الدم والنار يحكمان مافيا التنقيب عن الآثار 

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


ذبح الأطفال قرابين للجن لفتح الخزائن الفرعونية.. و«الرصد» حيلة للنصب على رجال الأعمال ناهبى الكنوز الأثرية 

خالد عثمان 

تلك الكلمات أصبحت قاموسا  في عرف الطامعين في الثراء السريع دون تعب في سرقة تراث الأجداد والاستيلاء علي الكنوز الفرعونية حتي وصل لخطف وقتل الأطفال والحيوانات لتحقيق مقاصدهم في التنقيب و استخراج الآثار الفرعونية ليتحولوا لأغنياء حروب  في حالة النجاح وبيع القطع الأثرية . 


( تلك الحوادث فتحت ملف المشعوذين وإدعائهم أنهم علي اتصال بعالم الجن حيث يلجأ هؤلاء لطرق شيطانية كاستخدام القرابين البشرية خاصة الأطفال وذبحهم لتقديمهم للجن كقرابين لما يعرف بالرصد لفك الطلاسم الموجودة علي المقابر لاستخراج تلك الكنوز مما يتسبب في حالات خطف

وقتل للأبرياء  ذلك ما أكدته دفاتر ومحاضر وزارة الداخلية أملاً في العثور علي تلك الكنوز . 


حيث كان ( للرصد الفرعوني ) النصيب الأكبر من أسباب قتل الأطفال حيث يطلب الدجال خاصة بعد اتجاه المنقبين علي الآثار الاستعانة بسحرة

ومشعوذين من شمال أفريقيا خاصة المغرب والسودان حيث اقنعوهم بضرورة ذبح أطفال وحيوانات للوصول للكنوز داخل المقابر العصية والمستعصية باستخدام السحر الأسود كحل أخير حسب اعتقادهم مع استخدام تعاويذ سحرية وضرورة تقديم قرابين عبارة عن دماء بشرية بشرط أن يكون لأحد الأبناء من صاحب المقبرة . 

( الأخبار المسائي رصدت حالات خطف وقتل لأطفال لطرد الرصد وفتح الكنوز ) حيث كان الحادث الأشهر منذ عدة سنوات وشغل الرأي العام حيث استيقظ أهالي قرية شمس الدين بمركز بني مزار بمحافظة المنيا علي مذبحة راح ضحيتها 12 شخصا رجالاً ونساء بهدف بتر أعضائهم التناسلية وتقديمها قربانا للجن لفتح مقبرة فرعونية . 
( وفي سوهاج تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط تشكيل عصابي مكون من 14 شخصا أثناء تنقيبهم علي الآثار داخل منزل بمركز دار السلام.

 وبالفحص تم العثور علي جثة طفلة تبلغ من العمر 9 سنوات بها أثار ذبح  وأكدت التحريات وسؤال المتهمين تبين أنها ابنة أحد أفراد التشكيل العصابي وقام بذبحها بعد إقناعه من جانب أحد المشعوذين بذلك للتقرب من الجن لفتح المقبرة الأثرية ) .

( وفي قنا نجحت الأجهزة الأمنية في كشف لغز العثور علي جثة حليمة موسي 7 سنوات مذبوحة قام مزارع يدعي أحمد م 51 سنة لإتهامه بخطف الطفلة وذبحها علي المقبرة لتقديمها قربانا للجن لفتح المقبرة ) .

