أمس واليوم وغدا

يونيـو العظــــيـم!

عصام السباعى
عصام السباعى

ما زالت ذاكرتى تحتفظ بمشاهد متقاطعة من أحداث الستينيات من القرن الماضى، أتذكر شبابيك الزجاج وهى مطلية باللون الأزرق، وأمام مداخل البيوت ذلك الحائط العريض، كانت هناك ملامح حزن يطغى عليها الأمل والثقة فى طلوع فجر الانتصار، ولكن  طعم البيوت كان كما هو لم يختلف، حتى ضحكة الجنود على عربات قطار السويس كانت تعكس الأمل على تجاوز المحنة، وكلما اقترب شهر يونيو، كانت ذكريات تلك الأيام تمر سريعا ولا تستمر طويلا، فالشاهد أن نكسة 1967، لم تكن سوى حدث عارض فى تاريخ ذلك الشعب العظيم، وقد يرى البعض أن الحرب قد انتهت بقرار مجلس الأمن 234 بوقف إطلاق النار فى 8 يونيو ، ولكن الحقيقة أنها لم تتوقف، والشاهد على ذلك تلك البطولات الموثقة، بداية  من « بطل التبة «، ذلك المصرى المجهول القادم من غزة الذى عطل بمفرده وبمساعدة أهالى العريش رتلا كاملا من الدبابات، قبل أن تتصدى له طائرات العدو، وبطولات العديد من الطيارين أمثال عبد المنعم موسى وعوض حمدى وعاصم غازى ونبيل شكرى، ولكم أن تصدقوا على سبيل المثال أن طائرة مصرية وحيدة وطيارا واحدا تمنع تشكيلا معاديا من تنفيذ مهامه، وتتواصل البطولات بعدها على طول خط النار فى المدن البواسل السويس وبورسعيد والإسماعيلية، وحكايات الشهيد إبراهيم الرفاعى والمجموعة 39 قتال، ونسمع عن قصص البطل الذى عبر القناة وعاد بثلاثة صواريخ بدلا من صاروخ واحد كما هو المحدد له، فى العملية الشهيرة باسم «عملية الصواريخ الكهربية»، وتستمر العمليات الكبرى مثل «راس العش» وإغراق المدمرة إيلات، تلك العملية التى غيرت الاستراتيجية العسكرية البحرية فى كل العالم، حيث تم إغراق مدمرة طولها 125 مترا، بواسطة صاروخ سطح ــ سطح  من على لانش طوله 25 مترا فقط .
 وانتهت مرحلة الاستنزاف بحرب إعجازية، عبر فيها الجنود المصريون قناة السويس، وحطموا خط بارليف، وأتيحت لهم الفرصة للحرب مع العدو وجها لوجه، جنديا أمام جندى، طائرة لطائرة، ودبابة لدبابة، وبوارج تسيدت البحار، وحائط صواريخ  أوقع بالكثير من الحشرات الطائرة، عارضان فقط أتذكرهما، الأول: تنحى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، والمظاهرات العارمة التى تمسكت بزعامته وقيادته، والثانى: وفاة الزعيم بعد نشاط ماراثونى فى قمته العربية الأخيرة من أجل إنقاذ القضية الفلسطينية، ويتسلم القيادة الرئيس الراحل أنور السادات ، ويكتب كلمة النصر فى ختام تلك الحرب الممتدة ، ثم تروح مسحة الحزن من يوم 5 يونيو، ليتحول اليوم إلى يوم أهدت فيه مصر أكبر هدية للإنسانية فى كل العالم، بعد تطهير قناة السويس وإعادة افتتاحها بعد النصر  بعدة شهور، وتمر الأيام ويصبح يوم 5 يونيو ونكسة 1967 مجرد ذكرى أصبحت ذكرى لانتصار عالمى تشهد عليه صفارات السفن وهى تعبر من الشمال والجنوب، وتمر السنوات، ويصبح «يونيو العظيم»، الذى نجحت فيه ثورة 30 يونيو فى تجاوز نكسة حكم الإخوان، وكأنه قد تم غسيل كل ما هو مؤلم فى ذلك الشهر، ففيه عادت قناة السويس لمصر وكل العالم، وفيه انزاح احتلال الإخوان الفاشى لأرض مصر.. أرض السلام.. والمحبة.. أرض الأنبياء والتسامح.. وبناء عليها تم استعادة الـــدولــــــة وتدعــــــــيم بنيانـهـــا.. وإصــــــلاح اقتصادها.. وتحقيق التنمية الشاملة.. والاهتمام بالإنسان وتوفير مقومات جودة الحياة فى كل المجالات.. ويا مرحبا أيها الشهر العظيم، الذى سنظل نحتفل به فى مجلة «آخرساعة» أسبوعيا، وطوال أيامه الثلاثين.. فتدبروا.

حكاية الفنان زكى الفيومى!

