رفعت الجلسة| عم سمير.. قصة أب يبحث عن قانون لا يحميه من عقوق أبنائه

 عم سمير
عم سمير

لا أعلم حتى الآن مصيرى هل أموت وحيدا، وادفن فى مقابر الصدقة، أم تحدث المعجزة ويوارى جسدى فى المقابر التى اشتريتها وقت أن كنت أبا وحولى أسرتى..لكن الواقع الذى أعيشه الآن يرجح آننى سأدفن بعيدا عن بيتى الذى ولدت وترعرعت فيه، وورثته أبا عن جد.

نعم بعيدا عن عائلتى وأولادى وأحفادي.. الذين طردونى فى جنح الليل.. وألقوا بملابسى فى الشارع، وأخبرونى بكل جحود وعقوق أن لا مكان لى فى هذا البيت بعد أن أفنيت عمرى كله فى خدمتهم ورعايتهم .

هل أجرمت عندما اشتريت قطعة أرض من رصيد عملى عشرات السنوات بالخارج، وبنيت منزلا من ثلاثة أدوار، أهديت لكل ابن من أبنائى بيتا، وحررت عقد تمليك له، حتى شقتى كتبتها لابنى الصغير.. ووزعت الميراث بينهم حتى لا تحدث مشاكل بعد وفاتى ؟.

ويؤكد عم سمير، قائلا: أتذكر اننى قبل ان آتى إلى هذا المأوى المؤقت «مؤسسة معانا لإيواء المشردين»، ظللت 3شهور اسكن الشوارع، اختبئ من البرد اسفل كبارى القاهرة، اتحسس طعامى من فضلات المطاعم، واتقاسمها مع المشردين مثلى..فى هذه اللحظة أدركت أننى سأموت مشردا، وستكتفى الجمعيات الخيرية بأن تتطوع لتدفن جسدى، وفى حالة عجزت عن اكتشافه قبل ان يتحلل وتنهشه الكلاب،سأكون ضيفا ثقيلا على ثلاجة الموتى بمشرحة زينهم، وبعدها سأعود إلى مقابر الصدقة..هذه هى نهايتى المتوقعة.. وانا انتظرها بقلب مطمئن.

قصتى تتلخص اننى اب لثلاثة اولاد اكبرهم محامى..كنت مقاول بناء ناجح، حققت أموالا كثيرة من عملى فى عدد من الدول العربية وبالتحديد لبنان، لذلك استثمرت اموالى فى مقاولات البناء، لكن مع دخول فيروس كورونا، توقفت الأعمال.. وبعدها قررت ان اوزع ثروتى على ابنائى الثلاثة واعتزل العمل نهائيا.

 أخرجت كل ما أنفق من أموال امتلكها ووضعتها أمام نجلى الاصغر حتى يتزوج.. وتركت الشقة له، وذهبت للعيش مع ابنى الاكبر فى الدور الأول من البيت.. لم يتحملنى سوى أيام، بعدها طلب منى ان أغادر شقته، تحجج بزوجته، وعلى غرار ذلك تحجج باقى ابنائى..حتى فوجئت عند عودتى من المنزل بجارتى تخبرنى ان اولادى تركوا لى شنطة ملابسى امام باب العمارة وطلبوا منها ان تخبرنى أننى غير مرغوب فيه.

حملت حقيبتي..وقررت أن أترك الإسكندرية..ليس معقولا أن أسكن الشوارع والكبارى وهنا اهلى وناسى..توجهت إلى القاهرة..سكنت فى «بنسيون « فى رمسيس..لكن اموالى نفذت.. بعدها قررت ان اسكن الشارع بالنهار،وبالليل أبيت أسفل الكباري.

كنت أكتفى بالفتات حتى أضمن أن أعيش للغد.. تعرضت للسخرية والضرب من أطفال الشوارع، هاجمتنى الأمراض، حتى تعفنت قدمى، وتغلغلت الديدان بها..لم استطع ان اغير من وضعى..استسلمت لمأساتى، وألقيت برأسى وجسدى اسفل احد الكبارى انتظارا للراحة الأبدية..الا اننى استيقظت ووجدت نفسى محاطا بأطباء اخبرونى انه تم معالجة قدمى، ثم وضعونى فى هذه الدار.

أليس من حقى أن أتساءل.. آى قانون هذا الذى لا يحمى أبا من عقوق أبنائه، أى تشريع هذا الذى لا يضمن أن يسترد المظلوم حقه، وان يعاقب المغتصب حتى لو كان التنازل بنية صافية من أب لأبنائه..

نهاية لست فى حاجة إلى ابنائى..هم عالقون وجاحدون، أبارك لهم سعادتهم بدونى، وأتمنى أن يمد الله فى عمرى وأعمارهم حتى أشاهد ما سيفعله أبناؤهم بهم.. انا الآن أعيش فى سعادة بعيدا عنهم.. وكلما اشتد المرض على.. ابتسم، لأننى سوف أقابل ربى وأشكوهم له.