( وفي الشرقية تجرد أب من مشاعره الإنسانية وقتل ابنه بتعليمات من الجن من أجل الحصول علي الآثار كما وعده الدجال )
( وفي قرية غمازة الكبري بمركز الصف بمحافظة الجيزة طلب دجال من أحد الحالمين بالثراء قربانا عن طريق قتل ابنته الكبري كي يقدمها قربانا

للجن لفتح المقبرة )( وفي محافظة القليوبية أوهم مشعوذ أحد ضحاياه الذين يحلمون بالثراء السريع من خلال تنقيبه عن الآثار بوجود كنز مدفون أسفل منزله ولايمكن الحصول عليه إلا بعد تقديمه دماء كقربان  ويكون من أحد أقاربه قبل إتمام عملية التنقيب الأمر الذي دفع الشاب إلي تمزيق

جسد شقيقته لأشلاء حيث قام بدعوة شقيقته لتبادل الغداء معا ثم قتلها ومزق جثتها إلي أشلاء وبعثرها حول المنزل وبعدها لم يحدث شيئا ولم يجد ضالته وانتهي الأمر به خلف القضبان ) .

( وفي أسيوط عثر الأهالي بقرية دشلوط علي جثة طفلة وسط القمامة 
حيث أكدت تحريات الأجهزة الأمنية قيام سيدتين من أقارب المجني عليها باختطافها وقتلها بناء علي طلب أحد السحرة المشعوذين للكشف عن كنز

أثري مدفون وتقديمها كقربان لحارس المقبرة الأثرية )( الطفلة مني كانت ضحية خرافات الجن في حلوان 
حيث تلقت والدتها المنفصلة عن زوجها اتصالا من عائلة طليقها أبلغوها بوفاتها وطلبوا منها ضرورة الحضور للتوقيع علي أمر الدفن وإلقاء

النظرة الأخيرة عليها وعلي الفور تقدمت حالة المجني عليها ببلاغ للنيابة لشكها في أسباب الوفاة علي خلفية أن أسرة الأب تبحث علي الآثار وأن أحد الشيوخ طلب منهم إحضار طفل لتقديمها قربانا للجن للمساعدة في فتح المقبرة وتم ضبطهم ) .
( وشهد مركز الصف بالجيزة جريمة قتل بشعة حيث قتل أب ابنته  من أجل خرافات قربان للجن حيث عثر رجال المباحث علي فتاة مخنوقة بمنزلها ، 

حيث أكدت التحريات أن والدها مشهور عنه التنقيب علي الآثار واستعان بدجال شهير لفتح المقبرة فأخبره بأنه عليه أن يقدم ابنته كقربان للجن ليسمح بفتح المقبرة وعلي الفور استجاب لطلبه وقتل ابنته خنقا من أجل ذلك ) .

( وفي مركز دار السلام بسوهاج تجرد أب ويعمل مقاول من مشاعره الإنسانية وذبح ابنته 9 سنوات وقدمها قربانا للجن لفتح مقبرة فرعونية بناء علي نصيحة أحد المشعوذين الذي زعم له أن الجن حارس المقبرة الأثرية لن يستجيب بفتح المقبرة إلا بعد تقديم المجني عليها كقربان ) .

ويقول اللواء محمد قاسم مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني إن البحث عن الثراء السريع، دون تعب أو بذل مجهود، دفع العديد من الأشخاص للجوء للتنقيب عن الآثار، خاصة أن الكنوز الفرعونية المدفونة بباطن الأرض، منتشرة فى جميع المحافظات، وزادت عمليات التنقيب

عقب أحداث يناير عام 2011، لاستغلال التشكيلات العصابية حالة الانفلات الأمنى، وهو ما يقودهم إلى الهاوية ،وأضاف قاسم  أن غريزة الطمع التى تتملك الباحثين عن الثراء تدفعهم لسلوك أى طريق للوصول لهدفهم المنشود، حتى إذا اقتضى الأمر ارتكاب أى جريمة، حيث تهيىء لهم

مخيلتهم أن الثروة التى سيحصلون عليها عقب العثور على الآثار ستعوضهم عن كل المخاطر التى تعرضوا لها، ومن بين تلك الجرائم التى قد يلجأ الباحثون عن الآثار لارتكابها، جرائم القتل لشركائهم حال اختلافهم، أو الخطف كما حدث من جريمة خطف طفل بمنشأة القناطر وقتله، طمعا فى

قطع أثرية أُشيع أن والده عثر عليها.


