عاجل

أنت تسأل و العلماء يجيبون

الامتناع‭ ‬عن‭ ‬المصافحة‭
الامتناع‭ ‬عن‭ ‬المصافحة‭

 إعداد: عبدالعزيز عبدالحليم

‭ ‬ما‭ ‬حكم‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬المصافحة‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬بعدوى‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭‬

‭ ‬العدوى‭ ‬كما‭ ‬عرفها‭ ‬المختصون‭ ‬هى‭: ‬انتقال‭ ‬الكائن‭ ‬المسبب‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬مصدره‭ ‬إلى‭ ‬الشخص‭ ‬المعرض‭ ‬للإصابة،‭ ‬وإحداث‭ ‬إصابة‭ ‬بالأنسجة‭ ‬قد‭ ‬تظهر‭ ‬فى‭ ‬صورة‭ ‬مرضية‭ ‬أعراض‭ ‬أو‭ ‬لا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬به‭ ‬العلماء‭ ‬فى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬الوبائية؛‭ ‬كالجُذام،‭ ‬والجرب،‭ ‬والجدرى‭ ‬ونحو‭ ‬ذلك‭.‬

وقد‭ ‬سبق‭ ‬الإسلام‭ ‬إلى‭ ‬نظم‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬المعدية‭ ‬والاحتراز‭ ‬من‭ ‬تفشيها‭ ‬وانتشارها؛‭ ‬منعًا‭ ‬للضرر،‭ ‬ودفعاً‭ ‬للأذى،‭ ‬ورفعاً‭ ‬للحرج‭. ‬فعن‭ ‬أبى‭ ‬هريرة‭ ‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬أن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صل‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬قال‭: ‬‮«‬فِرَّ‭ ‬مِنَ‭ ‬المَجْذُومِ‭ ‬كَمَا‭ ‬تَفِرُّ‭ ‬مِنَ‭ ‬الأَسَدِ‮»‬‭ ‬أخرجه‭ ‬البخارى‭ ‬فى‭ ‬‮«‬صحيحه‮»‬‭.‬

وفى‭ ‬رواية‭: ‬‮«‬اتقوا‭ ‬المجذوم‭ ‬كما‭ ‬يتقى‭ ‬الأسد‮»‬

وعن‭ ‬الحسين‭ ‬بن‭ ‬على‭ ‬عليهما‭ ‬السلام‭ ‬أن‭ ‬النبى‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عَليْهِ‭ ‬وآله‭ ‬وسلَّم‭ ‬قال‭: ‬‮«‬لا‭ ‬تُدِيُمواْ‭ ‬النَظَرَ‭ ‬إلى‭ ‬المَجَاذِيمِ،‭ ‬وَمَن‭ ‬كَلَّمهُ‭ ‬مِنْكُم‭ ‬فَليُكَلِّمه‭ ‬وَبَينهُ‭ ‬وَبَينَهُ‭ ‬قِيدُ‭ ‬رُمْحٍ‮»‬‭.‬

ولا‭ ‬يتعارض‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬الحث‭ ‬على‭ ‬المصافحة‭ ‬باليد،‭ ‬وأنها‭ ‬من‭ ‬السنن‭ ‬المجمع‭ ‬عليها،‭ ‬إتماما‭ ‬للتحية‭ ‬وإظهاراً‭ ‬للمودة‭ ‬وسببا‭ ‬فى‭ ‬المغفرة‭.‬

أما‭ ‬عند‭ ‬وجود‭ ‬المرض‭ ‬فينبغى‭ ‬للإنسان‭ ‬أن‭ ‬يتجنبها،‭ ‬ويكتفى‭ ‬فى‭ ‬التحية‭ ‬بإلقاء‭ ‬السلام‭ ‬بالقول‭ ‬المأمور‭ ‬به؛‭ ‬كما‭ ‬فى‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬فَإِذَا‭ ‬دَخَلْتُمْ‭ ‬بُيُوتًا‭ ‬فَسَلِّمُوا‭ ‬عَلَى‭ ‬أَنْفُسِكُمْ‭ ‬تَحِيَّةً‭ ‬مِنْ‭ ‬عِنْدِ‭ ‬اللهِ‭ ‬مُبَارَكَةً‭ ‬طَيِّبَةً‮»‬‭ (‬النور‭: ‬61‭)‬،‭ ‬وقوله‭ ‬سبحانه‭: ‬‮«‬إِذْ‭ ‬دَخَلُوا‭ ‬عَلَيْهِ‭ ‬فَقَالُوا‭ ‬سَلَامًا‭ ‬قَالَ‭ ‬سَلَامٌ‭ ‬قَوْمٌ‭ ‬مُنْكَرُونَ‮»‬‭ (‬الذاريات‭: ‬25‭)‬،‭ ‬وكما‭ ‬فى‭ ‬الحديث‭ ‬القدسى‭ ‬الشريف‭: ‬أن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬قال‭ ‬لسيدنا‭ ‬آدم‭ ‬على‭ ‬نبينا‭ ‬وعليه‭ ‬أفضل‭ ‬الصلاة‭ ‬وأتم‭ ‬السلام‭: ‬‮«‬اذْهَبْ‭ ‬فَسَلِّمْ‭ ‬عَلَى‭ ‬أُولَئِكَ‭ ‬مِنَ‭ ‬المَلائِكَةِ،‭ ‬فَاسْتَمعْ‭ ‬مَا‭ ‬يُحَيُّونَكَ،‭ ‬تَحِيَّتُكَ‭ ‬وَتَحِيَّةُ‭ ‬ذُرِّيَّتِكَ،‭ ‬فَقَالَ‭: ‬السَّلَامُ‭ ‬عَلَيْكُمْ،‭ ‬فَقَالُوا‭: ‬السَّلَامُ‭ ‬عَلَيْكَ‭ ‬وَرَحْمَةُ‭ ‬اللهِ،‭ ‬فَزَادُوهُ‭: ‬وَرَحْمَةُ‭ ‬اللهِ‮»‬‭ ‬متفقٌ‭ ‬عليه‭.‬

