صدى الصوت

مصر تتجلى

عمرو الديب
عمرو الديب

كنت واثقا من انه -يوما-سيجئ، لم أشك لحظة فى قدومه ذات نهار موعود سماه الإله المعبود كلى المعرفة، وحدده فى رقائق الأزل من قبل أن ترفع الأقلام وتجف الصحف، سطع داخلى يقين راسخ،لا أدرى مبعثه، ولا أدرك أسبابه ودوافعه، حتى فى أشد اللحظات ظلمة، وفى أحرج الأوقات وأشقها على النفس والروح، لم يساورنى أى ارتياب فى حتمية مجيئه، وانه يوما ما سيتسلم من يد الأقدار مقاليد الأمور، طال الانتظار حقا، وكنت أدعو رب الأكوان الحنان المنان أن أشرف بشهود وقائعه، وأسعد بظهوره، سواء امتد العمر أم قصر، كنت أحلم بأن أكون أحد الشهود، ببساطة لأننى عشت ما مضى من العمر مؤرقا بمحنة هذا البلد العظيم، وفصول ملحمة كفاحه المرير لصد عدوان الطامعين، والتصدى لتدابير القناصين الشيطانية.

 لم أشك فى حتمية مجئ ذلك المنتمى إلى عالم الفرسان بقيمهم النبيلة المذهلة، وصفاتهم الآسرة الرائعة، من شجاعة وجسارة وإقدام، واستعداد لبذل النفيس والغالي، فى أية لحظة دفاعا عن الأوطان والمبادئ والإنسان، وكنت أردد دائما هذه البلاد بعراقتها، وخصوبتها المتفردة، وقدراتها الهائلة المبددة للأسف وطاقاتها العملاقة المهدرة، وأصالة شعبها الطيب العاشق لترابها، تحتاج إلى ذلك العازف الماهر على أوتار تفوقها، والقائد الفذ الذى يجمع أشتات امكاناتها،ويحشد طاقاتها المذهلة المبعثرة، ويضم متناثر مواهبها وكنوزها، وينطلق بسفينها واثقا مسلحا بالرؤية الثاقبة، والنظرة البعيدة، والمعرفة العميقة، لا يخشى الأمواج العاتية، أو اصطخاب البحار والمحيطات، أو اضطراب الأجواء والمجالات، فهذا الوطن حلم طويلا باسترداد مكانته المستحقة بين الأمم، وأراد مرارا أن ينفض عن ملامحه الوسيمة الرائعة غبار الإخفاقات المؤلمة، والإحباطات المدمرة، ليطل على الدنيا متألقا مشرقا كما عهدته دوما على مر العصور، وعلى الرغم من أننى انتظرت طويلا، وعانيت كثيرا من وخزات الملل، ووصل الأمر إلى ذروته فى أوقات عام 2011 الصعبة، واضطراباته الرهيبة، إلا أن ظهور البطل القومى الرئيس عبد الفتاح السيسى على مسرح الأحداث -بقوة- استجابة للإرادة الشعبية الجارفة، فى ثورة الثلاثين من يونيو المنقذة، التى لانزال نتنسم عبيرها الأخاذ، ونتذكر -هذه الأيام- تأثيراتها الفارقة، وتجلياتها الساطعة.

أشعرنى أن أوان الوعد قد حل، وأن البطل المرتقب قد جاء حقا، وأن الحلم تحقق فعلا، وتأكد لى ذلك حين عبر السيسى عن رؤيته وأحلامه وخططه ومشروعاته، وبدأت ملحمة الانجازات الشاهقة المذهلة، ساعتها تأكدت أن الله القدير المنان استجاب لدعائي، وحقق رجائى فى أن أكون أحد شهود الملحمة، وألا ينقضى العمر قبل أن أعيش أوقات المجئ والارتقاء والصعود،وأن أرى مصرنا العزيزة وهى تتجلى على عالمها بوجهها الحقيقي، وملامحها الأصلية الأخاذة.