وتابع اللواء محمد قاسم  حديثه قائلاً إن عددا من المنقبين عن الآثار يفقدون حياتهم خلال عمليات البحث، حيث تنهار عليهم الأتربة ويسقطون فى الحفرة، ليلقوا مصرعهم، لاستخدامهم أدوات بدائية فى عمليات الحفر والتنقيب.


وذكر قاسم  أن المنقبين عن الآثار عادة ما يستعينون بأشخاص دجالين، لمساعدتهم فى تحديد أماكن الحفر، ويوهمونهم أن العثور على الكنز يتطلب ذبح طفل، وهو ما يدفع المتهمين لارتكاب الجريمة طمعا فى تحقيق هدفهم، والوصول للثراء السريع.

يقول دكتور سيد قاسم عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع إن الآثار المصرية شهدت  أعوامًا من السرقة لتاريخها العريق وهو ما جعل مصر تخوض صراعات دبلوماسية لأكثر من 10 سنوات متواصلة بمعاونة منظمة اليونيسكو، واستعادت 1800 صندوق من الآثار ، وما زالت مصر تخوض الحروب لدبلوماسية لاستعادة التاريخ المصرى المنهوب ، كما عملت الدولة على إصدار لقانون رقم 117 لعام 1983 والذى منع تجارة الآثار .

ويكشف قاسم عن التكلفة التي تتحملها الدولة من الإسراف السلبي على الهوس في التنقيب عن الآثار ‘ فقد تتعدد الآثار الناجمة عن هذا الأمر سواء تتسم بالبعد الأمني  والبعد البيئي و الاجتماعي مضافاً لذلك التكلفة الاقتصادية لتجارة الآثار وغير المشروعة قانوناً .

 بالإضافة إلى تكلفة بيع الآثار التاريخية المنهوبة فهي تحقق تدفقات نقدية سلبية كبرى تعمل على تدمير قطاعات إيجابية عديدة منتجة مثل قطاع السياحة الذى هو أكثر ضراراً من تداعيات أزمة الكورونا، وجميع القطاعات التي تمد قطاع السياحة بالخدمات المعاونة ، وهذا ليس فحسب وإنما

هي تدخل لتدمر الاقتصاد المصري الرسمي  على المستوي الكلى وذلك عمداً مع سبق الإصرار ، من خلال الاستثمار في المعاملات المشبوهة  عن طريق  قنوات تدفق الأموال غير المشروعة لغسيل الأموال كالإتجار في المخدرات ، وغيرها من المعاملات التي تضر بالأمن القومي ، بالإضافة إلى أنها تدمر شفافية المؤشرات الإنتاجية المعلنة لمتخذي القرار ، مما ينعكس ذلك على النتائج المرجوة للجهود المبذولة .


