رٌكن الحواديت

فى رحاب الإمام الحسين

زكريا عبدالجواد
زكريا عبدالجواد

جعل الله الكعبةَ فى بلاد الحجاز، وملأ صحن مسجد الإمام الحسين بروحانيات تُشبعُ الجوعى لسيرةِ آل بيت النبى  بالقاهرة.
 زياراتى نادرة لصاحب المقام، وأذكرُ فى إحداها أنى رأيتُ وجوهًا لأناسٍ اختلفت ألسنتهم وألوانهم، وتوحدت قبلة محبتهم. 
وكلما ذهبت لهناك يلفتنى مشاوير الحجيج -التى كانت لا تنقطع قبل كورونا - حول الضريح، وأنظرُ بمتعةٍ لأعتابٍ مرشوشةٍ بقبلات المحبين، وأنصتُ لحلقات ذكر.. يؤكد صياح الهائمين فيها.. أن الله واحد أحد.
ويقشعر بدنى من صوت الدراويش الذين يطلبون المدد من المولى ببركة سبط رسول الله ، وأستنشقُ بخورًا.. يتصاعد بدعواتٍ لم يمنعها السقف من الطرق على أبواب السماء؛ توسلا بالطاهرين.
وأنا فى رحاب المقام.. أستحضرُ وقارَ ومكانة الإمام الحسين، وأنسى خلاف المؤرخين حول وجود رأسه بالمقام أم جسده، وأتعامل بيقينٍ أن جزءًا من سيرة الطاهرين هنا.  وكلما خرجتُ من المكانِ..أتأكد أن مسجد الإمام ومشهده.. هو وطن من نفحات الله، خطّ حدوده بالبركات.. ولا يجرؤ شيطان على اختراقه أبدًا.
ما يؤلمنى هناك دراويش الكذب، وأزعجنى جدا - وأنا أتأمل المئذنة البديعة- أحدهم الذى رشّ على رأسى بعضًا من المسك، وبعدها طالبنى بنبرة بلطجي: هات 5 جنيه! فامتعضتُ، وتساءلتُ: كيف لدرويشٍ قلبُه مُعلّقٌ بالسماء أن يحفظ تصنيف فئات ورق العملة؟
هناك..أمام المسجد لا تُصدّق كُرماء الزيف، الذين يجهزون الفخاخ على موائد خصصوها لخداع الغرباء، وسلوكيات لا يرضى عنها الإمام ولاجده العظيم . 
لم أُقَبّل الأعتاب أبدا، ولكنى لا أستنكر فعل الهائمين فى محبة آل بيت النبى إلى هذا الحد، وأصافح سيرةَ ابن أول من آمن من الصبيان، وأول فدائى فى الإسلام.
وعند المغادرة وددت لو أترك فى صندوقه المكتظ بالدعوات رسالةً مكتوبةً -كما يفعل البسطاء- كل سطورها: أشهد المولى بأنى أحبك، وأحب من يُحبكَ يا ابن بنت رسول الله.