عاجل

الحاوي والقرداتي

الحاوى والقرداتى 
الحاوى والقرداتى 

شيخ الطائفة هو المعلم الأول.. بطريقة «غية ولا سرح»
الحاوى مهنة ذكورية احترفتها «سعدية» ست الرجال بوسط البلد 
ترزى القرد مهنة تدر دخلاً يومياً مرتفعاً من السديرى والبنطلون 
«شيحة» هزم الصليبيين.. أسر لويس التاسع
.. ودافع عن مدينة دمياط وتحول إلى بطل شعبى
النار هتعمل إيه ومنجى العباد ربنا  .. ترنيمة الحاوى اليومية 
القرداتى مهنة فرعونية بنظام ( عرق وملك ) 

 النار هتعمل إيه ومنجى العباد ربنا .. ترنيمة خاصة يبدأ بها عم سيد، فقرة بلع النار وسط دهشة الجميع هنا يقف المتفرج الطفل الصغير مذهولاً من براعة عمنا سيد الحاوى وسط تصفيق الصغار فى دائرة وسط الحارة الصغيرة هى مسرح الحدث اليومى للحاوى .. يحمل شنطة كبيرة داخلها أدوات خاصة يصنعها بنفسه وحبل فى نهايته كلب صغير يرتدى ملابس مزركشة وبين كتفه شنطة أصغر فى الحجم تلك أدوات الحاوى السريح .. عرض الحاوى يشكل دائرة من المشاهدين الصغار ويبدأ فى عرض فقراته مابين القفز فى دائرة النار أو إطفاء شعلة داخل فمه وعندما يسمع تصفيق الجميع لا ينسى أبدًا أن يحذر الحضور من خطورة الألعاب وبعدها يبدأ فقرة الكلبة الصغير ( فايزة ) ويطلب منها أرقصى يافايزة ترفض .. أرقصى ترفض بعدها يطلب من الجميع الإلحاح فى الطلب وهنا تبدأ فقرة الرقص وكلما انتهى من فقرة ينظر إلى أعلى شبابيك البيوت العامرة منتظر المنح الإنسانية التى تعطى له عن طيب خاطر .. وبمساعدة ابنه الصغير يجمع قروشاً قليلة أو يخرج شنطة «البخت» وهى عبارة عن أوراق ملفوفة بداخلها هدايا بسيطة جدًا وأحيانًا قرش صاغ ..  يشترى الأولاد البخت وينتهى من مسرحية الإنسانى الخاص مردد كلمة واحدة «العيل المؤدب يروح ». 

يعرف الحاوى فى اللغة بأنه الرجل الذى يربى الحيات ويجمعها .. وهناك تعريف آخر بأنه الرجل الذى يقوم بأعمال غريبة  ..  حوَى الشَّخصُ سحراً واحتال.. وقد خلط التعريف بين أعمال الحواه والطريقة الرفاعية المعروف عنها ترويض الثعابين والتعامل معها والتعرف على أماكن تواجدها وقد اختلط الأمر كثيرًا عند البعض من أفعال المحتالين على المهنة .. عندما يخبأ النصابون ثعباناً داخل كم الجلابية ويطرق الباب ويطلب من أهل البيت مغادرة البيت فورًا لوجود حية .. وطبعًا يطلب منه إخراج الثعبان وتنجح حيلته ويحصل على المعلوم وعندما تعرف الحيلة تلتصق بأرباب المهنة ..لذلك هجر الحواه الاستعانة بالثعبان واكتفى البعض منهم بالكلب الصغير أو القرد .. أما أصحاب الطريقة الرفاعية «طريقة صوفية سنية ينتشر أتباعها فى مصر وسوريا وغرب آسيا لهم راية سوداء تميزهم عن باقى الطرق و تنسب إلى الفقيه الشافعى الأشعرى أحمد بن على الرفاعى» وقد اشتهر عن بعض أتباع الرفاعي حديثًا القيام بأفعال عجيبة كاللعب بالثعابين، وركوب الأُسود، والدخول في النيران المشتعلة دون أن تحرقهم أو تؤثر فيهم، وغيرها، فهذه مما لم تكن معروفة عند الشيخ الرفاعي، لكنها استُحدثت بعد وفاته، وإن كان الشيخ قد عُرف بحنانه الشديد على الإنسان والحيوان، وكان أشد ما يكون حدبًا ورعاية للحيوانات الضالة والمريضة ) فكان الخلط الواضح بين الحاوى والرفاعى .. الرفاعى يبدأ فى ترنيمة خاصة لا يفهمها أحد تسمى «الكفكفية» لاتسطيع وأنت تسمعها أن تفهم كلمة واحدة أو التعرف على لفظ طلاسم خاصة صحاب الطريقة بعدها يتلو القسم (أقسمت عليك أيها الثعبان أو الحية بهذه الكافات وما فيها من الكفايات وأسرارها التامة فلا تؤذني بأنفاسك السامة, وأن تأتي أمامي خاضعًا خاشعًا وإلا كنت من العاصين لله رب العالمين ) ليخرج الثعبان من جحره بعد أن أُعطى الأمان، هناك خيطًا بين الحقيقة والشعوذة ربما لسنا هنا لنرفض أو نقبل ولكنا نرصد واقعاً موجوداً ..وقد احتفظ البعض باسم الحاوى صاحب الحيل والخدع ليحمل اسم مسلسل وتصدر على الزيبق بطل السيرة الشعبية وهو واحد من أمهر الحواه يروى على الربابة ليتصدر كتب التاريخ .. واعتبر كتاب الحاوى فى الطب لأبوبكر الرازى موسوعة عظيمة ترجمت إلى لغات العالم باسم الحاوى .
 

