فى الصميم

لا تفاوض بلا نهاية

جلال عارف
جلال عارف

 لم يكن مشروع القرار الذى تقدمت به تونس لمجلس الأمن حول أزمة سد النهضة يدعو لفرض عقوبات مستحقة على الطرف الإثيوبى لانتهاكه للقوانين الدولية وخلق وضع يهدد الأمن والاستقرار فى المنطقة. ولم يكن مشروع القرار يتحدث عن الحرب أو يشجع عليها بل كان - على العكس -  يدعو المجلس لأن  يتخذ القرارات الرادعة التى توقف العدوان وتمنع إثيوبيا من خلق أوضاع تضع المنطقة كلها على طريق الصدام!! مشروع القرار، يدعو المجلس لتحمل مسئولياته فى حفظ السلم وأن يترجم ما أجمع عليه أعضاء المجلس من رفض الإجراءات الأحادية إلى فعل حقيقى بإدانة الملء الثانى للسد ومطالبة إثيوبيا بوقفه. ثم بإطلاق عملية تفاوض جاد بمشاركة دولة إلى جانب الاتحاد الأفريقى للتوصل - خلال ستة أشهر على الأكثر - إلى الاتفاق الملزم الذى يضمن حقوق كل الأطراف. وقد أبلغت كل من مصر والسودان أعضاء المجلس بوضوح كامل أن فشل التفاوض على مدى عشر سنوات لم يكن إلا بسبب التعنت الإثيوبى بما فى ذلك جولات التفاوض التى تمت تحت رعاية الاتحاد الإفريقي. إثيوبيا وحدها تتحمل كل المسئولية عن فشل المفاوضات حتى الآن لكن مجلس الأمن سيكون شريكاً فى المسئولية إذا لم يتخذ الإجراءات المطلوبة لردع العدوان الإثيوبي، ولفرض عملية تفاوض جادة يكون فيها الاتحاد الإفريقى والمجتمع الدولى أطرافاً فاعلة ووسطاء حقيقيين من أجل الوصول للاتفاق المطلوب والممكن إذا امتلكت إثيوبيا السياسة للحل. وأياً كان القرار الذى ستصل إليه مشاورات الدول أعضاء مجلس الأمن فإن جوهر مشروع القرار التونسى سوف يكون حافزاً. ودرء مخاطر التصعيد لن يكون بمنح إثيوبيا فرصة أخرى للتسويف والمراوغة وإنما بإرادة دولية توقف الحماقة الإثيوبية، وبخارطة طريق لتفاوض جاد من أجل اتفاق ملزم فى فترة محددة. مصر وضعت العالم أمام مسئولياته، وأكدت موقفها الثابت: لا تفاوض من أجل التفاوض فقط، ولا تهاون فى الحقوق، ولا مساومة فى قضية حياة أو موت.