تستهلك المياه بشراهة.. وتدمر شبكات الصرف ومواسير المياه

الشجرة الملعونة

شجرة البازروميا
شجرة البازروميا

 عبدالمحسن الفرماوى

بينما تسير الدولة فى خطتها نحو التوسع فى زراعة الأشجار المثمرة ذات القيم الاقتصادية والموفرة للمياه، بهدف إعلاء قيم الجمال والحد من التلوث البيئى، وتحقيق الاستفادة القصوى من وحدتى الأرض والمياه، تنتشر فى شوارعنا العامة والميادين وأمام المنازل والمصالح الحكومية، شجرة تسمى البازروميا∪ أو الكونو كاربس∪، عديمة الجدوى الاقتصادية، التى تستهلك المياه بشراهة، وتتسبب فى العديد من المخاطر أبرزها انسداد شبكات الصرف الصحى، وإتلاف مواسير المياه. 

المهندس محمد عبد المنعم، رئيس الإدارة المركزية للتشجير بوزارة الزراعة واستصلاح الاراضى، يؤكد أن شجرة البازروميا أو الكونوكاربس∪ منشؤها فى دول القرن الإفريقى خاصة الدول المطلة على السواحل، وهى شجرة تتحمل درجات الحرارة العالية حتى 60 درجة مئوية، وكذلك درجات الملوحة العالية، لذلك تنتشر بكثرة فى الدول الحارة مثل السعودية والكويت والعراق خصوصًا مدينة البصرة، وأيضًا تنتشر فى بعض دول آسيا مثل باكستان وإندونسيا، وفى عام 1970 تم زراعة شجرة البارزوميا فى الولايات المتحدة الأمريكية بالولايات الحارة كأريزونا ولوس أنجلوس، حتى وصلت إلى 40 مليون شجرة.

أضاف، أنها من الأشجار التى تمتص المياه بشراهة شديدة، وتشير بعض الدراسات إلى أن ثمارها لها رائحة غير مقبولة بعد سقوطها على الأرض، كما أن جذورها تحتوى على شعيرات دقيقة تدخل لشبكات المياه، وأيضًا شبكات الصرف الصحى، ثم تنمو داخلها بشكل كثيف وتتسبب فى إغلاقها، كذلك تؤدى لإتلاف بلاط الأرصفة بالشوارع، وخلع الأسوار من أماكنها.

وعن أسعارها قال عبدالمنعم: تعتبر أسعارها زهيدة بالنسبة لأسعار الأشجار الأخرى حيث يبدأ سعر الشجرة الواحدة بـ10 جنيهات ويصل لـ40 جنيهًا بحسب حجمها، وهناك إقبال كبير على شرائها وزراعتها فى المناطق الصحراويه والقرى السياحية.

المهندس فتحى متولى، مدير عام مشتل جروبى السابق التابع لوزارة الزراعة، يؤكد أن معهد علوم النباتات فى بريطانيا أجرى عدة دراسات على شجرة البازروميا وتبين أنها شجرة عادية، ولا توجد لها أى أضرار على صحة الحيوان، فمثلًا نرى فى السعودية أن أعدادا كبيرة من الجمال تتغذى على شجرة البازروميا المنتشرة فى الصحراء، وبالتالى نؤكد أنها شجرة غير سامة.

فتحى، أوضح أن من أهم أضرار البازروميا أنه عند زراعتها بجوار المبانى أو حدائق المنازل، فإن جذورها المتشعبة فى الأرض تؤدى إلى تشقق المبانى، وتخترق مواسير الصرف الصحى وتكسرها، حيث إن جذورها تبحث عن المياه أسفل المبانى داخل شبكات الصرف الصحى، مما يؤدى لانسداد شبكات الصرف.

ونصح فتحى، بزراعتها بجوار المجارى المائية لأنها تمتص كميات كبيرة من المياه، علمًا بأنها شجرة طاردة للذباب كما أنها تستخدم فى المناطق المكشوفة لتوفير الحماية لباقى أجزاء المزارع والنباتات من الرياح الشديدة التى قد تؤدى لتلف النباتات الضعيفة.

الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين، أكد أن شجرة البازروميا، ليس لها أى قيمة اقتصادية، وضارة بالبيئة، وتستهلك مياها بمعدلات مرتفعة، مشيرًا إلى أن النقابة تدعم التوسع فى زراعة الأشجار المثمرة ونباتات الزينة المزهرة بدلا منها واستبدالها بزراعة أشجار التوت والنبق.

وقال خليفة، إنها شجرة مستوردة وليست محلية كما أنها تتميز بسرعة النمو وتتحمل القص والتشكيل الهندسى والمناخ الجاف والحرارة العالية فى الصيف وانخفاض درجات الحرارة فى الشتاء، لكن لها العديد من الأضرار خاصة عند زراعتها بالمنازل أو القرى السياحية فهى مدمرة بسبب القدرة القوية لجذورها على اختراق الجدران إذا تعرضت للعطش حيث تتسم جذورها بقوة خارقة فى سبيل الحصول على المياه مما يؤدى لتشقق الجدران والطرق والأرصفة بالشوارع، كما تدمر السيراميك وأثاثات المنازل.

الدكتور ممدوح الشامى، رئيس قسم الحدائق النباتية بمعهد بحوث البساتين التابع للمركز القومى للبحوث الزاعية، يؤكد أن الشجرة لا تسبب أى خطورة على صحة الأطفال أو كبار السن لكن خطورتها تكون على شبكات المياه  والصرف الصحى، لافتًا إلى أنه يُمكن تجنب هذه المشكلة عن طريق التحكم فى ارتفاعها بحيث لا يزيد عن متر واحد، وبالتالى يكون جذر الشجرة بعمق متر واحد أيضًا، حيث يتساوى طولها مع جذرها، وبالتالى نتجنب أضرارها الجسيمة على المبانى وخطوط وشبكات المياه والصرف.

من جانبه، قال الدكتور عمرو ربيع، أستاذ الغابات بمعهد بحوث البساتين التابع لمركز البحوث الزراعية: لا بد من الأخذ برأى أهل الخبره فى زراعة الأشجار، واختيار المكان المناسب لزراعتها، وهذه الشجرة تحديدًا ذات أشكال هندسية مختلفة لكن يجب زراعتها بعيدًا عن المبانى وشبكات الصرف، ويجب دراسة أماكن زراعتها من حيث توافر مصدر المياه، ومدى قربها من الأرصفة والمنشآت، حتى نستفيد منها، خصوصًا أنها تمتص ثانى أكسيد الكربون، وتقلل من حرارة أشعة الشمس فى النهار، بالمناطق السياحية كالغردقة.. الدكتور محمد فوزى، مدير حديقة الأورمان، يرى أن شجرة البازروميا، تحتاج إلى تقليمها باستمرار حتى لا تشكل خطرًا على الأسوار والمبانى، كما يجب زراعتها على بعد متر أو مترين من الأسوار مع التحكم المستمر فى طولها وتوفير مصدر دائم للمياه لها.

الدكتور رمضان محمد، رئيس قسم الأشجار الخشبية بمعهد بحوث البساتين، نصح بعدم زراعة البارزوميا بالمدن، وخصوصًا بجوار شبكات المياه والصرف، وكذلك تجنب زراعتها بالشوارع الضيقة، لافتًا إلى أنها شجرة دائمة الخضرة طوال العام، ويمكن أن تعيش على المياه المالحة.