هل هناك تعارض بين الرحمة بالحيون وذبحه؟.. هيئة كبار العلماء تجيب

 الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء
الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء

أكد الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء أن هناك فهم خاطئ  يظن البعض فيه  أن ذبح الحيوان يتعارض مع الرفق والرحمة به ؛ فلقد اهتم الإسلام بالحيوان، وأكد على ضرورة التعامل معه بالرأفة والرحمة ،فهو مسخر للبشر، وغير قادر على التعبيرعن احتياجاته وآلامه، ولذلك كان الاهتمام به أكبر، فنرى رسول الله ﷺ ينهى عن قتل العصفور فقال: «ما من إنسان يقتل عصفوراً فما فوقها بغير حق إلا سأله الله عز وجل عنها» (رواه النسائي) ويبين أن الإساءة للحيوان وتعذيبه والقسوة معه تدخل الإنسان في عذاب الله ونار جهنم والعياذ بالله فيقول النبي ﷺ: «دخلت امرأة النار في هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض» (رواه البخاري ومسلم).

و اشار جمعة إلى أن  الإسلام جعل دخول الجنة جزاء للرفق بالحيوان، وأن الرفق به قد يكون سبباً في تجاوز الله عن كبائر وقع فيها الإنسان، فقال ﷺ: «بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به» (رواه البخاري ومسلم).

وقال ﷺ: «بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئراً فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ بي، فنزل البئر فملأ خُفه ثم أمسكه بفيه فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له»، قالوا: يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجراً؟ فقال: «نعم في كل ذات كبد رطبة أجر» (رواه البخاري ومسلم).

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله ﷺ في سفر فانطلق لحاجته فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحُمرة، فجعلت تفرش، فجاء النبي ﷺ فقال: «من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها» (رواه أبو داود).

و شدد جمعة على أن الإسلام حرم قتل الحيوان جوعاً أو عطشاً، وحرّم المكث على ظهره طويلاً وهو واقف، وحرّم إرهاقه بالأثقال، والأعمال الشاقة وحرّمت الشريعة التلهي بقتل الحيوان كالصيد للتسلية لا للمنفعة، واتخاذه هدفاً للتعليم على الإصابة، ونهى الإسلام عن كي الحيوانات بالنار في وجوهها للوسم أو تحريشها ببعضها بقصد اللهو، وأنكر العبث بأعشاش الطيور وحرق قرى النمل.

وقد أوجب الإسلام نفقة مالك الحيوان عليه فإن امتنع أُجبر على بيعه أو الإنفاق عليه أو تسييبه إلى مكان يجد فيه رزقه ومأمنه وإذا لجأت هرة عمياء إلى بيت شخص وجبت نفقتها عليه حيث لم تقدر على الانصراف.

و أضاف جمعة أن  المسلمين لم يعاقبوا  الحيوان بما جنى على غيره، وإنما عاقبوا صاحبه إذا فرّط في حفظه وربطه ومنعوا أن يؤجّر الحيوان لمن عُرف بقسوته على الحيوان خشية أن يجور بقسوته وغلظته عليه.

وراعى الإسلام الحالة الصحية للحيوانات وأمر بالحجر الصحي عند انتشار الأوبئة والأمراض المعدية للحفاظ على باقي الحيوانات قال النبي ﷺ : «لا يُورِدن ممرض على مُصح» (رواه البخاري ومسلم) والممرض الذي له إبل مرضي والمصح: صاحب الصحاح وهو نهي للممرض أن يسقي أو يرعى إبله المصح لأن ذلك من الأسباب العادية للمرض إذ الجرب الرطب قد يكون بالبعير فإذا خالط الإبل أو حككها أو أوى إلى مباركها وصل إليها بالماء الذي يسيل منه.

وقد حوّل المسلمون الرحمة بالحيوان في حضارتهم إلى واقع معيش فأنشأوا مساقي الكلاب وفي العصر المملوكي وبالتحديد في تكية محمد بك أبو الذهب بنيت صوامع للغلال لتأكل منها الطير وأنشأوا مبرات للبيطرة وصيروها علماً لتخفيف الألم عن الحيوان.

و أكد الدكتور على جمعة أن الإسلام أحاط الحيوان بالرأفة والرحمة فكيف يمكننا الجمع بين الرحمة والرأفة بالحيوان وبين الأمر بذبحه سواء لأكله أو تقرباً إلى الله سبحانه وتعالى؟

و هناك اتفاق بين البشر على منفعة أكل لحوم الحيوانات مأكولة اللحم «الجمال البقر الماشية الأرانب» أو الطيور «الدجاج الأوز البط الحمام» ولا يعقل أن يأكل الناس هذه الحيوانات والطيور وهي حية فلابد من قتلها.

إذن فإن عقلاء البشر يتفقون على ضرورة قتل الحيوان للاستفادة من منفعته التي خلقها الله وجاء الإسلام بالإذن في ذلك ، إلا أنه حدد وسيلة ذلك القتل ألا وهي الذبح ،وغير المسلمين من أصحاب الدعوات الحديثة يرون أن قتل الحيوان بالذبح تعذيب له ؛ويرون أنه من الرحمة قتله بالصعق الكهربائي أو الضرب على رأسه ، وهذا أمر يتنافى مع الشرائع السماوية لمختلف الأديان كاليهودية بل ويتنافى كذلك مع التقارير الطبية الحديثة.

ولذلك فلا تعارض بين الرحمة بالحيوان والامتثال لأمر الله بذبحه للانتفاع الذي أذن الله به ولتحقيق وظيفة هذا الحيوان في الكون التي خلقها الله من أجله وهي أن يأكله الإنسان ليحدث التوازن البيئي الكوني.