حوار خاص مع عاشقة الآثار الإسلامية

القبطية جاكلين .. «تعمر» بيوت الله

جاكلين مع فريق عمل ترميم أحد الآثار الإسلامية
جاكلين مع فريق عمل ترميم أحد الآثار الإسلامية

كتب/ ريحاب محمد

جاكلين سمير عزيز، أول سيدة مسيحية تعمل فى الآثار الإسلامية، وأثبتت تفوقاً كبيراً فى العمل بهذا المجال، أسند إليها وزير الأوقاف العديد من المهام، ومنها ترميم مسجد الرفاعى والإمام الشافعي والفتح وتطوير ميدان السيدة عائشة وغيرها من المساجد الكبيرة، كما أسند لها العمل على تطوير المركز الثقافي الإسلامي بتنزانيا، وقامت أيضًا بترميم الكنيسة اليونانية المُعلقة.. «آخر ساعة» كان لها هذا الحوار مع السيدة المسيحية التى عشقت الفن الإسلامي وتفوقت فيه.

فزنا‭ ‬بالمركز‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬فى‭ ‬ترميم‭ ‬الكنيسة‭ ‬اليونانية‭ ‬المعلقة

أصعب‭ ‬عمليات‭ ‬الترميم‭ ‬فى‭ ‬مساجد‭ ‬الرفاعى‭ ‬والفتح‭ ‬بعابدين‭ ‬والشافعى

< لماذا اخترت مجال الآثار بشكل عام والإسلامية بشكل خاص؟
ــ تخرجت فى الجامعة 2001، بمجال الترميم الإنشائى والمعمارى للمبانى الأثرية ذات الطابع الخاص سواء إسلامية أو قبطية أو يهودية أو فرعونية، فكل ما يشمل آثار مصر العظيمة كان ضمن دراستى، واخترت التخصص فى الآثار الإسلامية لأنها غنية جدًا بالعنصر الزخرفى، كما أن الفن الإسلامى غنى لأبعد الحدود، والهندسة فيه قوية للغاية متجسدة بالعديد من المساجد مثل مسجد الرفاعى وغيره الكثير.
وأنا أقف أمام هذه المساجد، أقول أحيانا لنفسى إن الهندسة الآن متأخرة وليست متقدمة، فالعمارة الإسلامية تدل على أن هؤلاء الناس كانوا مبدعين ومتقدمين للغاية، أنظر إلى مسجد الرفاعى وأتعجب وأندهش وأتساءل عن حجم الآلات التى استخدمها هؤلاء المبدعون ليصلوا إلى هذا العمق والحفر الإنشائى الذى تستخدم له الآن أكثر الأوناش تطورًا.
< حدثينا عن عملك فى كنسية مار جرجس اليونانية المعلقة؟
ــ أسندت لى ومعى فريق عمل متكامل هذه المهمة، وحصلنا فيها على جائزة أحسن مهندسين على مستوى العالم من أمريكا، قدمنا أفضل دراسة فنية وأفضل مشروع ترميم على مستوى العالم، الكنيسة أبهرت الجميع على مستوى العالم كله، وأثبتنا أن المهندس والمرمم المصرى من أقوى المنافسين فى هذا المجال.
< من شجعك على دخول هذا المجال؟
ــ والدى رحمه الله، كان عنده إيمان قوى بى وبهذا المجال، لم يكن لدى خلفية بمجال الترميم ولا الآثار، لكن هو الذى تنباً لى أننى سأنجح فى هذا المجال، وكذلك كانت هناك عوامل شجعتنى أهمها التحدى ورفض الاستعانة بالخبرات الأجنبية، فأنا دائمًا أشعر أن هذه الأماكن هى بيوتنا ولا يجب أن نلجأ للأجانب ليرمموها لنا، بل نحن يجب أن نمتلك الخبرات والآلات والإمكانات لتطويرها والحفاظ عليها.
< ما أصعب المساجد التى قمت بترميمها؟  