ملاعيب شيحة 
 كلما سمعت سيرة الظاهر بيبرس ( الملك الظاهر ركن الدين بيبرس العلائي البُنْدُقْدارِي الصالحي النجمي لُقب بـأبى الفتوح ) يتوقف عازف الربابة عند ملاعيب شيحة ليرصد لنا حيل وخبايا شيحة (جمال الدين شيحة كان من أصحاب الظاهر بيبرس الخياليين اللى كانوا بيساعدوه فى السيرة الشعبية، شيحة كان شاطر فى التنكر و الظهور على إنه شخص تاني ) وشيحة بطل شعبى جاء من سوريا لينضم إلى كتيبة الظاهر بيبرس الذى أوكل إليه المهام الصعبة لقدرته على التخفى والتنكر وإجادة عدد من اللغات .. بفضل تنكره استطاع هزيمة الصليبيين وأسر لويس التاسع ودافع عن مدينة دمياط وتحول إلى بطل شعبى تروى عنه الحكايات ولم يُتمكن من أسره لقدرته البارعة على إجادة الألاعيب الخاصة وتمكنه من قيادة فرقة الفدائيين الخاصة التى أنشأها بتكليف من الظاهر بيبرس حتى أن وفاته لم يعلم بها أحد وعندما اشتد عليه المرض فى دمياط التى استقر بها، أمر بيبرس بنقله إلى القاهرة ولكنه مات هناك.. وأمر بيبرس بعمل ضريح له وتحويل منزله إلى متحف خاص .. وبقيت سيرة البطل الشعبى تروى مابين الأسطورة والحقيقة يحكى ويستمع الحضور مع أكواب الشاى التقيل تتقبل كل شئ حتى ماهو فوق الخيال . 

ظل الحاوى يجوب الشوارع حاملًا أدواته وهمه لقمة عيش من حيل يدرك أنها خطرة، مهنة وكار الأجداد وقد تصادف واحد منهم على مقاهى وسط البلد يقدم فقرة النار ويطلب منك كوباية شاى ورزق الأولاد .. الحاوى مهنة ذكورية تحاول المرأة بالقدر البسيط مساعدة الزوج أو الأب أو طفلة لاستعطاف البعض، حاولت سعدية ست الرجال فتاة ثلاثينية قد تراها على قهوة البستان والتكعيبة والمشربية تقدم فقرة بلع النار تحمل ملامح الطيبة لديها إيمان غريب بالرزق  تلح عليك أبدًا و تنتظرك لتخرج مايجود به يمينك وتلملم النار وتعيش وسط أبنائها فى إمبابة بعد وفاة الزوج .. حكاية مصرية خاصة. 

