نائب وزير الإسكان للمرافق: مياه الشرب ليست سلعة ونوفرها للمواطنين بـ «خُمس» التكلفة

د. سيد إسماعيل نائب وزير الإسكان للبنية الأساسية
د. سيد إسماعيل نائب وزير الإسكان للبنية الأساسية

◄ميزانية المرافق تضاعفت لـ 40 مليار جنيه سنوياً

 ◄950 ألف متر مياه يوميا للعاصمة الإدارية والعلمين الجديدة تكفى 4.5 مليون نسمة

يمكننا أن نقول إن قطاع المرافق فى مصر لم يجد من يحنو عليه طول العقود الماضية، حتى تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الرئاسة ليصب كل اهتمامه على مشروعات التعمير والتنمية والتى ترتبط بمشروعات المرافق والبنية الأساسية وفى ذات الوقت عدم إهمال حق سكان المدن والقرى القائمة فى كوب ماء نظيف وصرف صحى آدمى، وبالفعل ما هى إلا 7 سنوات لنجد أن ميزانية القطاع تضاعفت لتصل إلى 40 مليار جنيه فى السنة وهذا ما تم ترجمته على أرض الواقع من خلال مشروعات ضخمة كـ «حياة كريمة» الذى يخدم 58 مليون نسمة وكل هذا وبدون زيادة فى أسعار الخدمة التى يتم تقديمها بـ «خُمس» تكلفة إنتاجها..

«الأخبار» حاورت المسئول الأول عن قطاع المرافق فى مصر وهو د. سيد إسماعيل نائب وزير الإسكان للبنية الأساسية.. فإلى نص الحوار.
 

- هل مصر تعانى من نقص فى مياه الشرب؟ وما سببها إن وجدت؟


مصر لا تعانى من نقص مياه الشرب تماما وما يحدث فى بعض المناطق وفى بعض الأحيان ليست إلا مجرد أعطال ومشاكل لحظية ووقتية يتم معالجتها وإصلاحها فى وقتها وتعود الخدمة مرة أخرى لسكان هذه المناطق، وهناك تعليمات لكل المسئولين عن أعمال الصيانة والإصلاح فى كل الشركات بأنحاء الجمهورية بضرورة عدم استغراق إصلاح أو صيانة أى أعطال أكثر من 4-6 ساعات حسب خطورة الوضع مع ضرورة إبلاغ السكان والأهالى المتضررين قبلها بوقت كاف لتدبر احتياجاتهم.


- كم تبلغ كميات مياه الشرب المنتجة فى مصر؟ وهل تكفى معدلات الاستهلاك؟


طاقة محطات مياه الشرب والصرف الصحى الفعلية فى مصر تبلغ حوالى 36 مليون متر مكعب فى اليوم بينما الاستهلاك الفعلى للمواطنين 24 مليون متر يوميا والفارق بين طاقة المحطات والاستهلاك يأتى بغرض خدمة الخطط المستقبلية للدولة والتوسعات التى تتم فى المحافظات والمدن لتكفى خطط الدولة حتى 10-15 سنة.


- لماذا تلوح فى الأفق أحيانا شكاوى من وجود ارتفاع فى فواتير مياه الشرب؟


أولا يجب أن نوضح أن المياه ليست سلعة بل نعمة حباها الله لنا ولا تقدر بثمن ويجب الحفاظ عليها، ففى وقت ما يمكن أن تمتلك المال ولكن غير قادر على توفير مياه الشرب.


- كم تبلغ تكلفة إنتاج متر المياه فى مصر؟.. وهل المواطنون يحاسبون طبقا لهذه التكلفة؟


