آية محمد عبد المقصود
بعد سنوات طويلة من اعتماد الدراما المصرية على مسلسلات الـ30 و الـ45 والـ60، يبدو أنها تبحث عن التطوير والحل من خلال البحث في دفاترها القديمة، وتحديدا في الشكل الذي كان متبع حتى تسعينيات القرن الماضي، حينما كانت تقدم الأعمال في 15 حلقة، أو سباعيات، مع وجود السهرات الدرامية الأسبوعية.. حيث أصبحنا نرى العديد من الأعمال التي تعتمد على 15 حلقة، وآخرها في رمضان مسلسل “كوفيد 25” ليوسف الشريف، وأيضا مسلسل “ليه لأ” لمنة شلبي الذي يعرض الآن.. في السطور التالية نستعرض أراء النقاد في عودة روح الدراما المصرية القديمة في شكل وطبيعة الإنتاج إلى الأعمال المنتجة حديثا..
“السيناريو هو ما يحدد حجم العمل وعدد الحلقات، لكننا اعتدنا تقديم عمل فني طويل”، هكذا بدأت الناقدة خيرية البشلاوي رأيها في شكل دراما الـ30 حلقة، قبل أن تضيف: “لكي نصنع محتوى ضعيف في 30 حلقة نقوم بصنع الكثير من الخطوط الثانوية، وخلق أحداث ليس لها فائدة، لا تؤثر على سير الأحداث، ليكون أمامنا في النهاية عمل (مترهل)، ولنكون في دوامة من الثرثرة على مستوى الحوار والصورة، وبالتالي فمسألة العودة لتقديم أعمال درامية تحت اسم «السباعيات» أو في 15 حلقة يحددها طبيعة السيناريو، فعلى سبيل المثال هناك أعمال درامية طويلة يطلق عليها (Soap Opera)، ونموذج لها المسلسل الشهير (The Bold and The Beautiful) الذي وصل عدد حلقاته لألف حلقة، لأنه عبارة عن ثرثرة إجتماعية، لكن ما يميز قرار العودة إلى الأشكال الدرامية القديمة، هو أنه ينهي قضية التطويل الدرامي التي أصابت المسلسلات مؤخرا، كما هناك فرصة لطرح موضوعات كثيرة تحتاج معالجتها دراميا لتضيف الوعي للجمهور، خاصة أننا في مجتمع (مليان حكايات)، وقد لا يحتاج أغلبها لـ30 أو 60 حلقة، فهذا تبذير درامي”.
بينما يؤكد الناقد كمال رمزي أن المشكلة ليست في عدد الحلقات فقد يكون هناك مسلسل من 7 حلقات لكنه “سخيف”، والعكس قد يكون صحيح، والحكم على جودة المسلسل بعدد الحلقات طريقة بدائية لتقدير العمل، بمعنى أنه لا معنى له، فنحن نحكم على العمل كعمل بصرف النظر عن عدد حلقاته، ومناقشة نظرية أيهما أفضل مناقشة خارج نطاق الإبداع، فهناك سباعيات قدمت من قبل كانت دون المستوى، وغير قابلة للمشاهدة، وهناك مؤلفين لديهم قدرات هائلة على تقديم أعمال ذات (نفس طويل)، مثل (ليالي الحلمية) للراحل أسامة أنور عكاشة”.
ويضيف رمزي: “في نفس الحقبة الزمنية التي ظهر فيها الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة كان هناك أيضا عدد كبير من المؤلفين المبدعين لا يستهان بهم أمثال وحيد حامد، مصطفى محرم، محفوظ عبد الرحمن، وغيرهم من الأسماء الكبيرة، وكلهم ينتمون لمدرسة (النفس الطويل)، والأحداث لديهم شيقة، لذلك فالحكم أن حل وعلاج الدراما في السباعيات أو الـ15 حلقة أمر غير دقيق، ولا يليق أن نحكم على عمل من عدد حلقاته”.
وتضيف الناقدة ماجدة خيرالله: “أي عمل فني سيء سيفشل حتى لو كان 10 حلقات فقط، وبالتالي نسبة نجاح عمل فني عن الآخر ليس لها علاقة بطول المسلسل أو قصره، لكن المحتوى هو الأساس، والدليل وجود أعمال عرضت مؤخرا وحققت نجاح رغم أنها قدمت في 30 حلقة مثل (لعبة نيوتن) و(خلي بالك من زيزي) و«اللعبة» ، وكلها أعمال خلت من المط والتطويل”.
ويقول الناقد عصام زكريا: “إنتاج الأعمال في 30 حلقة ارتباط بالموسم الرمضاني، وأصبح قاعدة طوال العام، قبل أن تزيد خارج الموسم الرمضاني لتكون 45 و60، وأحيانا الفكرة لا تتحمل سوى 7 حلقات لكن يتم تقديمها في 30 حلقة بأوامر إنتاجية، لكن في النهاية هو ما يوجه صناع المحتوى، فهناك جمهور كبير للأعمال الطويلة، ويظهر في إقبال المصريين على الدراما التركية والهندية واللاتينية، لكن قد يعاد تشكيل الأذواق بعد ظهور المنصات التي تقدم أعمال درامية في 8 حلقات أو أكثر قليلا”.