69 عامًا على اغتيال أول عالمة ذرة مصرية

الدكتورة سميرة موسى   --   راقية إبراهيم
الدكتورة سميرة موسى -- راقية إبراهيم

فى 15 أغسطس من عام 1952، لقت د. سميرة موسى أول عالمة ذرة مصرية حتفها في الولايات المتحدة الأمريكية فى ظروف غامضة، وكان كل أمانيها كما قالت: «أمنيتى أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين».

ويؤكد الكثيرون شبهة اغتيالها على يد الموساد الإسرائيلي لسعيها لنقل تكنولوجيا الذرة من أمريكا إلى مصر والعالم العربى فى تلك الفترة المبكرة، بل ذهب البعض إلى اتهام الممثلة المصرية اليهودية راقية إبراهيم بالضلوع فى عملية اغتيال العالمة سميرة موسى، وهذه المعلومات تم تأكيدها على لسان حفيدتها «ريتا ديفيد توماس» من زوجها الأمريكى اليهودي الذي تزوجته عقب هجرتها من مصر سنة 1954.

فقد كشفت من واقع المذكرات الشخصية للممثلة راقية إبراهيم، التى كانت تخفيها وسط كتبها القديمة فى شقتها بكاليفورنيا، عن أن جدتها أسهمت بشكل رئيسى فى اغتيال وتصفية عالمة الذرة المصرية د. سميرة موسى مستغلة علاقة الصداقة التى كانت تجمعهما، ما جعل سميرة موسى تسمح لها بالذهاب لمنزلها وتصويره بشكل دقيق.

وتقول حفيدتها إن جدتها استطاعت سرقة مفتاح شقة د. سميرة موسى وطبعته على «صابونة» وأعطتها لمسئولى الموساد وبعد أسبوع قامت راقية إبراهيم باستدراج سميرة موسى للعشاء خارج المنزل مما أتاح لضابط الموساد دخول شقة د. سميرة موسى وتصوير أبحاثها ومعملها الخاص.

وتقول «ريتا» - حفيدة راقية إبراهيم - إن جدتها تعرفت على د. سميرة موسى ووثقت علاقتها بها في أثناء وجودها في الولايات المتحدة عن طريق صديقة لها هي التي استقبلت سميرة عند وصولها للولايات المتحدة، وكانت هذه الصديقة المشتركة تخبر راقية إبراهيم بجدول مواعيد وتحركات سميرة في الولايات المتحدة.

ووفقاً لكلام حفيدتها أنها اكتشفت من أوراق جدتها أنها هي التي قامت بإبلاغ الموساد الإسرائيلى بموعد زيارة د. سميرة موسى إلى أحد المفاعلات النووية فتم اغتيالها فى حادث سيارة يوم 15 أغسطس 1952، وبرغم مرور 69 عاما على رحيل د. سميرة موسى مازال حادث اغتيالها محاطاً بالغموض، وما جاء على لسان حفيدة راقية إبراهيم - رغم خطورة ما يشير إليه - يعتبره البعض كلامًا مرسلًا خاليًا من الأدلة المادية.

ولدت سميرة موسى فى 3 مارس 1917 بقرية « سنبو» بمركز زفتى بالغربية، عرفت بنبوغها منذ الصغر، وحصلت على المركز الأول بين قريناتها فى مدارس القاهرة، وحصلت على المركز الأول فى شهادة البكالوريا.

والتحقت بكلية العلوم بجامعة فؤاد الأول التى تخرجت فيها سنة 1939 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف وكانت الأولى على دفعتها، فكانت أول معيدة يتم تعيينها بإصرار من عميد الكلية العالم د. مصطفى مشرفة.

وحصلت بعد ذلك على الماجستير بامتياز فى التواصل الحرارى للغازات، ثم سافرت إلى بريطانيا فى بعثة لمدة 3 سنوات وحصلت على الدكتوراة فى أقل من عامين فى الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة فكانت أول امرأة عربية تحصل على الدكتوراة.

واستغلت الفترة المتبقية من البعثة فى دراسة الذرة وإمكانية استخدامها فى العلاج والأغراض السلمية، ولفت انتباهها بعد عام 1948 اهتمام إسرائيل المبكر بامتلاك أسلحة الدمار الشامل وسعيها للانفراد بالتسلح النووى فى المنطقة فكانت تحلم بأن تحتل مصر والدول العربية مكاناً بين الدول التى تمتلك سلاحا نوويا إذ كانت تؤمن بأن ملكية أى دولة لسلاح نووى يسهم فى تحقيق السلام، فالدول التى تتبنى فكرة السلام لا بد وأن تتحدث من موقف قوة.

وأسست هيئة الطاقة الذرية بعد 3 أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948، وكانت عضوا فى كثير من اللجان العلمية المتخصصة على رأسها «لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية» التى شكلتها وزارة الصحة المصرية، وحصلت عام 1951 على منحة دراسية لدراسة الذرة بجامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية.

وأظهرت نبوغا منقطع النظير فى أبحاثها فسمح لها بزيارة معامل جامعة سان لويس بولاية ميسورى الأمريكية والتى تحاط نتائج التجارب بها بالسرية الشديدة، وتلقت عروضًا مغرية لكى تبقى فى أمريكا لكنها رفضت قائلة: «ينتظرنى وطن غالٍ يسمى مصر»، كانت تنوى إنشاء معمل خاص لها فى منطقة الهرم، لكن يد الغدر طالتها عندما لقت حتفها، فقبل الذهاب إلى المفاعل جاءها اتصال هاتفى بأن مرشدا ًهنديا ًسيكون بصحبتها فى الطريق إلى المفاعل وهو طريق جبلى كثير المنحنيات وعلى ارتفاع 400 قدم وجدت سميرة موسى أمامها فجأة سيارة نقل كبيرة كانت متخفية لتصطدم بسيارتها وتسقط بقوة فى عمق الوادى بينما قفز المرشد الهندى الذى أنكر المسئولون فى المفاعل الأمريكى بعد ذلك أنهم أرسلوه.

من كتاب «اغتيال العلماء»