فعلى المسلم الطالب لسبيل النجاة الالتفات إلى جوهر شعائر الإسلام، فلا ينبغى له أن يقف فيها عند الالتزام الشكلى والتدين المظهرى فقط،

المفتي: على المسلم الالتفات لجوهر الشعائر وعدم الوقوف عند التدين المظهري

 د. شوقى علام
د. شوقى علام

أكد د. شوقى علام -مفتى الجمهورية أن الخضوع والتسليم لله عبادة، قد لا يستطيع المرء معرفة الحكمة العقلية من بعض الشعائر والعبادات؛ ولكن العبادات تهدف إلى سمو النفس وتهذيبها، فعلى المسلم الطالب لسبيل النجاة الالتفات إلى جوهر شعائر الإسلام، فلا ينبغى له أن يقف فيها عند الالتزام الشكلى والتدين المظهرى فقط، وإن كان أداؤها يُسقط المطالبة بالقضاء مرة أخرى، بل يطلب منه فى حال أدائه إياها على وجهها المشروع أن يتحقق بمقاصدها التى شُرِعَت من أجلها من ربطها بالخالق وحده وتعظيمه تعالى وإقامة ذكره وشكره على نعمه الظاهرة والباطنة والتحلى بمكارم الأخلاق».

أضاف أن الشعائر والعبادات تشتمل على دروس جامعة تُعلى من شأن مكارم الأخلاق، لأنها تُربِّى المسلم قلبًا وعقلًا وجسدًا على الأمور الحميدة والعوائد الحسنة بما يرسم طريقًا ميسورًا مختصرًا للتَّخَلِّى عن القيم السَّلبيَّةِ والأخلاق السَّيئة، ومن ثمَّ تتجلَّى الكَمالات المحمودَة على قلبِ المُسْلِم وعقلِه حتى يصيرَ ذَا خُلُقٍ عظيمٍ.

وأوضح أنه ليس هناك فصل بين الإيمان والأخلاق والعمل، ونحن إنما ننطلق من الداخل، حيث لا يكون السلوك الخارجى إلا ترجمة حقيقية لما فى الداخل، وهذا أساس الإيمان الذى هو قول واعتقاد يصدقه العمل، ثم تأتى مرحلة الإحسان، وهى مرتبة خاصة تختبر فيها الرجال، حيث الرقيب هو الله وحده. والفصل بين الظاهر والباطن إنما هو من النفاق.

وأضاف: وفى هذا الإطار يأتى التأسيس النبوى الشريف لتعميق الإيمان فى النفوس، فإنه المحرك لكل أعمال المسلم الظاهرة والباطنة التى لا يطَّلع عليها أحد إلا الله سبحانه وتعالى، وذلك فى حديث سيدنا عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- حيث يقول: «بينما نحن جلوس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ دخل علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، فجلس وأسند ركبتيه إلى ركبتى النبى صلى الله عليه وسلم، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد، أخبرنى عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا، قال: صدقت، قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال: فأخبرنى عن الإيمان، قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال: فأخبرنى عن الإحسان، قال: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك».

وأشار إلى أن التزام الإحسان والعمل بمقتضياته فى النية والأفعال والأقوال من محاور التربية الفاضلة الواعية والواقعية، التى أمر الله تعالى عباده باتباعها وسلوك طريقها والتحقق بمقاصدها.

وأكد أن للإحسان ثمرات عظيمة تغرس فى الفرد حياة الشعور ويقظة الضمير، ومعاملة أفراد المجتمع بالحسنى، مما يجعل بنيان الوطن قويًّا متماسكًا وثيق الروابط والأواصر ووفير التعاون على البر والتقوى، فضلًا عما يثمره من تصفية الإنسان لنيته ومراقبته لخالقه فى تصرفاته وسلوكياته على جميع أحواله.

وشدد المفتى على أن إعمال العقل والتدبر ليس معناه الشك والحيرة والريبة فى أحكام الله وقوانينه بل إدراك الخير والبحث عن النفع فيها وتأمل صلاحيتها وفائدتها للإنسان، وليس معنى نفعها للإنسان أن يُقدم عليها الإنسان من أجل المنفعة الدنيوية فيها فحسب، بل لا بد من تحقيق مبدأ التعبد والخضوع لله؛ ولهذا نحن نؤكد على أنه يجب ألا يرتبط الإعجاز العلمى للقرآن والسنة بمنفعة الإنسان فحسب، بل يجب ربطه بما تحقق بشكل مؤكد لأن التسرع فى ربط الإعجاز بأى رأى علمى لم يثبت بشكل قاطع يُعرِّض الدين للحرج والشك.

وأوضح جواز قضاء الصوم عن المتوفى، سواء أكان أحد الوالدين أم غيره، كما يجوز أخذ الأقماع أو ما يُعرف «باللبوس» أثناء الصوم عند الضرورة إذا لم يكن هناك تحمل لتأجيلها إلى الليل، والأفضل قضاء يوم مكانه بعد رمضان، استحبابًا وليس وجوبًا.