وهذا‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬التحية‭ ‬هو‭ ‬الأصل‭ ‬فى‭ ‬السلام‭ ‬المأمور‭ ‬به،‭ ‬والذى‭ ‬أراد‭ ‬الشرع‭ ‬إفشاءه‭ ‬بين‭ ‬العالمين؛‭ ‬ليحصل‭ ‬به‭ ‬الأمان‭ ‬والمؤانسة،‭ ‬ويزداد‭ ‬به‭ ‬الإيمان،‭ ‬وتترسخ‭ ‬به‭ ‬معانى‭ ‬المحبة‭ ‬والوئام؛‭ ‬فعن‭ ‬أنس‭ ‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه،‭ ‬أن‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬قال‭: ‬‮«‬إِنَّ‭ ‬السَّلَامَ‭ ‬اسْمٌ‭ ‬مِنْ‭ ‬أَسْمَاءِ‭ ‬اللهِ‭ ‬تَعَالَى،‭ ‬وَضَعَهُ‭ ‬اللهُ‭ ‬فِى‭ ‬الْأَرْضِ،‭ ‬فَأَفْشُوا‭ ‬السَّلَامَ‭ ‬بَيْنَكُمْ‮»‬‭ ‬أخرجه‭ ‬البخارى‭ ‬فى‭ (‬الأدب‭ ‬المفرد‭).‬

‭  ‬ويزداد‭ ‬النهى‭ ‬ويتأكد‭ ‬فى‭ ‬حالات‭ ‬الوباء‭ ‬التى‭ ‬انتشر‭ ‬فيها‭ ‬المرض‭ ‬وتفشَّى؛‭ ‬كفيروس‭ (‬كورونا‭ ‬كوفيد‭-‬19‭) ‬أحد‭ ‬فيروسات‭ ‬كورونا‭ ‬التاجيَّة،‭ ‬والذى‭ ‬أفادت‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ (‬WHO‭) ‬أنه‭ ‬ينتشر‭ ‬بسرعة‭ ‬فائقة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬العدوى‭ ‬بين‭ ‬الأشخاص،‭ ‬سواء‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفسى‭ ‬والرذاذ‭ ‬المتناثر‭ ‬من‭ ‬الأنف‭ ‬أو‭ ‬الفم‭ .‬

وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬وفى‭ ‬واقعة‭ ‬السؤال‭: ‬فاجتياح‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬لأنحاء‭ ‬العالم‭ ‬يوجب‭ ‬شرعًا‭ ‬اتخاذَ‭ ‬الإجراءات‭ ‬الوقائية‭ ‬والاحترازية‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬بعدواه،‭ ‬ومنها‭ ‬تركُ‭ ‬المصافحة‭ ‬باليد‭ ‬لمن‭ ‬يُخشَى‭ ‬انتشار‭ ‬العدوى‭ ‬منه‭ ‬أو‭ ‬إليه؛‭ ‬حذرًا‭ ‬من‭ ‬الإصابة‭ ‬بعدوى‭ ‬الوباء‭ ‬القاتل،‭ ‬لِما‭ ‬ثبت‭ ‬من‭ ‬سرعة‭ ‬انتقاله‭ ‬بين‭ ‬الأشخاص‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬العدوى‭ ‬والمخالطة؛‭ ‬حفاظًا‭ ‬على‭ ‬الأرواح،‭ ‬وأخذًا‭ ‬بأسباب‭ ‬النجاة،‭ ‬ويكتفى‭ ‬الإنسان‭ ‬حينئذ‭ ‬بالتحية‭ ‬قولًا،‭ ‬بما‭ ‬يُحصِّل‭ ‬القدرَ‭ ‬المأمورَ‭ ‬به‭ ‬شرعًا‭ ‬لإفشاء‭ ‬السلام‭.‬