ــ مسجد الفتح بعابدين، بذلت فيه مجهودا كبيرا مكثت 4 سنوات للعمل به، وهناك مسجد الإمام الشافعى والذى كان يعانى من انهيار كامل بسبب انخفاض منسوبه وتقاربه من مستوى المياه الجوفية التى جعلها تظهر على السطح وتمنع الناس من الصلاة، الأمر الذى جعلنا نحفر الأساسات لأعماق كبيرة جدا، وجعلنا أرضيات المسجد خرسانة عائمة أو مرتكزة على جوانب الأعمدة فقط حتى نطفو بها بعيدا عن المياه الجوفية، وهذا كان من أصعب المساجد التى عملت بها، وأيضًا مئذنة مسجد الفتح برمسيس يعتبر من أكبر المآذن فى الشرق الأوسط، ارتفاعها 130 مترا، كان لدينا تحدٍ بأن نرفع المعدات لهذا الارتفاع ونبدأ نعالج الأذى الذى حدث لهذه المئذنة.
ــ أيضًا العمل كان صعبا فى مسجد الرفاعى وكان تحديا كبيرا فهو على ارتفاع شاهق وتطلب أيضا أوناشا ضخمة، وغيرنا 680 مترا مسطحا بالمسجد، وكان أمامنا تهديد بأنه قد يحدث انهيار فى أى مكان ونحن نعمل داخل المسجد.
< ما علاقتك بوزير الأوقاف؟
- العلاقة بيننا رائعة، وهو لم يكن لديه أى مانع فى عملى، ولم يقف ولو لحظة أمام كونى سيدة أو مسيحية، بل على العكس كان يجلس معى ويتحاور معى فى العمل وما يتم من إنجاز وغير ذلك، وكان يثق بى جدًا، ويسند لى الأعمال بمنتهى الثقة.
< ما تأثير حى شبرا فى تربيتك ونشأتك؟
- شبرا بالنسبة لى تعنى رمضان، والفانوس، نصوم معًا ونأكل معًا، الأعياد والكريسماس، شبرا لا تعرف فيها المسلم من المسيحى كله يذوب معًا والكل يعيش معًا دون فرق أو اختلاف .
< هل هناك تشابه بين العمل فى المسجد والكنيسة؟ 
ــ كلها بيوت الله وبالتالى نجد بها راحة نفسية، لكن كنسق معمارى وهندسى لا يوجد بينهما تشابه، فالببيئة للعناصر الزخرفية بالكنيسة مليئة بالأشكال الآدمية بينما المساجد ليس فيها أشكال آدمية على الإطلاق وتستبدل بالعناصر الزخرفية والقباب وغيرها.
< بمَ يتميز الفن الإسلامى عن بقية الفنون؟
ــ الفن الإسلامى أكثر غنى عن بقية الفنون وأكثر تفصيلا.
< هل التحقت بوظائف أخرى قبل العمل فى هذا المجال؟
ــ منذ أن تخرجت لم أعمل بغير هذه المهنة، عملت دراسات وطورت من نفسى، وسافرت للخارج كثيرًا، كله فى نفس المجال، ومؤخرا أسند لى وزير الأوقاف ترميم وتطوير المركز الثقافى الإسلامى فى تنزانيا.
< حدثينا عن رحلة سفرك إلى تنزانيا؟ 
ــ لقد أسند لى وزير الأوقاف مهمة تطوير المركز الثقافى الإسلامى فى تنزانيا، وكانت لديهم هناك دهشة كبيرة، كيف تكون سيدة هى الوافد الذى يمثل الأوقاف والمقاولون العرب، وأن أكون أنا الشخص الذى يشرف على أعمال التطوير، وبالفعل افتتحنا مرحلة أولى ومرحلة ثانية وأصبح المكان «جنة» بعد أن كان مهجورًا، وأنا فخورة أننى طورت معالم بلدى فى كل مكان سواء مسجدا أو كنيسة .
< إذا لم تعملى فى هذا المجال فما الوظيفة التى كنت تحبين العمل بها؟ 
ــ دخولى هذا المجال كان بناء على رغبة والدى وكنت أرغب فى دخول كلية الألسن قسم إيطالى أو ألمانى ولكن الحمد لله هذا المجال أصبح يجرى فى دمي، ولا أريد العمل بغيره، حتى أصبحت أحلم بالجديد الذى سأقدمه حتى أفتخر به وأشير عليه لأولادي.