العشق الممنوع.. مأساة نجيب الريحاني مع الفتاة صارخة الجمال

نجيب الريحاني
نجيب الريحاني

كان الحب على أيامنا كله سذاجة وبراءة وطهارة، أما الآن أصبحت ثروة كل محب ولهان مجموعة من الألفاظ والمصطلحات المأخوذة عن موسوعات العشق والغرام تتكرر كل ساعة وبنفس الطريقة، ونفس الحماس.

بهذه الكلمات بدأ الفنان نجيب الريحاني مقاله الذي قام بكتابته بمجلة آخر ساعة عام ١٩٤٢ في محاولة لإظهار الفرق بين مغازلة الحبيب للفتاة أو المرأة التي يحبها والمعروفة باللغة العامية "البصبصة" .

اقرأ أيضا| «نيللي» تصدم جمهورها: حياتي «مالهاش طعم»

واستكمل الريحاني قائلا: إن أخلاق النساء في العهد الذي كانوا يعيشونه، يسودها الوقار والاحتشام  أكثر مما يجب، أما الآن فهي التي تغازل، وتتولى تحريك الحواجب، وتحريك الشفايف، وغمز العيون.

وكان الرجل قديما إذا أحب، أحب في هدوء وغازل وعاكس في هدوء أيضا، ويحاول جاهدا أمام محبوبته أن يظهر نفسه رقيقا مؤدبا، أما الآن فالأدب والهدوء والاحترام من جانب سي روميو، معناه أنه نيلة، ولبخة ولخمة وخيشة.

ويصف الريحاني في مقاله المغازلين بأنهم ثلاث طبقات، ابن البلد الذي يقوم بالمعاكسة بطريقة ساذجة حيث يصف محبوبته بأنها شربات وبالوظة، ويناديها من قلبه، (ياميت نجف، يا ميت لطافة، ياصحن البنور).

ويأتي بعد ذلك ابن البلد المثقف الأفندي، الذي يغازل بطريقة أرق وألطف، فيصف الآنسة جولييت بأنها وردة يانعة أو تفاحة أمريكاني طازة، ويأتي بعد هذا ما يعادل قسم الإشارة في السكة الحديد، والطرق التي لا يمكن حصرها، مثل التليفون والجوابات التي تحفظ في شباك البوستة، واليد المرفوعة إلى أعلى بالأصابع مفرودة يعني نتقابل أن شاء الله الساعة ه، والأصبع الذي يشير إلى الأرض معناه نتقابل بكرة، وطرف الأصبع الذي يوضع على الشفايف معناه حبايب.. حبايب وأما نتقابل نتحاسب!

وأوضح أن طرق المغازلة زمان كانت تتمثل في طريقة واحدة، هي المشي ذهابا وإيابا تحت شباك المحبوبة، ومن يوم إلى شهر، وقد يتعرض المغازل الولهان إلى شيئ يسقط فوق رأسه، أو حاجة جامدة ترف على نافوخه، وأنه قد تعرض لمثل هذا النوع ووقع ضحية اغتيال من هذا النوع.

وبخفة دم الريحاني المعهودة أخذ يروي المأساة قائلا: إنه وقع في حب إحدى الفتيات وكانت صارخة الجمال، واتفق معها أن تكون كلمة الأمان بينهما أثناء رغبتهما في اللقاء التحدث هي "فانوس أحمر" حيث كانت تضعه المحبوبة في شباك غرفتها، فيطمئن قلبه ويفهم بأن الطريق خالي، ولا مانع من أن يصعد أول درجات السلم ويتحدثا في أمان، وفي إحدى المرات كان يريد أن يراها، وقلبه يشتعل شوقا، وما إن شاهد الفانوس الأحمر، وأعتقد بأن المحبوبة هي التي وضعته على شباك غرفتها كما كان اتفاقهما، وبهدوء شديد وشجاعة خلع حذاءه وحمله في يده، ونقر على الباب بهدوء وخفيف.. خفيف، وانفتح الباب أيضا بهدوء، وفجأة وبدون مقدمات شعر بأن الحذاء قد انتقل من يده إلى رأسه، وأخذ يتخبط يمينا ويسارا يصطدم بالحائط، واكتشف أن شقيق المحبوبة هو الذي انهال عليه بالضرب، واستقبله بهذه الحفاوة والتكريم بحسب وصف الريحاني.

واختتم الريحاني قائلا: إن رجال الجيل الماضي، وهو في مقدمتهم، كانوا يضعون المرأة على هيكل عال، وينظرون إليها بكثير من التقدير، وكانت تبادلهم شعورهم بشعور مثله، أما الآن فهذا الجيل، فهو جيل بزرميط.. فسدانين.. بايظيين.

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم