فى أيد أمينة.. العمــة أم

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

أنا من ربيت، وأطعمت وكسوت، أنا من سهرت الليالى وحرمت نفسى من العمل، أنا من اخترت العنوسة، وأغلقت أبواب قلبى من أجلهم.. العمة أم، والخال أب.. هذه هى الحقيقة، مهما أنكر الجاحدون.. سيظلون أبنائى حتى لو نطقت الأحكام ودونت الأسماء فى شهادات الميلاد عكس إرادتى.

نعم لا يحق لمن كانت وعاء فقط أن تحرمنى من رؤيتهم، وتصفنى بالغريبة عنهم.. هى لا تملك أمومتى لهم، فلا أتذكر يوما أنها حزنت لحزنهم أو فرحة لفرحهم.. كل ما كان يشغلها ذاتها وعملها.. غير ذلك فلا أهمية له.

أنا يا سيدى القاضى.. ابتسام إبراهيم أم وعمة لهؤلاء الأطفال الثلاثة الذين يحتضون هذه السيدة خوفا من بطشها، حضرت إلى قاعة المحكمة لآخذ حقى حتى لو لم يحالفنى القانون.. جئت هنا من أجل رؤية أطفال شقيقى الذين ربيتهم وهم صغار.. وحرمتنى أمهم من رؤيتهم بعد وفاته.

لا أحمل يا سيدى القاضى سوى أمومتى.. الأوراق التى تصدرون أحكامكم على أساسها، لا أملكها.. الحنان لا يحتاج ورقا، الحب لا يتطلب برهانا، التضحية لا تنتظر شكرا حتى لو كان مصيرها النكران.

أرجوك.. دعنى أجلس على المنصة ولو دقيقة.. حتى اسأل من اكتشفت فجأة أنها أم.. ماذا تعرفين عن هؤلاء الأطفال الثلاثة، أى الأشياء يكرهونها ويحبونها، ما هى القصص التى يحفظونها ظهرا عن غيب؟، سأسألها.. كم مرة اشتكى لها الابن الأكبر من تجاهل زملائه له فى المدرسة، سأطلب منها إجابة على ما حدث لابنتها الصغرى عندما أصيبت بالحمى. وكيف أنها تركتها وتفرغت لعملها، سأحدثها عن الحروق التى التهمت جزءا كبيرا من ابنها الأوسط وعندما علمت.. اكتفت فقط بالاتصال بالتليفون مرة واحدة لتطمئن، بعدها غابت يومين فى مؤتمر ثم عادت وكأن شيئا لم يحدث.. وغيرها من الأمور التى أرى أنها جردتها من أمومتها، فكنت خير بديل لها.

أنا هنا أحمل وصية شقيقى الذى تركنا فى حادث أليم منذ عام، كان دائما يوصينى بأولاده، ويطمئن كلما أخبرته أننى أمهم التى لم تنجبهم.. لم يكن يثق سيدى القاضى فى زوجته، فحياتها كانت عملا وسفرا للخارج، لم تعلم شيئا عن أولادها سوى الاسم.. واليوم بلغت بها الغيرة من حب أبنائها لى بحرمانى منهم.. أى دين يحلل هذا؟، وأى قانون يتجاهل حقى فى رؤيتهم؟.

جئت إليك سيدى القاضى حاملة صورا وفيديوهات جمعتنى السعادة مع أولادى الذين لم أنجبهم، وأخرى تحمل أحزانى معهم.. فلم أجد قانونا ينصفنى، أو مستندا غير ذلك يعطينى حقى فى رؤيتهم حتى ولو مرة واحدة فى الأسبوع.

خاطرت يا سيدى القاضى بدعواى رغم تحذيرات المحامين من أنها مرفوضة، فليس هناك ما ينص على حقى فى رؤية أبناء شقيقى، لكننى أربت على روح القانون وضمير القاضى، أتعشم فى رحمة كلماته التى سينطق بها حكمه، يكفينى توصية بأن يشملنى القانون حتى أكون من المحظوظين برؤية أبناء أخى فى المستقبل.

نهاية سيدى القاضى.. أنا عمة وفى الحقيقة أم، فمن يكتب القانون يجب أن يراعى ذلك، الخال أب أيضا، نملك قلوبا، لا أحجارا.. حرمنى الموت من شقيقى، ولا أملك قلبا يقوينى لأتحمل حرمانى من رؤية أبنائه .

رؤية إلكترونية

رسالتك هى جرس تنبيه للقائمين حاليا على تعديل قانون الأحوال الشخصية.. وأخص نواب البرلمان.. مادة الرؤية لم تتغير فى مسودة مشروع القانون الذى قدمته الحكومة.. وقد أبقت على نصها القديم باقتصارها على الأب والجدين والجدات.. وتجاهلت باقى أفراد الأسرة.. ما يميز مسودة القانون الجديد أنها نصت على رؤية إليكترونية.

هذه الميزة يجب أن يراعيها المشرع، فقد يضم إليها الخال والعم والأقارب بالإضافة إلى الأبوين والجدين والجدات.. محكمة الأسرة بقصر النيل فى حيثيات حكمها اكتفت بالتأكيد على عدم شمول الرؤية للعمة أو الخال.. لذلك رفضت دعواك، وفى نفس الوقت أكدت على أن رؤيتك تدخل فى إطار صلة رحم وهو أمر يجب أن ينتبه إليه المشرع عند تعديل قانون الأحوال الشخصية الحالى.