منار حسنين التى تطل بأناقة حتى على بوسترات الدعاية فى إيطاليا حيث تترشح كمستشارة فى الحى الخامس ضمن الانتخابات المحلية هناك، منار شابة مسلمة لأب وأم مصريين من محافظة القاهرة، رغم أنها وُلدت فى إيطاليا وعاشت بها 25 عاما إلا أنها مصرية الهوى والهوية.

تقول منار فى لغة عربية سليمة فى حديثها لـ «ألأخبار»، إنها تخوض الانتخابات البلدية فى روما لتغيير الفكرة السائدة عن المرأة المسلمة بأنها غير قادرة على تحمل المسئولية، وتضيف منار بشجاعة «لم نأتِ إلى إيطاليا لمجرد العمل فقط.. نحن لا نشكل عبئا على الآخرين هنا بل نؤثر فى المجتمع بشكل إيجابي».

وقالت الطالبة فى السنة الأخيرة من كلية الصيدلة إنها تعرضت «للعنصرية كونها مسلمة أو أجنبية»، وكان هذا أحد الأسباب القوية التى دفعتها للترشح فى انتخابات المجلس المحلى لتغيير تلك النظرة عن المسلمين، وأضافت «أنا لست محجبة ولكن أمى ترتدى الحجاب، وعندما نسير فى الشوارع أجد بعض الأشخاص ينظرون إليها بتعجب رغم أن ذلك من حقها»، وأكدت منار أنها ستكون صوتًا للدفاع عن المسلمات والإسلام وحرية معتقداتهم.

وتشرح الشابة المصرية أنها تخوض الانتخابات لأول مرة فى روما بناء على نصيحة من أمها التى تدير مؤسسة خيرية ثقافية (مسجد ومدرسة)، وتنافس ضمن قائمة حزب «داموس»، وتقول منار إن اختيار الحزب جاء لأنه يدرك أهمية الأجانب ودورهم فى المجتمع ولا يميز بين الأشخاص على أساس معتقداتهم أو لونهم أو أصولهم، وتمتلك المرشحة ميزة -على حد قولها- وهى أنها تفهم المجتمع جيدا بسبب نشأتها الإيطالية وأصولها المصرية «سأكون مرشحة للجميع، أعرف مشاكلهم وأفهمها جيدا»..

وتعيش منار فى الحى الخامس من طفولتها وتريد بعد نجاحها حل القضايا التى تتمثل فى صعوبة الحصول على الجنسية أو نظافة الشوارع والمواصلات إلى جانب مشاكل فى المدارس، وتؤكد أن هذه التجربة لن تكون الأخيرة خاصة بعدما تلقت دعمًا معنويا من المصريين سواء فى إيطاليا أو مصر إلى جانب تشجيع الإيطاليين أنفسهم لها.

قادرون على التغيير

وتقول فى حماس «السن لا يمثل عائقا وأفكارنا كشباب تستطيع صناعة الفارق ولكن ما يمنعنا هو الخوف»، وأضافت «نحن قادرون على التغيير لذلك لابد من خوض التجربة دون النظر إلى النتائج»..

وفى حديثها عن مصر، قالت منار إنها سعيدة للغاية بالاهتمام بها من مصر رغم أنها تكره الأضواء ولا تحب الشهرة إلا أنها قررت التحدث عن تجربتها لصحيفة مصرية عريقة مثل الأخبار.

وأضافت : «أقضى صيف كل عام فى مصر وأمى تقول لى أنها تشعر بأنها ربتنى فى القاهرة وليس فى روما». وتابعت «تعلمت العربية من أمى لأنها تحدثنى بها منذ ولادتى وعندما نطقت لأول مرة كانت باللهجة المصرية «، واختتمت منار حديثها مع «الأخبار» قائلة : «فخورة بانتمائى لمصر، عندما أخبر أحد أنى مصرية ينظر لى بإعجاب» .

اللهجة المصرية

ومن الضفة الأخرى للمتوسط ينادى محمد خليل بلهجة إسكندرانية أصيلة، فيظهر فى روما كمنافس قوى فى الانتخابات المحلية، ويتميز خليل أيضًا بملامحه المصرية التى تعرفها دون تردد، وعشقه للغة العربية.. وخليل شاب يبلغ من العمر 33 عاما من أب وأم مصريين من محافظة الإسكندرية، عروس المتوسط، يخوض الانتخابات عن الحى الحادى عشر فى روما للمرة الثانية خلال 5 سنوات ويطمح لتمثيل المصريين والعرب فى البلدية ليكون صوتهم أمام المسئولين..

ويقول محمد :«ترشحى للانتخابات جاء فجأة حيث تواصل معى حزب داموس خلال تواجدى فى مصر وواففت على خوض السباق ضمن قائمته». ويضيف محمد فى ثقة : «المصريون مميزون دائما فى كل شئ لذلك لابد أن يكون لنا دور فى المجتمع حيث نعيش، لا نسبب ضررا للآخرين بل نقدم خدمات اجتماعية وثقافية وغيرها للناس هنا»..

وقرر ابن الإسكندرية الترشح ضمن قائمة «داموس» أيضا لأن الحزب يتعامل مع الأجانب والمسلمين خاصة بطريقة جيدة ويقدم خدمات اجتماعية للجميع دون تمييز.