«مجتمع متدين بطبعه».. هل ينتصر «الالتزام» على العنف الأسري؟

 د. آمنة نصير
د. آمنة نصير

الدين المعاملة .. والحب والسلام هو اساس التعامل الانسانى بين البشر.. هذه هى القيم والمبادئ التى تربى عليها اجيال واجيال على مر العصور والتى طالما ترسخت فى مجتمعنا ، فمقولة نحن مجتمع متدين بطبعه ارتبطت بالمصريين ، فهل ينتصر الالتزام الدينى للمصريين بشكله الحالى على العنف الاسرى..

فى الآونة الاخيرة شاهدنا العديد من حوادث العنف الاسرى وهو ما يستنكره الدين والعلم والثقافة والتربية ، فقد اشار القمص بولس عويضة استاذ القانون الكنسى الى ان العنف الاسرى من المصطلحات المفزعة ومن الظواهر المخيفة التى كثيرا ما نسمع عنها فى الآونة الاخيرة ، فالاسرة اساس المجتمع وقوة بنائه تأتى من قوة أفراد الاسرة الواحدة ، حيث ان الانسان عندما خلق كان وحيدا فى الدنيا وعندما خلق الله حواء من ضلع آدم الايمن وحكمته فى ذلك لكى تكون له سند وقوة وامان ، وعندما يحدث عنف بين الطرفين يكون قد خرج الله من بينهم .

لذلك يجب على الرجل ان يسعى لإرضاء زوجته لانها كائن رقيق ناعم لا يحتمل العنف او الاهانة ، كما ان الاطفال هم مرآة ابائهم وامهاتهم ولابد من مراعاة طرق التعامل بين الاب والام امام اطفالهم وان يتجنبوا الصراخ او الاهانات بالالفاظ النابية او الضرب لان ذلك ينتج عنه خروج اطفال للمجتمع غير اسوياء نفسيا او اجتماعيا او اخلاقيا.

واشار عويضة الى ان الذى يحدث الآن من انتشار كبير للعنف بن افراد الاسرة الواحدة ماهو الا نتيجة لغياب القدوة الانسانية السوية فى كل بيت حيث ان الاب والام هما اساس المحبة والمودة فى كل بيت فعندما يرى الفتى اباه يتعدى على امه او ترى الفتاة والدتها تتعدى على ابيها ستنكسر الصورة البراقة التى يرسمها الطفل لأبيه وامه بل وسيقوم بالاعتداء على افراد اسرته وزملائه للتعبير عن غضبه فى مختلف المواقف .

وأوضح عويضة الى ان هناك العديد من الحلول للحد من الظاهرة والتعامل معها بحكمة من اجل التغلب عليها عن طريق اعادة ترتيب التعاملات بين افراد الاسرة الواحدة بالمنزل وان يتم استعادة الاب لوقاره وان استعادة الام لاحترامها بين افراد اسرتها ومن زوجها وابنائها .

وأكد ان الدين الاسلامى والمسيحى أكدا أهمية التعامل بحب وسماحة وود بين افراد الاسرة الواحدة ففى الانجيل جاء: « اكرم اباك وامك « وفى القرأن جاء: «ولا تقل لهما اف ولا تنهرهما» وفى الحديث الشريف قال:  امك ثم امك ثم امك ثم ابوك» ومن هنا يأتى دور الاسرة والمجتمع بإعطاء الاولوية للتعاملات والمناسبات الاسرية وألا نبالغ فى الاهتمام بالامور المادية والاحوال الاقتصادية للدرجة التى تعكر صفو الاسرة ولم شملها .

واقترح عويضة ان تقوم الاسرة بتخصيص يوم اسبوعيا لتفرغ جميع افراد الاسرة لكى يقضيه الاب والام والابناء سويا بدون هواتف محمولة او تليفزيون لكى تجتمع الاسرة فى غرفة واحدة يتحدثون سويا ويلعبون ألعابا مسلية من اجل الاستمتاع بلم شمل الاسرة مرة اخرى .

ظاهرة مرضية

وفى نفس السياق استنكرت د. آمنة نصير استاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الازهر العنف الاسرى الذى انتشر فى الآونة الاخيرة موضحة أنه أمر مستحدث على الشعب المصرى والتى اصبحت خطرا داهما يهدد أفراد الاسرة بل والمجتمع بأكمله ، واكدت انها تفاجأت بوجود حوادث عنف مفزعة يرتكبها الآباء تجاه ابنائهم او تجاه زوجاتهم او العكس ، وهو يعد حالات شاذة بالطبع ولكنها تدق ناقوس الخطر ، لتنبهنا الى اهمية الالتفات الى معالجتها .

وأشارت الى أن تكاتف كافة جهات الدولة سيكون الحل الامثل للتعامل مع الظاهرة والقضاء عليها بشكل سليم وسريع ، فهناك دور فعال لابد وان يقوم به اساتذة علم النفس والاجتماع من اجل البحث فى اسباب الظاهرة وانتشارها ، حيث إن الوصول الى اسباب المشكلة نصف الطريق لحلها وبذلك نكون قد اقتربنا من الحلول الى حد كبير ، كما ان الاعلام ايضا عليه دور كبير فى عدم اذاعة الافلام والمسلسلات التى تحتوى على مشاهد كثيرة من العنف والقتل والدموية فى التعامل لأن ذلك يؤثر بالسلب على أفراد الاسرة بشكل عام وعلى الاطفال والشباب بشكل خاص .