من 1909 لـ2008.. رحلة تحرير قناة السويس من احتلال مئة عام

قناة السويس قديما - أرشيفية
قناة السويس قديما - أرشيفية

واحدة من أغرب القضايا المرتبطة بقناة السويس، لولا تدخل الصحف المصرية في العام 1909 لكانت القناة تحت الحصار الأجنبي باسم المتيازات حتى العام 2008.

 

تفاصيل القصة تعود إلى العام 1909 حين نشرت صحيفة ديلي تلغراف تقريرًا عن أن "المندوب السامي البريطاني لا يستطيع حكم مصر وحده وأن الخديوي مستعد للتعاون معه، وأنه لا فائدة للمصريين من استبدال احتلال باحتلال وأن الاحتلال البريطاني أفضل من أي احتلال آخر"، في إشارة إلى السيطرة الإنجليزية على القناة.

 

أما صحيفة (لا بورس) الفرنسية فنشرت في 5 أكتوبر 1909 تقريرا عن أن الحكومة المصرية تتفاوض مع شركة قناة السويس لمد الامتيازات 40 عاما, فالمفاوضات تمت بين هنري بول هارفي المستشار البريطاني لوزارة المالية المصرية والشركة.

 

وبعد انتشار هذا الخبر بدأت مصر صراعا استمر 7 أشهر، وانقسمت أطراف الصراع إلى قسمين طرف الاحتلال البريطاني والخديوي والوزراء والشركة العالمية لقناة  السويس والطرف الآخر أحزاب مصرية تقف خلفها مجموعة من الصحف.

 

ورغم انتشار الخبر تم الاتفاق على مد امتيازات قناة السويس إلى 40 عاما، لتبدأ معها حرب ضد مصر فنشرت الصحف الألمانية تطالب بتعيين ممثل ألماني في مجلس إدارة القناة.

 

اقرأ أيضًا| وثيقة بيع قناة السويس للإنجليز.. صور

 

أما الصحف المصرية فقد حاولت مضاعفة الروح المعنوية للمصريين، قائلة: "إن إطالة أجل الشركة مقابل تعويض مالي أفيد لمصر فربما تطالب الدول الحكومة المصرية بأن تصبح مالكة للقناة ثم تخفض رسوم المرور".

 

الصحف المصرية نجحت في معرفة أسرار الصفقة التي تتيح للشركة مد امتيازات قناة السويس حتى عام 2008 فهذا الامتيازات مقابل 4 ملايين جنيه تدفع أقساط، وتحصل مصر على نسبة من الربح 4% ابتداء من عام 1921 وتزيد 2% كل 10 سنوات، وبعد ذلك تكون الأرباح مناصفة بين الحكومة وشركة قناة السويس، ومن الأسرار المنشورة كذلك أن هنري حصل على رشوة من شركة القناة.

 

وكتب الزعيم المصري محمد فريد قائلا إن الحكومة اعتادت تجديد امتيازات الشركة الأجنبية بدون علم المصريين، فمدت أجل شركتي مياه العاصمة ومياه الإسكندرية، مطالبًا رئيس الحكومة وقتها بعدم التساهل فيما يتعلق بقناة السويس.

 

وقتها نشرت وكالة هافاس الفرنسية أيضًا أن مجلس إدارة شركة قناة السويس قرر رفض عرض الحكومة المصرية وأنه سيتم تأجيلها.


 
وخصصت الصحف الوطنية صفحاتها لفضح هذه المؤامرة على مصر، والرد على كل شائعة تستهدف جبهة المعارضة، وتتعقب كل كاتب يؤيد المشروع، فاضطر المستشار البريطاني إذاعة نصوص المشروع مع المذكرة.

 

ورد محمد فريد مقال بعنوان "نحن مصرون ومسألة القناة مصرية", ويعود الخديوي إلى مصر, فيقول عباس حلمى الثاني إنه وافق على مسألة إطالة الامتيازات، ليتم تعطيل صحيفة العلم الناطقة باسم فريد ويتم القبض على رئيس تحريرها أحمد حلمي بتهمة القذف في حق الخديوي وأسرته.

 

هنا تدحلت الجمعية الوطنية (البرلمان) لتشكل لجنة سعد زغلول للدفاع عن وجه نظرها، وخطب سعد ما يقارب الساعتين, واستمر سعد هو والأعضاء في ذلك، وبعد طرح المشروع للتصويت رفضه الأعضاء ما عدا واحد فقط.

 

وفي اليوم التي عبرت الصحف الإنجليزية عن غضبها من موقف البرلمان المصري، بينما كانت الصحف الوطنية سعيدة بهذا الانتصار، لكن سرعان ما قررت الحكومة بإصدار قرار بإحالة قضايا الصحافة إلى محاكم الجنايات ويحاكم محمد فريد ويتم حبسه 6 أشهر.

 

 وفي عام 1940 وعند مناقشة مشروع مد الامتيازات لقناة السويس مرة أخرى لم يأخذ النقاش غير 35 دقيقة فقط !

 

المصدر: مركز معلومات أخبار اليوم