أمس واليوم وغدا

رسالة «القاهرة». . وصـلت لكل العـالم

عصــام السـباعى
عصــام السـباعى

عندما تفتح الدستور المصرى، ستجد فى صفحته الأولى العنوان «هذا دستورنا»، أما أول السطور فستقرأ فيها: «مصر هبة النيل للمصريين، وهبة المصريين للإنسانية»، «هى  رأس أفريقيا المطل على البحر المتوسط ومصب أعظم أنهارها النيل»، ثم تعلم بعدها أن « مصر وطن خالد للمصريين ورسالة سلام ومحبة لكل الشعوب»، المادة 44 خاصة بالنيل فقط وتقول: «تلتزم الدولة بحماية نهر النيل والحفاظ على حقوق مصر التاريخية المتعلقة به إلى آخر الفقرة التى تشمل كل حقوق النهر الواجب أن تقوم بها الدولة المصرية، وعندما تبادر الدولة المصرية لحماية تلك الحقوق، فى مواجهة التعنت الإثيوبى غير المبرر فيما يتعلق بملء سد النهضة، ومراعاة حقوق دولتى مصب النهر السودان ومصر، ومحاولاتها البائسة لفرض الأمر الواقع، ومحاولة تصدير مجموعة من الأكاذيب بخصوص الموقف المصرى، فمصر كانت ومازالت وستظل دائما داعمة لكل مشروعات التنمية فى كل دول القارة، كما أنها نموذج حقيقى للدولة التى تحمل رسالة الحب والسلام لكل العالم، وأكبر دليل على  ذلك هو رحابة صدرها وترفعها على كل المواقف والإجراءات أحادية الجانب التى قامت بها إثيوبيا، على  مدار عشر سنوات مضت، ولأن مصر هى راعية كل سلام، وساحقة كل اللئام الذين يستهدفونها بأى صورة من الصور، كانت تلك الجولة الأخيرة التى صالت فيها الدبلوماسية المصرية وجالت فى ذلك المحفل الدولى العالمي، وأبلغت القاهرة رسالتها لكل العالم: مصر أقرت مجدداً بحق إثيوبيا فى إقامة السد والتنمية ولكن على  أساس المشاركة وليس الانفراد بالقرار، ولذلك تريد حماية مصالحها الوجودية، وعلى إثيوبيا احترام القانون الدولى والتوقف عن التعنت فى  قضية سد النهضة، لأن القضية من السهل حلها فى حال وجود إرادة سياسية إثيوبية تجاه ذلك، حيث يعرف كل العالم أن مصر صبرت على مد هذه المفاوضات لأكثر من عقد من الزمن، فيما كان الطرف الآخر، يتخذ إجراءات أحادية ضد كل من مصر والسودان، والجزء الثانى من الرسالة المصرية هو أن على إثيوبيا احترام القانون الدولى والتوقف عن التعنت، وأن أى جولة قادمة ستتم وفقا لإطار زمنى محدد، والتأكيد على استمرار ملء سد النهضة بشكل أحادى يجعل المفاوضات مع إثيوبيا بشأنه غير فعالة، الجزء الثالث والأخير، يتعلق بالمجتمع الدولى، حيث حذرت مصر من أنه إذا لم يتدخل مجلس الأمن بموجب ميثاق الأمم المتحدة لحل الأزمة، فإنه بذلك يكون قد أهمل فى الاضطلاع بمسئولياته، وكما أكدت مصر فى أكثر من مناسبة، فإن كل الخيارات مفتوحة ومتاحة من أجل الحفاظ على حقوق مصر التاريخية التى ألزم الدستور كل مصرى بالحفاظ عليها.

الثعالب الإلكترونية الحقيرة !

