نحن والعالم

ازدواج المعايير

ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب

اصطياد المعارضين بالخارج سياسة تتبعها بعض الدول عبر ارسال عملاء لها لاختطاف المعارض أو تصفيته فى البلد الذى يقيم فيه. لكن رئيس بيلاروسيا الاسبوع الماضى لجأ لطريقة مختلفة لاعتقال صحفى معارض، حيث قام باختطافه من الجو بعد أن اجبر الطائرة التى كان يستقلها من اليونان إلى ليتوانيا، على الهبوط فى مطار العاصمة منسك بادعاء أن عليها متفجرات تعرضها للخطر.
الاتحاد الاوروبى، وقبل مرور 24 ساعة على الحادث، انتفض غاضباً وعقد اجتماعاً عاجلاً أدان فيه الحادث واصفاً اياه «بإرهاب دولة» قبل ان يقر مجموعة عقوبات بحق بيلاروسيا، تشمل حظر استخدام المجال الجوى للكتلة المكونة من 27 دولة ومطاراتها. كما أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، تجميد حزمة استثمار من الاتحاد لبيلاروسيا حجمها 3 مليارات يورو مع الوعد بمزيد من العقوبات الاقتصادية. أمريكا أيضاً وعدت بحزمة عقوبات مماثلة يتم دراستها.
الغريب ان الواقعة ليست الأولى من نوعها، فأمريكا نفسها عام 1985، اعترضت طائرة وأجبرتها على الهبوط بقاعدة أمريكية فى إيطاليا لالقاء القبض على نشطاء فلسطينيين مشتبه بهم فى حادث اختطاف سفينة إيطالية. وفى 1956 اعترضت طائرات مقاتلة فرنسية طائرة ركاب كانت تقل 5 من قادة حركة الاستقلال الجزائرية وأجبرتها على الهبوط فى الجزائر التى كانت حينها مستعمرة فرنسية.
الشاهد من ذكر هذه الحوادث ليس تبرير ما فعلته بيلاروسيا، والذى يعتبر «قرصنة جوية»، ولكن ابراز المعايير المزدوجة للغرب الذى يكيل كل شىء بمكيالين. ولا أدلّ على ذلك من هذه الانتفاضة السريعة لمجرد «ترويع» 171 راكبا اوروبيا كانوا يستقلون الطائرة التى أوقفتها بيلاروسيا، مقابل سكوتهم لـ11 يوما على قتل وتشريد وإرهاب ملايين الفلسطينيين خلال حرب إسرائيل الأخيرة على غزة. كذلك انتفاضهم لحقوق حرية الرأى والتعبير للصحفى المعتقل، مقابل سكوتهم لعقود على حق الفلسطينيين فى «الحياة» والعيش بسلام على أراضيهم.