    ولفت قاسم  إلى أن  حجم تجارة الآثار الأكثر انتشاراً في مصر بغرض الثراء السريع والذي  يبلغ عشرات المليارات من الدولارات ، أى ما يزيد على أضعاف دخل مصر من قناة السويس ، ملف يمثل خطراً كبيرا على الاستقرار الأمنى و الاستقرار الاقتصادى معاً .
الدكتور محمد يوسف كبير الباحثين بوزارة الآثار يوضح لمعرفة  الخلفيات التاريخية لفكرة التضحية البشرية وهي ما اصطلح على تسميتها ( human sacrifices) ، هي التضحية بالبشر لخدمة سيدهم في العالم الآخر ، فبعد موت السيد أو الحاكم يقتل كل خدمه أنفسهم ليرافقوه ويقوموا بخدمته في العالم الآخر وهذا موجود بالفعل وثابت في حضارات عديدة إلا الحضارة المصرية القديمة فلم يظهر أي دليل يثبت وجود التضحية البشرية طوال عمر الحضارة المصرية بل يوجد ما ينفي هذه الفكرة وهو وجود تماثيل صغيرة تسمى تماثيل الأوشابتي والتي تعنى الملبى للنداء أو الخدم توضع في مقابر طبقة النخبة وتكون أعداد التماثيل بعدد أيام السنة، وتوجد تضحية بشرية لأغراض سحرية روج لها بالخطأ كالتضحية بالإناث ( عروسة النيل) ليأتي فيضان النيل وهو أمر عار تماما من الصحة وإن ثبت وجوده في حضارات أخرى لأسباب متعددة كوأد البنات عند العرب  ، لكن الحضارة المصرية لم تستخدم هذا النوع من الأعمال الوحشية وهناك دليل في إحدى البرديات التى تتحدث عن ساحر يستدعيه الفرعون ليرفه عنه ، ويقول الساحر للفرعون بأنه يستطيع أن يحيي الموتى فيأم الفرعون باستدعاء أحد الخدم ليقتله الساحر ثم يحييه لكن الساحر يرجو الفرعون بأن يقوم بتجربته على طائر فالتجربة على إنسان عمل وحشي.
وقال يوسف إنه وللأسف انتشرت في الفترة الأخيرة  أفكار شيطانية لتروج لفكرة فتح المقابر الفرعونية وإبطال سحر اختفائها وحمايتها عن طريق ذبح أنثي غالبا ما تكون طفلة ولو أنني لم أشاهد هذا الحدث بنفسى ما كنت أستطيع أن أصدق هذا ، فقد حدث أن جاء بلاغ من حراس المنطقة التي كنت مديرا لها وهي تابعة لمركز العياط بمحافظة الجيزة في عام 2015 بوجود أعمال حفر خلسة تتم بواسطة ( مشايخ) ، وبعد إحالة الأمر لشرطة السياحة والآثار للتحري ، كانت دهشتنا كبيرة عندما وجدنا استغاثة من بعض أهالي هذه المنطقة تفيد بأن أب سيذبح ابنته للحصول على الكنز المدفون في منزله ، ذهبت أنا والعميد مصطفي حلاوة رحمه الله إلي موقع الحدث كان هناك استهجان كبير واستياء من الأهالي من إقدام هذا الرجل على قتل ابنته وفي التحقيق عرفنا أن شروط الدجال هي التي كانت السبب في اختيار الطفلة حيث إنه طلب أنثي لم يمسسها بشر ، لم يكن يبدو على الرجل أي تعبيرات تنم عن الندم أو حتى فرحة بنجاة ابنته، لكن الحقيقة أننا جميعا مقصرون في عدم توعية هؤلاء البسطاء وحمايتهم من الدجالين فربما لو نال هذا الرجل توعية وعلم لما فعل ما فعل وقصة عمر ابن الخطاب ليست ببعيد فقد كان يبكي كلما تذكر أنه وأد ابنته كعادة العرب في الجاهلية وأن آخر ما فعلته الطفلة أن نفضت الغبار الذى علق بلحية عمر ، لكن بعد أن دخل عمر الإسلام وأصبح من هو كان يبكي كلما تذكر هذا ، فلا يجب أن نلقى اللوم كل اللوم على هؤلاء البسطاء ولكن نحن أيضا كمجتمع ومثقفين شركاء  في الجريمة بعدم توعيتهم.
قال عبد الباسط شوقي المحامى، إن عقوبة التنقيب عن الآثار بقانون العقوبات بموجب المادة 41 من القانون، تتضمن أن كل من حاول التنقيب عن الآثار يعاقب بالسجن من سنة الـ3 سنوات، بالإضافة إلى غرامة 50 ألف جنيه. 
وأضاف شوقي، أن العقوبة قد تصل إلى السجن المؤبد حال نجاح المتهمين من خلال النبش والتنقيب فى استخراج قطع أثرية ففى هذه الحالة تقترن جريمة التنقيب بجريمة أخرى وهى الإتجار فى الآثار.

 

اقرأ أيضا : وهم الثراء السريع.. الضربات الأمنية تُسقط مافيا التنقيب عن الآثار