ماذا قال علماء الأزهر عن حادث طبيبة السلام؟ 

صحيفة صوت الأزهر
صحيفة صوت الأزهر

نشرت صحيفة صوت الأزهر الصادرة عن مشيخة الأزهر في عددها الأخير تقريرا عن حادثة طبيبة السلام التي اقتحم جيرانها شقتها بدعوى وجود غريب معها ما أدى لسقوطها من شرفة شقتها
 وقالت الصحيفة الأزهرية في تقريرها الذي استطلعت فيه أراء علماء دين إن الشريعة الإسلامي كفلت حماية الحياة الخاصة للأفراد والأشخاص، فلا يحق لأحد أن يقتحم خصوصيات الآخرين، وقد جرم المشرع تخطي الحياة الخاصة، وحرمت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية اقتحام أو دخول بيت بدون استئذان صاحبه، وإلا يعد هذا اعتداء على حرمة الحياة الخاصة.
 وشدد الصحيفة التي يرأس تحريرها الكاتب الصحفي أحمد الصاوي، على ضرورة احترام الحياة الخاصة للأفراد وحرمة ترويعهم وهم في بيوتهم، مؤكدين أن الشريعة الإسلامية دعت إلى عدم التعدي على الخصوصيات وتتبع عورات الجيران في منازلهم.
وقال الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، إن مقاصد الشريعة الإسلامية جاءت من أجل المحافظة على كرامة الإنسان، وأقرت مراعاة حرمتها، بعدم التجسس على الآخرين أو تتبع عوراتهم، أو غيبتهم، مبينا أن القران الكريم كان صريحا في هذا الأمر فقال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ولا تجسسوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ"، مشدداً على أن النبي الكريم نهى عن الظن فقال: (إياكم والظنَّ، فإنَّ الظنَّ أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا)، مشيرا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته)، موضحاً أن عن تتبع عورات الآخرين أو التجسس عليهم واقتحام خصوصياتهم.
وأضاف العواري أن الشريعة الإسلامية حمت بسياج منيع خصوصيات الإقامة والسكنى بالنسبة للإفراد، فلا يجوز لمسلم أن يقتحم على إنسان خصوصيته في السكن، أو يكسر باب بيته للدخول عليه بدون إذن، موضحاً أن الشريعة الغراء شرحت للمسلمين آداب الاستئذان، فقال تعالى "وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا"، فإذا لم يأذن صاحب البيت لنا بالدخول ولم يصدر منه ما يأنس بدخولنا لبيته لرجعنا على الفور، فقال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىٰ تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَىٰ أَهْلِهَا ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ".


رفض صريح
ويقول الدكتور جاد الرب أمين، عميد كلية الدراسات الإسلامية السابق، إن الشرع الحنيف حمى وحفظ الخصوصية الخاصة للأفراد في أي مجتمع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: "فإذا طعمتم فاخرجوا غير مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق"، ومعنى هذا أنه إذا كنتم ضيوفا عند النبي فاحترموا الخصوصية ولا تطيلوا المكوث عند النبي، وإن قدم إليكم النبي طعام وطعمتم فاخرجوا وانتشروا ولا تمكثوا، فلعل هذا وقت خصوصية للنبي يريد أن يقوم بأمور خاصة أو له أسراره التي لا يصح أن تطلعوا عليها، فإن كان ذلك حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا أيضا واجب على أن نراعيه مع بعضنا البعض، مشيراً إلى أن الشريعة الإسلامية شرعت عدم التهجم على الخصوصية وتتبع عورات الجيران في حرماتهم الخاصة وفي بيوتهم، مستدلا بحديث النبي عليه الصلاة والسلام: "ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته"، فلا يجوز التجسس على البيوت ولا يجوز أيضا محاولة معرفة مايجري في بيت جيراننا لأن كل بيت وله حرمته.


وأوضح جاد الرب أن التجسس على الناس في خلواتهم وحرماتهم كالبيوت أمر ترفضه الشريعة رفضا قاطعا وجرم يعاقب عليه القانون، ولنا في رسول الله أسوة حسنة حيث يقول عليه الصلاة والسلام "والله لا يؤمن والله لا يؤمن، قال الصحابة من يارسول الله؟ قال من لم يأمن جاره بوائقه"، فلا شك أن الاعتداء على خصوصيات الآخرين من الاثام والبوائق التي يرفضها الإسلام، فنعم نتعهد في الجار باحترام خصوصياته واحترام بيته واحترام حياته الخاصة، ولا يجب علينا أن ننصب أنفسنا أوصياء على الجيران، فلكل خصوصيته ولكل حياته وشئونه، مشددا على أن الإسلام احترم الخصوصية.