التكلفة تختلف من مكان لآخر حسب مصدرها؛ فالمياه المنتجة من نهر النيل أو المياه السطحية تختلف عن تلك المنتجة من تحلية مياه البحر وعن المنتجة من المياه الجوفية أو الآبار؛ فبالنسبة لمتر مياه تحلية البحر فمتوسط تكلفة إنتاجه تبلغ ما بين 13-15 جنيها للمتر المكعب الواحد فى حين متر المياه السطحية أو مياه النيل فيبلغ متوسط تكلفتها ما بين 2.5-4.5 جنيه للمتر وأخيرا المياه الجوفية فتبلغ ما بين 4-6 جنيهات للمتر لأنها آبار عميقة فتحتاج وحدات إزالة حديد ومنجنيز، أما ما يحاسب عليه المواطن فهو ما يسمى «التعريفة» وهو قيمة تضعها الدولة طبقا لدراسة العديد من العوامل منها إمكانية المواطن على الدفع وترشيد الاستهلاك وتكلفة أداء الخدمة واستمراريتها بجانب أعمال الصيانة والإصلاح لذا يتم تقسيم التعريفة طبقا لشرائح؛ الأولى منها من صفر لـ 10 أمتار بـ 65 قرشا للمتر المكعب الواحد وهو أقل من التكلفة الفعلية البالغة بين 2.5-4.5 جنيه حيث تتحمل الدولة الفارق عبارة عن دعم للمواطن البسيط، أما الشريحة الثانية من 11-20 مترا فسعرها 1.25 جنيه للمتر وهكذا حتى تصل لأعلى شريحة للأكثر من 30 مترا فتصل لـ 3.5 جنيه للمتر وهذه الشريحة غير مدعمة، ومع ذلك يتم محاسبة سكان أى منطقة ومحافظة تستخدم أى نوع من المياه بنفس التعريفة دون زيادة رغم اعتماد البعض على التحلية ذات التكلفة الباهظة.


حياة كريمة

- وما رأيك فى مشروع «حياة كريمة»؟


أرى أن مبادرة «حياة كريمة» هى مشروع الحلم وأشكر الله أننا عشنا حتى هذا اليوم للمشاركة فى هذا المشروع الذى غير شكل الفكر التنموى فى العالم، فهناك 16 جهة دولية أشادت بالمشروع الذى يخدم 58 مليون نسمة خلال 3 سنوات والذى لا يشمل مشروعات صرف صحى فقط بل كل الخدمات المطلوبة لأهالى القرى.


- كيف تخطط الدولة لمد المدن الجديدة وخاصة العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة بمياه الشرب والصرف الصحى؟


حاليا يتم إمداد العاصمة الإدارية الجديدة بـ 300 ألف متر مكعب من مياه الشرب فى اليوم من خلال خطين قادمين من القاهرة الجديدة والعاشر من رمضان لتكفى هذه الكمية 1.5 مليون نسمة وهذا حل مؤقت لحين الانتهاء من محطة ضخمة بطاقة 800 ألف متر فى اليوم تكفى 4 ملايين نسمة تم البدء فى المرحلة الأولى منها بطاقة 400 ألف متر وفى المستقبل سيتم تنفيذ توسعات للمحطة لتكفى بذلك حتى الخطط المستقبلية للمدينة حتى 15 سنة.


- وماذا عن مدينة العلمين الجديدة؟


«العلمين الجديدة» سيتم تغذيتها بمياه منتجة من تحلية البحر، وتم بالفعل الانتهاء من محطة تحلية فى المدينة بطاقة 150 ألف متر مكعب فى اليوم تكفى حوالى نصف مليون نسمة ويجرى حاليا ربط المحطة بالشبكات والخطوط فى مناطق وأحياء المدينة، بينما يتم توفير 90 ألف متر مكعب من المياه لمرسى مطروح بخط قادم من الإسكندرية.


- كم تبلغ طاقة محطات التحلية فى مصر؟ وماذا عن الخطط المستقبلية؟


لدينا 90 محطة تحلية مياه بحر فى مصر بإجمالى طاقة 1.3 مليون تكلف إنشائها 12 مليار جنيه؛ بينها 76 محطة تم الانتهاء منها فعليا بطاقة 850 ألف متر مكعب وتتبقى 14 محطة يجرى الانتهاء منها بطاقة 450 ألف متر، وهذا بخلاف الخطة المستقبلية طويلة الأمد حتى 2050 والتى تستهدف الوصول بحجم الإنتاج إلى 6.4 مليون متر مكعب فى اليوم بتكلفة 134 مليار جنيه، ورغم أن حجم الإنتاج الفعلى الآن وصل لـ 850 ألف متر يوميا إلا إنه كان فى 2014 لا يتعدى 80 ألف متر فى اليوم وهو ما يعنى أنه تضاعف أكثر من 10 مرات وكل الهدف من هذه الخطة استيعاب الزيادات السكنية وخطط المدن والتوسعات العمرانية الجديدة فى المستقبل.