القاضى‭ ‬غير‭ ‬المسلم‭ ‬فى‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة

يتيح‭ ‬القانون‭ ‬المصرى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬القاضى‭ ‬مسيحيًّا؛‭ ‬فهل‭ ‬هذا‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬فى‭ ‬شيء؟‭ ‬وهل‭ ‬ينفذ‭ ‬قضاء‭ ‬القاضى‭ ‬حينئذ؟‭ ‬

‭ ‬لا‭ ‬مانع‭ ‬شرعًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬القاضى‭ ‬فى‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬الحديثة‭ ‬مسيحيًّا،‭ ‬وينفذ‭ ‬قضاؤه‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬قد‭ ‬صار‭ ‬حكمًا‭ ‬نهائيًّا‭ ‬باتًّا،‭ ‬وفق‭ ‬المنظومة‭ ‬الإجرائية‭ ‬المعمول‭ ‬بها؛‭ ‬فالقاضى‭ ‬فى‭ ‬الفقه‭ ‬الموروث‭ ‬له‭ ‬مواصافات‭ ‬معينة،‭ ‬وطبيعة‭ ‬عمله‭ ‬وصلاحياته‭ ‬تختلف‭ ‬عنها‭ ‬فى‭ ‬قاضى‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬فى‭ ‬أمور‭ ‬كثيرة؛‭ ‬منها‭ ‬الولاية‭ ‬شرعية‭ ‬التى‭ ‬تجعل‭ ‬حكمه‭ ‬نافذًا‭ ‬إذا‭ ‬حكم‭ ‬بأى‭ ‬مذهب‭ ‬فقهى‭ ‬معتبَر،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يخالف‭ ‬نصًّا‭ ‬جليًّا‭ ‬أو‭ ‬إجماعًا‭ ‬قطعيًّا،‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬يتقيد‭ ‬بقانون‭ ‬ملزم،‭ ‬أما‭ ‬فى‭ ‬الدولة‭ ‬الحديثة‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬المواطنة‭ ‬فالأمر‭ ‬يختلف؛‭ ‬حيث‭ ‬تتعدد‭ ‬السلطات‭ ‬التنفيذية‭ ‬والتشريعية‭ ‬والقضائية‭ ‬وتتكامل‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬ويحكمها‭ ‬القانون‭ ‬الملزم‭ ‬للقاضي،‭ ‬ولا‭ ‬تشترط‭ ‬فى‭ ‬القاضى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مجتهدًا‭ ‬يحكم‭ ‬بما‭ ‬يراه‭ ‬أرجح‭ ‬فى‭ ‬نظره‭ ‬من‭ ‬المذاهب‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تشترط‭ ‬فيه‭ ‬فهم‭ ‬القانون‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬تنزيله‭ ‬على‭ ‬الوقائع‭ ‬والقضايا؛‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬القاضى‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬المنظومة‭ ‬القضائية‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تتوقف‭ ‬عليه،‭ ‬ويكون‭ ‬هو‭ ‬مؤتمنًا‭ ‬على‭ ‬تطبيقها؛‭ ‬فينقض‭ ‬حكمه‭ ‬إذا‭ ‬خالف‭ ‬القانون،‭ ‬ويوضع‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬القيود‭ ‬فى‭ ‬تنفيذ‭ ‬حكمه‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يجعله‭ ‬نافذًا‭ ‬حتى‭ ‬يراجَع‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬الاستئناف،‭ ‬ثم‭ ‬النقض‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬الطعن‭ ‬فيه،‭ ‬وبهذا‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬خرجنا‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬الشخصية‭ ‬للقاضي،‭ ‬إلى‭ ‬سلطة‭ ‬المحكمة‭ ‬التى‭ ‬يعتبر‭ ‬القاضى‭ ‬جزءًا‭ ‬منها،‭ ‬والتى‭ ‬ينقض‭ ‬حكمها‭ ‬إذا‭ ‬خالف‭ ‬القانون‭ ‬أو‭ ‬تفسيره‭ ‬الصحيح،‭ ‬ولا‭ ‬يسمح‭ ‬لحكمها‭ ‬بالتنفيذ‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أخذ‭ ‬حقه‭ ‬فى‭ ‬المراجعة‭ ‬والنظر‭ ‬فى‭ ‬الدرجات‭ ‬القضائية‭ ‬الأعلى‭ ‬عبر‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف،‭ ‬ثم‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬والتى‭ ‬تحاكم‭ ‬الحكم‭ ‬لا‭ ‬المتهم،‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬السعى‭ ‬الحثيث‭ ‬فى‭ ‬رفع‭ ‬الظلم‭ ‬وإقرار‭ ‬العدل‭.‬