أوراق شخصية

شاب استثنائى يستحق التكريم

آمال عثمان
آمال عثمان

تقول الحكمة إن الله لم يخلق النهر لكى يشرب ماءَه، ولا البحر ليأكل سمكَه، ولم يخلق الأشجار لتأكل ثمارَها، والشمس لا تشرق لنفسها، ولا ذات الضرع تشرب لبنها، هكذا يسير ناموس الكون، خُلِقت الأشياء لتخدم غيرها، لا شيء فى الطبيعة يعيش لنفسه، أما البشر فهناك نوعان، أحدهما يستمر فى العطاء بلا كلل أو ملل، ولا ينتظر المقابل، والآخر دأب على الأخذ، دون أن يشبع أو يكتف!!
تذكرت تلك الحكمة الإلهية العظيمة حينما شاهدت فيديو مؤثراً، حرّك بداخلى الكثير من مشاعر الأسى والحزن، ودفعنى إلى إعادة النظر فيما وصل إليه حال الشعب المصرى وسلوكياته وقناعاته، بعد أن سيطرت ثقافة الأنانية وحب الذات على الشعب بكل طوائفه ومستوياته، صار الجميع ينظرون إلى الأمور حولهم من خلال مصالحهم الذاتية، وتحركهم المنافع الشخصية، دون اعتبار لمصالح الآخرين أو المجتمع أو البلد، حتى العلاقات الأسرية والعائلية والصداقة أصابها العطب، ولم تسلم من مرض الأنانية والمصالح. 
ولأن لكل حال استثناء سعدت كثيراً بالفيديو الذى يصور الدفعة (43) لطلبة كلية الصيدلة جامعة الزقازيق، الذين قرروا تنظيم احتفالية، وعمل ممر شرف لزميلهم أحمد رمضان، وهو شاب فى عمر الزهور لم يبخل بوقته وعلمه وجهده لمساعدة كل زملائه فى الدفعة، وظل يشرح لهم المناهج والمقررات على مدى سنوات الدراسة، ويساعدهم لكى يتخطوا أى عقبات فى فهم واستيعاب المحاضرات، وبقلوبهم الوضاءة النضرة، سطروا عبارات الشكر والامتنان والثناء فوق لوحة كبيرة تحمل صورته، وبكل الحب والتقدير والاعتراف بالجميل، وقفوا على الجانبين يحملون باقات من الزهور، على أنغام أغنية «أنت استثنائي» للشاعر الغنائى المبدع «أمير طعيمة»، والتى عبرت بصدق عن شاب كريم الفؤاد، أدرك مبكراً طريق الجود والعطاء والخير، طالب متفوق يعرف خطواته ويحدد طريقه، إنسان قرر من بداية الطريق ألا يقف متفرجاً، وإنما يعيش من أجل الآخرين ويؤثر فيهم ويكون عوناً لهم، يعطى بسعادة، يمنح برضا، يساعد بحب وإخلاص، ويرى الغد البعيد بعيون يملؤها النجاح والتفاؤل والأمل، فصار شخصاً استثنائياً مثل السحاب كله مطر وخير، ونسخة أصلية للمصرى النبيل الشريف، نسخة غير قابلة للتقليد أو التشويه والإفساد. 
‏إننى أدعو وزير الشباب والرياضة لتكريم هذا النموذج المشرف، اعترافاً من الدولة بتقديرها لتلك النماذج الإيجابية من شبابنا الوطني، حتى يكون قدوة لجيل من الشباب، صار مثلهم الأعلى فى الحياة نجوم أفلام البلطجة والمخدرات، ومطربى المهرجانات والأغانى الهابطة، لعل وعسى يقتدون به فى حب العطاء والإيثار ومساعدة الآخرين.
حقا نحن نسمو فى الحياة بقدر ما نعطى لا بقدر ما نأخذ.. ومثلما يعود النهر إلى البحر يعود عطاء الإنسان إليه.