أشعر بالقلق من حاملى لقب «جــــــنرالات المقـــــــــاهى» ومحللــــــــــى الأرصـــــــفة على مـــــواقـــــع التواصــــــل الاجتمــــاعــي، و«الثعــــالب الصــــغيرة الحقيرة» التى تعمل على منصات إلكترونية تستهدف تشويه الوعى المصـــــرى وتوجــيهه إلـــى مناطـــــــــق الظـــلام، أو الشوشـــرة علـــى  مراكـــــز الفــــهم، بعضهم يدعى أنه يفهم، ويروج أن مصر ستواجه إثيوبيا عسكريا، وأن الضربة مسألة وقت، وبعضهم يضع الخطط ويحدد شكل الضربة، فيما تنشط منصات إثيوبية وغير إثيوبية وغير معلنة، تتخفى وراء أسماء مصرية، وتستخدم اللغة العربية، لإيصال رسائل الإحباط واليأس للمصريين، ويبرز هنا إلى حد كبير أهمية تلك الجلسة الحــــــوارية الــتى دعـــا لهــــا الكـــــاتب الكـــبير كـــرم جـــبر رئيــس المجلـــس الأعلى لشئون الإعلام، والتى نظمها بالتعاون مع وزارة الرى، وكم أتمنى لو شهدنا غيرها وغيرها فى العاصمة والمحافظات، فى مراكز الشباب وقصور الثقافة، لأن الرهان حاليا على الالتفاف حول علم الوطن والاحتشاد خلف الدولة المصرية وزعيمها الرئيس عبدالفتاح السيسى، فلم يقل يوما كلمة ولم يصدق فيها، ولم يعدنا يوما بوعد ولم ينفذه، فهو الأمين على أرواح كل المصريين وعلى حقوقهم، كما أننا أمناء على  بلــدنا بالتلاحـــــم والعمــــــل والوعــــــى بالمخاطر التى استهدفت وتستهدف الدولة المصرية، ذلك الوعى الذى يجعلنا قادرين على حسن «فلترة» كل مانسمعه ونشاهده ونقرؤه، وكذلك يجعلنا على قلب رجل واحد نحن وقيادتنا فى كل ما يتعلق بحماية مقدرات الوطن.

عاشـت مصــــر هـبـة النيــل

كل ما سبق شرحته لمن سألنى، ورغم ذلك عاود السؤال: وهل تتوقع أن يحدث كذا وكذا، وهل ذلك الكذا وكذا سيحدث غدا، وأخذ يحدثنى وكأنه جنرال، ويشرح لى وكأنه خبير بالسدود، وبالفعل يجب أن يهتم كل واحد بهموم بلاده، ولكن ليس للدرجة التى تجعله ينسى موقعه أى عمل ينتمى له، أو يشغله عنه، فمهما كان القرار المصرى بشأن سد النهضة، فلن يتم بين يوم وليلة، ولن يتم إلا بعد دراسته من كل الجوانب ومن بينها تأمين وكسب تضامن ودعم المجتمع الدولي، أو على الأقل، انتظار تنفيذ ما طالبت به مصر مجلس الأمن بأن يمارس مهامه، ويؤدى وظيفته لحماية الأمن والسلم الدوليين، وكما أكد وزير الخارجية سامح شكرى، فالخطوة المقبلة تتوقف على ما يقرره مجلس الأمن لاحتواء التصعيد، فكل ما نسعى إليه هو إلزام إثيوبيا بالتفاوض لأن القرارات الأحادية لإثيوبيا تهدد الأمن المائى  للسودان ومصر وتعرض 150 مليون شخص للخطر، وكما أوضحت مصر، فكل الإجراءات التى اتخذتها إثيوبيا على مدار العشر سنوات الماضية كانت انفرادية، لتجنب الدخول فى اتفاق ملزم ينظم تشغيل السد، وكل ذلك قال عنه سامح شكرى: «هذا التعنت لا يمكن أن يستمر».
ما أريد أن أقوله: كلنا «مهتمون» لأن النيل مصدر الحياة والبقاء والوجود.. هذا صحيح.. ولكن من الخطأ أن يقال أننا «مهمومون»، والحقيقة أن أخطر ما قد يعبث بجبهتنا الداخلية، أن يسرق اللصوص تفاؤلنا، وأن نستجيب لتلك السموم التى يحاول البعض بثها، فنحن ماضون فى مسيرتنا التنموية، ولن نقف أبدا فى طريق التنمية لأى دولة، وفى نفس الوقت لن نسمح لأحد بأن يمس مقدراتنا أو يقترب منها، ودائما ودوما وأبدا: عاشت مصر.. عاش جيش مصر.. عاشت مصر هبة النيل.

بوكس

وزير التربية والتعليم منصب سياسى بالدرجة الأولى، كلما اقترب من أولياء الأمور والطلاب وحظى بثقتهم .. «نجح»، وكلما ابتعد .. «سقط ورسب ووقع»!