- هل هناك خطة حالية بدأ تنفيذها فى المدن الجديدة لإنشاء محطات تحلية؟


عندما تحدثت عن خطة 2050 المستقبلية فهى مقسمة لخطط خمسية بدأت الخطة الأولى منها 2020-2025 بالفعل وتتضمن تنفيذ محطة تحلية مياه بحر فى مدينة رأس الحكمة الجديدة وهى بطاقة 10 آلاف متر مكعب وهناك أيضا محطة أخرى فى مدينة السويس الجديدة وهما المدينتان اللتان سيتم تدشينهما قريبا أما المحطات التى سيتم تنفيذها بهما فهما من أصل 10 محطات ضمن الخطة الخمسية الحالية.


- ما التقنيات المستخدمة فى مصر لمعالجة الصرف الصحى وإنتاج مياه الشرب؟


لدينا 16 نوعا مختلفا لمعالجة الصرف الصحى فى مصر بينها تقنيات عالمية تم استقدامها ونفس الأمر فى مياه الشرب، فالمحطات المستخدمة فى كل محافظة تختلف عن الأخرى حسب جودة مياه نهر النيل؛ ففى أسوان يتم إنتاج المياه من خلال ترشيح مباشر دون الحاجة لخزانات ترشيح لتنقية المياه لأن جودة المياه فى أسوان أفضل من القاهرة والوجه البحرى، أما فى القاهرة مثلا فالمحطات تختلف لأنها تعتمد على مرشحات وأحواض ترسيب، بينما فى وجه بحرى تكون المحطات أكبر فى الحجم نتيجة زيادة حجم المرشحات والأحواض.


- لماذا احتفى العالم بمحطتى المحسمة وبحر البقر لمعالجة الصرف؟


محطة المحسمة تبلغ طاقتها مليون متر يوميًا وتساهم فى رى حوالى 100 ألف فدان وسط سيناء وهو ما يبرز أهميتها من أجل تنمية شبه جزيرة سيناء، أما محطة بحر البقر فهى بطاقة 5 ملايين متر يوميًا لتكون بذلك أكبر محطة فى العالم وتهدف لتحويل مسار مصرف بحر البقر بدلا من الصب فى بحيرة المنزلة ليتم إنتاج مياه نقية من مياه المصرف وفى ذات الوقت إنقاذ البحيرة من التلوث وتنمية الثروة السمكية وحماية البيئة، وعند تنفيذ هاتين المحطتين تم تحليل عينات على مدار سنة لنجد أن المياه فى مصرفى المحسمة وبحر البقر أقرب ما يكون للمعالجة الثنائية وهذا معناه أن المحطة التى سيتم تنفيذها لا تحتاج إلى مرحلتى المعالجة الابتدائية والثنائية فتم تنفيذ محطات معالجة ثلاثية مباشرة وهو ما خفض تكلفة التنفيذ 25% عن مثيلتها فى حالة حاجة مياه الصرف للمعالجة الثلاثية، وهذا إن دل فيدل على أهمية التقنيات الحديثة المستخدمة فى تحليل المياه.


محطة الحمام

- الجميع ينتظر المحطة الأضخم فى مصر والعالم وهى محطة «الحمام».. حدثنا عنها؟


محطة الحمام بطاقة 6.5 مليون متر مكعب فى اليوم وتنفذها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لمعالجة الصرف الزراعى وذلك لخدمة مشروع الدلتا الجديدة، وهذه المحطة معنية بمعالجة مياه المصارف الزراعية فى المنطقة الغربية من مصر والتى تبلغ جودتها ما بين 70-80% بغرض الوصول إلى جودة 100% تصلح لاستخدامها مرة أخرى.