القرداتى 
 نادراً مايستعين الحاوى بالقرد .. فهناك صاحب المهنة القرداتى الذى يبدأ بمحاولة شراء القرد وعليك فورًا بالتوجه إلى عشش الترجمان أو عشش الساقية ( أبو السعود ) تتعرف أولًا على شيخ طائفة القرداتية رجل كبير طاعن فى السن تساعده ابنته المتزوجة حديثاً .. وبعد نظرة من فوق لتحت يسألك هشتغل قرادتى ولا صبى .. يعنى تساعد المعلم الأصلى فى حمل الأدوات ولم الفلوس والدفاع عنه إذا احتاج ذلك .. القرداتي نوعين ( غية ـ سرح ) هناك من يشترى القرد للتربية دون العمل به وهناك النوع الثانى القرد السريح .. وإذا اخترت السريح عليك ان تودع أهلك لمدة أسبوعين للدخول فى معسكر مغلق للتدريب على ترويض القرد ويعدل شيخ الطائفة من جلسته وبصوت عالى ( الصنعة ليها أصول كأنك بتربى طفل مش طار وعصايا وحبل ) وإذا وافقت تبدأ مراحل العمل بالأدوات الثلاثة الطار وهى الطبلة التى يسمعها القرد ويتعود على حركاتها كلما دق القرداتى ويتفق معه على حركات يتعلمها من شيخ الطائفة بعدها تبدأ مرحلة التدريب على حمل العصا والتى يجب ألا يشعر القرد إنها ليست للضرب ولكن للتوجيه فقط وأخيرًا الحبل أو الجنزير المزين بالخرز والترتر المنقرش .. تنتهى فترة التدريب من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع ويحصل على القرد المدرب وهناك نوعين من القرود ( القرد الملك ) يعنى شراء القرد والعمل قرداتى لنفسه دون تقاسم المعلوم مع أحد .. والنوع الثانى ( قرد العرق ) هو استلام قرد من شيخ الطائفة والسرح به طوال اليوم نظير أجر يتفق عليه .. وتكون مسؤولية الكسوة والعلف على صاحب القرد الأصلى. 


ترزى القرود 

بجوار شيخ الطائفة يجلس رجل أو إمرأة تعمل فى مهنة ترزى القرود وتقوم بعمل الملابس الخاصة بها سديرى وبنطلون وتزين الحبل .. حتى يتحمل المتفرج شكل القرد .. ويتعمد الترزى اختيار الألوان الساخنة المزركشة مثل الأحمر والأصفر عادة ولا مانع من إضافة جيب يحتفظ فيه القرد ببعض الأشياء يسأل عنها القرداتى على سبيل الدعابة يضاف ثمن ملابس القرد على السعر الأصلى .. والمهنة رائجة جدًا، لحركات القرد العنيفة يوميًا والتى تتطلب إصلاحات فى الملابس يوميًا .. وقد يضاف إلى ملابس القرد كمامة قماش خوفًا من رد فعل غير متوقع للحضور .. وعلى نغمة الطار يدندن القرداتى :
الليل الليل وأنا كان مالى
الليل الليل ياليل ياعين
الشطرة ست البنات ياليل
مهما الزمان يعمل ياليل.
القرداتى عادة فرعونية  
«القدماء المصريين» أول من عرف ذكاء القرد فقد لاحظ المصرى القديم أن القرد يرقص ويصدر أصوات ( زعيق ) فى النهار وهو ما اعتبر تحية ( رع )  إله الشمس لدى المصريين القدماء، وقد كان رع إلهًا رئيسًا في الدين المصري القديم في عصر الأسرة الخامسة خلال القرنين 24 و25 قبل الميلاد، وكان يرمز إليه بقرص الشمس وساعة الغروب كان القرد لا يرقص ويجلس مهمومًا على اعتبار أن الغروب يعنى النهاية وفناء العالم  واعتبروه حيوان لديه الحكمة ( حيوان مقدس )  لحكمته وذكائه لما يملكه من وفاء، إله الحكمة والذكاء ( تجوت ) واعتقداً فى قدسية القرد حمله البعض على أبواب المعابد للحصول على العطايا والنذور. 

لم يبق من حكاية القرداتى غير مفرادات تحكى لأجيال كل ماتحمله قفص فى حديقة الحيوان  يحمل أنواعاً مختلفة يطلب منك فقط المشاهدة قد تلاعبه من بعيد وتستمتع برؤيته يقشر اللب وتندهش من أعماله، جيل لم يرا عمل جمال قرداتى روض الفرج أمام بوظة ألف ليلة يؤدى فقرة يوميًا ويذهب إليه البعض يوم إجازته للفرجة .. وربما شاهد البعض القرداتى فى بعض الأسواق الشعبية وقد راح عنه البعض وبق تجاعيد الزمن وابتسامة ساخرة على زمن ولى وظل القرد جالسًا مكانه لم يدرِ من أمره سوى بعض الأمثال وقالت الأمثال عن المغرور الذي يدفعه غروره إلي الاستعلاء « اطلع القرد في المرآة حس نفسه غزال « ، وعن الجبان الرعديد « اللي يخاف من القرد يركبه « وعن عدم نصح من لن تجد معه النصيحة « إن جاك القرد راقصاً طبل له « ، وعن الجبان الخائف « زى القرود يخاف من خياله « ويقال إن القرد يخاف من صورته في المرآة «وهناك مثل آخر يتصل بالأسرة والميراث وهو ( اللي تخلفه الجدود تفنيه القرود ( للى يعمل به الحاوى يأكل به القرد ) أحيانا القرداتى قد يفضل وجبة القرد على نفسه ولايشاركه سوى نومته وحبة من ذكرى زمان.