كانت الدنيا سلاما حولنا، حتى جاءت العصابات الصهيونية إلى فلسطين، وكأن هناك من يريد نشر بذور الشر فى العالم، فبينما كان التسامح والسلام هو السيد فى كل بلدان المنطقة، كانت الدول التى أتت من بعيد هى التى ترسل قوافل الموت إلينا، وعلى هامش حربين عالميتين، ظهرت إسرائيل على الخارطة، وأصبح لليهود دولة، رغم أنهم كانوا قبل ذلك ينتمون لكل دول العالم باعتبارهم مواطنين وليس لأنهم يهود، وأزعم أنهم كانوا جزءا من نسيج الشعب المصرى، وعلامة لتنوعه وتسامحه، هكذا عرفت وعلمت من قراءاتى ولقاءاتى ومعايشتى لهؤلاء سواء داخل أو خارج مصر، ولم تكن إسرائيل هى هدف كثيرين منهم بعد الخروج من مصر، فقد كانت لديهم ثقة كبيرة أن أمانهم وسلامهم  الكامل قد ضاع، ولا أقول ذلك من فراغ، ولكن من خلال حكاية عشتها فى زيمبابوى منذ سنوات، فعندما وصلت إلى العاصمة السياسية «هرارى»، قادما من العاصمة الاقتصادية «بولاوايا»، كان مدير شركة النصر للاستيراد والتصدير، يعد لى زيارة لأحد المصريين المقيمين منذ زمن فى المدينة، وفى المنزل الذى كان طبق الأصل من البيوت المصرية، وفيه قاعة لشرائط فيديو للأفلام المصرية، والأفيشات والطرابيش، التقيت بصاحبه، ولكى تعرفوه ارجعوا إلى فيلم «أمير الانتقام» للبطل أنور وجدى، هو ذلك الممثل زكى الفيومى الذى قام بدور ابن كمال الشناوى ومديحة حمدى، كان يعيش فى مصر بأمان ونجاح، ويؤكد أنه رفض التوجه لإسرائيل، ولكن السلطات الفرنسية رحلته، فذهب مع صديق يونانى له لزيمبابوى، وعاش فيها وتزوج، وأنجب وتلاقيت مع ابنه الذى يتحدث العربية وتعلمها من أبيه.. الخلاصة أن زكى مجرد نموذج لليهود، الذين لم يجدوا سعادتهم فى الدولة العبرية، مثل كثيرين عاشوا فيها وندموا على ذلك، وحلم الجميع هو أن يعيش فى سلام، وهكذا حلم الجميع فى تلك المنطقة المنكوبة بالدولة العبرية الدينية التوسعية، وخاصة أكبر المنكوبين وهم أهل فلسطين واليهود أنفسهم.

 مصر تعيد الروح للرباعية الدولية!

لن يوقف نزيف الدم والأرواح والخراب فى أرض فلسطين، سوى ذلك الطريق الوحيد الذى دعا إليه رجل السلام الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ اللحظة الأولى للعدوان على غزة، وهو استئناف مفاوضات السلام على أساس حل الدولتين والتوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطينى وفق المرجعيات الدولية، ولا يخفى على أحد أن الرئيس السيسى قد أكد منذ سنوات وفى أكثر من مناسبة ومحفل دولى الضرورة القصوى لاتخاذ مثل تلك الخطوة باعتبارها مفتاحا للعديد من أزمات المنطقة، وستكون القاهرة ورجالها محط الأنظار هذه الأيام وخلال الفترة القادمة، حيث تستضيف مفاوضات وتجرى زيارات واتصالات بهدف تثبيت وقف إطلاق النار، والتوصل لاتفاق هدنة طويلة الأمد بين الفصائل الفلسطينية فى قطاع غزة، والمؤكد أن  كلمات الرئيس السيسى ومجمل الجهود المصرية، قد أعادت الروح من جديد، فى «الرباعية الدولية» وبدأنا نسمع ما يفيد بتحرك المجتمع الدولى فى ذلك الطريق، ولا أبالغ لو قلت إن المستقبل قد يحمل السلام لو صدقت نوايا الجانبين، بعيدا عن غربان التطرف، وأهم شيء هو توحيد الصف الفلسطينى، وأن تكون الأولوية للمصالح العليا  فقط، فهل تنجح «دبلوماسية» المقصورات فى التوصل لأولى خيوط حل المشكلة الأساسية فى كل مشاكل المنطقة، وإنهاء الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، أو على الأقل رسم خريطته وخطواته المستقبلية!؟

بوكس

أتخيل أحيانا أننا بحاجة للجنة أولمبية من الخبراء الأجانب .. واتحاد كرة قدم أو لجنة إدارة من الخبراء الإنجليز.. ورئيس لجنة حكام من ألمانيا.. وخبراء أجانب من بوركينافاسو لتقييم أداء الحكام وتقديم فقرة الفضائيات.. وطبيب نفسى من موزمبيق لتقييم أداء مقدمى بعض البرامج الرياضية!

بوكس

أكبر دليل على أن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بلا قيمة ويفتقد المصداقية، أن هناك 23 دولة وقفت ضد تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة بشأن العمليات العسكرية الأخيرة في غزة، وانتهاك إسرائيل للقوانين الدولية، 14 دولة امتنعت عن التصويت، وعارضته تسع دول، وكل هذه الدول ارتكبت  بذلك جريمة أخرى هى الصمت على جرائم محتملة ضد الإنسانية!