- تعد محطة معالجة الجبل الأصفر من أضخم محطات العالم.. فهل هناك خطة لتوسعتها؟

تعتبر محطة صرف صحى الجبل الأصفر محطة عملاقة بطاقة 2.5 مليون متر مكعب فى اليوم، وهناك توسعات لها بطاقة مليون متر مكعب لتكون أكبر محطة فى العالم فى معالجة الصرف الصحى بعدما كانت المكسيك صاحبة لقب أكبر محطة فى العالم بطاقة 3.2 مليون متر مكعب، ولكننا سبقنا المكسيك من قبل بمحطتى المحسمة وبحر البقر إلا أنها محطات لمعالجة الصرف المختلط «زراعى وصناعى وصحى»، ويجرى حاليا التخطيط للمرحلة الجديدة من توسعات الجبل الأصفر من خلال الدراسات الإنشائية والتصميمية مع الاستشارى ودراسات توفير مصادر التمويل لبدء الإنشاءات فى أقرب وقت، ويجب أن أوضح أن هذا المشروع يتميز بتقنية معالجة الحمأة التى تولد الكهرباء لتشغيل المحطة لتوفر 10 ملايين جنيه تكلفة استهلاك الكهرباء فى حال دفع فاتورة كهرباء تشغيل المحطة.

- هل تجد وزارة الإسكان اهتماما من الدولة بقطاع المرافق؟

يكفى أن أقول إن ميزانية قطاع المرافق فى مصر منذ 8 سنوات كانت تبلغ 5 مليارات جنيه بينما تضاعف هذا المبلغ 8 أضعاف ليصل إلى 40 مليار جنيه سنويا ليؤكد على اهتمام الدولة بهذا القطاع واحتياجات المواطن من خدمة خاصة بمياه شرب نقية وصرف صحى آدمى.

- هل هناك محطات ضخمة أخرى ستدخل الخدمة قريبا؟


هناك بالطبع محطة أبو رواش للصرف الصحى بطاقة إجمالية 1.6 مليون متر مكعب فى اليوم والتى ستخدم ما بين 7-9 ملايين نسمة من سكان الجيزة وأكتوبر ويجرى تنفيذها من خلال الجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف الصحى حيث تم إنهاء المرحلة الأولى منها بطاقة 1.2 مليون متر معالجة ابتدائية ثم تم تحويلها لثنائية بجانب إضافة 400 ألف متر توسعات جديدة لتشهد حاليا تجارب التشغيل على أن يتم افتتاحها رئاسيا قبل نهاية العام بتكلفة 2 مليار جنيه كما يجرى العمل على تشغيل تقنية معالجة الحمأة لتوليد الكهرباء اللازمة لتشغيل المحطة بجانب دراسة عمل توسعات جديدة لها لتصل إلى طاقة 2 مليون متر فى اليوم وذلك بعد توجيهات من رئيس الوزراء خلال تفقده الأخير لها.

- وكيف ستتعامل الدولة مع أزمة مصرف كوتشنير الملوث لنهر النيل؟

تم توفير التمويل الخاص بمشروع مصرف كوتشنير ودراسة الأمر مع الاستشارى حيث نستهدف توصيل الصرف لكل القرى الملوثة للمصرف خلال 3 سنوات وجزء منها سيتم تنفيذه ضمن مبادرة «حياة كريمة».

- هل يتم الاهتمام بالأفكار والابتكارات الجديدة فى قطاع المرافق؟

هناك لجنة بالفعل مشكلة من وزير الإسكان لمراجعة ودراسة كل الأفكار المتعلقة بتكنولوجيات حديثة فى مجال المياه والصرف حيث تضم هذه اللجنة متخصصين من الهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحى والجهاز التنفيذى للمياه والصرف ومركز بحوث البناء والإسكان.


- هل تم تطبيق مثل هذه التقنيات على أرض الواقع؟

تم بالفعل تطبيق تقنية جديدة هى تقنية الترشيح المباشر فى 7 محطات جديدة منها محطة جزيرة الدهب والتى سيتم افتتاحها قريبا.