الدول الكبرى تتجاهل دعوة «منظمة الصحة» لوقف الجرعة الثالثة من اللقاحات

منظمة الصحة العالمية
منظمة الصحة العالمية

مرام عماد المصرى

فى الوقت الذى تكافح فيه بعض البلدان للحصول على الجرعات الأولى من لقاحات كوفيد-19، تمضى دول أخرى فى خططها لتقديم جرعات ثالثة تطلق عليها «معززة» تكميلية لشعوبها..

وبسبب تلك الفجوة بين أعداد متلقى اللقاح فى الدول الغنية والفقيرة، طالبت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضى الدول الغنية بتجميد توزيع الجرعات المعزِّزة للقاحات المضادة لفيروس كورونا حتى سبتمبر المقبل على الأقل سعيا لتضييق الهوة التى تفصل بين الدول الغنية والأخرى الفقيرة فى نسبة توافر اللقاحات.


وطالب مدير المنظمة تيدروس أدهانوم جيبرييسوس الدول التى أعلنت عن تخصيص جرعات معززة لشعوبها بتوفير تلك الجرعات للدول الفقيرة بدلاً من ذلك، لرفع نسب المحصنين ضد فيروس كورونا..

الا ان ألمانيا وفرنسا اعلنتا الاستمرار فى خططهما إعطاء جرعة ثالثة من لقاحات كورونا لكبار السن والأكثر عرضة للإصابة اعتباراً من سبتمبر، فى تجاهل لتوصية الصحة العالمية التى دعت إلى توجيه اللقاحات إلى الدول الفقيرة.


كما رفض البيت الأبيض دعوة المنظمة لتجميد توزيع جرعات اللقاح المعزِزة ضد كوفيد 19 معتبراً أن الولايات المتحدة «ليست بحاجة» إلى أن تختار ما بين توزيع جرعات معزِزة أو إرسال هبات إلى الدول الفقيرة وفى بيان يشيد بـ «السخاء الأمريكي»، أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة قدمت إلى العالم كمية من اللقاحات أكثر مما قدمته «جميع الدول الأخرى مجتمعة»


وانها أرسلت 111.701.000 جرعة لقاح إلى أكثر من ستين دولة، وقدمت القسم الأكبر منها عبر آلية «كوفاكس» الدولية لتوفير لقاحات إلى الدول الفقيرة.
وتندد المنظمة منذ أشهر بعدم وصول اللقاحات بشكل متساوٍ إلى الدول ومن أصل أربعة مليارات جرعة أُعطيت حول العالم، ذهبت 80% منها إلى البلدان مرتفعة ومتوسطة الدخل، فى حين يعيش فيها أقل من 50% من سكان العالم.


وقال مسئولون كبار فى منظمة الصحة العالمية، إنه يتعين على الدول الأكثر ثراء التى تتمتع بتغطية واسعة للقاحات أن تعطى الأولوية لإرسال الجرعات إلى أولئك الذين يواجهون نقصًا قبل أن تبدأ فى إعطاء جرعات إضافية لسكانها.


ومع قيام عدد صغير من البلدان الغنية نسبيًا فى الأشهر الأخيرة، المضى قدمًا فى حملات التطعيم ضد فيروس كورونا، حثت منظمة الصحة العالمية وخبراء الصحة العامة والدعاة على بذل المزيد من الجهد لمشاركة الجرعات وزيادة الإمدادات العالمية.


وشددت المنظمة مرارا وتكرارا على أن التوزيع غير المتكافئ للجرعات ليس أمرًا غير أخلاقى فحسب، بل يمكن أن يوسع الوباء عن طريق إطالة فترات الإغلاق وإعطاء الفيروس مجالًا للانتشار والتحول فى السكان غير الملقحين.


ويقول المسئولون فى الولايات المتحدة إن الجرعات المعززة ليست ضرورية بعد. لكن هناك قلقًا متزايدًا بين بعض مسئولى الصحة بشأن الحاجة الملحة لإعطاء جرعات إضافية للأشخاص الذين يعانون من ضعف فى جهاز المناعة وسط مخاوف متزايدة من متحور دلتا.


وعلى الرغم من أن عددًا متزايدًا من البلدان تدرس الحاجة إلى الجرعة الثالثة إلا أنه لا يوجد إجماع علمى حتى الآن على أنها ضرورية، ولم تتم الموافقة عليها من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.


وجاء تفكير عدد متزايد من الدول فى طرح جرعات ثالثة بسبب المخاوف من أن جرعتين من اللقاح لا توفران حماية كافية ضد متحور دلتا شديد العدوى ، التى تم اكتشافها الآن فى 132 دولة .


ومنذ الصيف الماضي، أبرم عددا صغيرا من الدول الغنية نسبيًا صفقات مباشرة مع مصنعى اللقاحات، مما أدى إلى اقتناص حصة غير متكافئة من الإمداد على المدى القريب وتقويض الجهود التى تدعمها منظمة الصحة العالمية، والمعروفة باسم كوفاكس ، لتوزيع اللقاح بشكل عادل.


ويهدف كوفاكس إلى تقديم ما يصل إلى مليارى جرعة هذا العام ، مع التركيز على تطعيم 20% من سكان البلدان المشاركة المحتاجة. وقد قدمت حتى الآن أقل من 178 مليون جرعة إلى 138 دولة.


ويجتاح متحور دلتا القارة الافريقية مما يجعلها الآن فى المرحلة الأكثر صعوبة من تفشى الوباء، إذ تمتلئ المستشفيات، وتتعرض إمدادات الأكسجين والعاملون فى المجال الطبى للإجهاد.


وفى الوقت الذى تزداد فيه حدة مخاطر فيروس كورونا مع انتشار المتحور «دلتا» فى عديد من دول العالم، لم يتم تطعيم سوى ١ % فقط من الأفارقة بالكامل، وحتى هدف الاتحاد الأفريقى المتمثل فى تطعيم 20 % من القارة بحلول نهاية هذا العام يبدو غير مرجح..


فمن غير المحتمل أن تزداد الإمدادات للدول الأفريقية كثيرًا فى الأشهر القليلة المقبلة، مما يجعل اللقاحات الأكثر فاعلية ضد كوفيد، قليلة الاستخدام فى الموجة الحالية. وبدلاً من ذلك، فمن المتوقع ان تلجأ العديد من الدول إلى الإغلاق..

حتى بعد عام من الآن، قد لا تكون الإمدادات كافية لتلبية احتياجات 1.3 مليار نسمة فى إفريقيا ما لم تشارك الدول الغنية من مخزونها وتعيد التفكير فى كيفية التوزيع العادل.
مرام عماد المصرى