الأخبار المضللة تغزو العالم

مواقع التواصل الاجتماعى السبب الرئيسى لانتشارها

مواقع
مواقع

خالد حمزة

قبل فترة نشرت قنوات الإخوان صورة لشاب تم القبض عليه وإعدامه، قالت إنه مواطن مصرى، واستغلت اللجان الإلكترونية التابعة للجماعة الصورة فى الهجوم على مصر والتحريض ضدها على مواقع التواصل الاجتماعى، لكن الصورة التى ظهر فيها الشاب بزى برتقالى، وهو موثق على قوائم خشبية، وتسيل الدماء من أنحاء جسده، اتضح بالبحث عنها على الإنترنت أنها منشورة منذ 5 سنوات، وليس لها أى علاقة بمصر من قريب أو بعيد، وأنها لشاب داعشى تم إعدامه فى سوريا.

وفى أمريكا أظهر تقرير استقصائى نشرته "واشنطن بوست" مدعوما بالأرقام والأخبار والقصص المنشورة، أكاذيب وادعاءات الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، وفيه رصدت الصحيفة عن طريق وحدة التحقق من الأخبار داخلها أن ترامب أطلق أكثر من 35 ألف كذبة أو ادعاء كاذب خلال فترة توليه للسلطة.
العديد من التساؤلات مُثارة حول الأخبار الكاذبة أو الملفقة أو المضللة كما وصفتها منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم اليونسكو فى كتيب تم إصداره منذ عام بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ناومان الألمانية بعنوان "الصحافة والأخبار الزائفة والتضليل"، فالأخبار المضللة قديمة قدم الإنسان، ولا يعرف أحد بداية حقيقية لها، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعى واتساع مصادر الحصول على الأخبار والقصص بصورة كبيرة، أصبح صعبًا على الصحف والمؤسسات الإعلامية الكبرى السيطرة على عملية تدفق المعلومات، وأصبح من السهل على أى شخص أن يبث أخبارا كاذبة للربح أو الحصول على الإعلانات أو للإساءة أو التنمر ضد أشخاص سواء من المشاهير أو العاديين.
ولجأت المؤسسات الإعلامية والصحف الكبرى حول العالم منذ سنوات لإنشاء وحدات التحقق من الأخبار والقصص، وظهرت تلك الوحدات فى صحف عالمية مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست وجارديان وأوبزرفر، وفى صحف الهند وماليزيا وأستراليا وغيرها، وداخل وكالات أنباء عالمية مثل رويترز والفرنسية ووصلت لبعض الصحف العربية.
وتحاول تلك الوحدات تتبع مصادر تلك الأخبار التى يمكن اعتبارها مضللة أو مزيفة.
وداخل شبكة الإنترنت، هناك وسائل عديدة للتحقق من الأخبار باستخدام أدوات وطرق ومواقع مجانية، ومنها بث الصور العكسى بالبحث عن الصور ومصادرها عبر جوجل والصور المماثلة لها، والمواقع التى نشرتها والمعلومات المتعلقة بها، والـ"واى باك ماشين" وهى مكتبة أرشيفية افتراضية لتحديد المحتوى حول العالم، والـ"بوتومتر" و"التعرف الضوئى على الحروف"، ومواقع مثل "سنوبس" لتصفح الشائعات خاصة غير معروفة المصدر، و"فاكت شيك" حول أكاذيب السياسة الأمريكية، و"بوليتك فاكت" الأمريكى حول السياسة، ومواقع عديدة حول الانتخابات سواء الرئاسية أو النيابية ومزاعم حالات التزوير فيها، و"ساى شيك" و"سيرف سايف" الذى يساعد المستخدمين على اكتشاف الأخبار المزيفة، وهو متوفر عبر متصفحات "جوجل كروم" و"فايرفوكس" و"أوبرا" على الإنترنت.
وفى عالمنا العربى، توجد العديد من المنصات أو المراكز أو الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى لرصد تلك الأخبار المضللة وأبرزها بالطبع "مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار" التابع لمجلس الوزراء المصرى، والذى يقوم بالرد وتفنيد تلك الأخبار والشائعات أولا بأول، ويعد من المصادر الموثوق بها بدرجة عالية.
وهناك صفحة "ده بجد" على فيسبوك، وهى صفحة مصرية لتصحيح الشائعات والصور المزيفة على شبكة الإنترنت، وهناك "ماتصدقش" وهى مبادرة لشباب مصريين للحد من تأثير الأخبار المفبركة والقصص المزيفة والمعلومات المضللة، من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، وتضم باحثين وصفيين ومصممى جرافيك مدربين على طرق الكشف عن المعلومات والأدوات المساعدة.
ومنصة "فتبينوا" الأردنية، وهى منصة مستقلة للتحقق من الأخبار وتنقية المحتوى من الخرافات والشائعات، بالعودة لأصل الخبر كما تتواصل مع عشرات من محققى الأخبار حول العالم، وتعتمد فى تقييمها على تقييم فيس بوك للادعاءات مثل صحيح أو زائف أو عنوان مضلل أو بلا تقييم أو خادع أو ساخر أو غير مؤهل، ومع كورونا أنشأت قسما طبيا خاصا بها، وهناك هيئة مكافحة الشائعات وهى منصة سعودية لمحاربة الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعى، من خلال أرشيف الصحافة العالمية و"فلتر تويتر" للتحقق عن طريق عدة خطوات متبعة، وقد ظهرت فاعلية المنصة خلال جائحة كورونا، وهناك منصة "تأكد" السورية من متخصصين وصحفيين، والتى تتخذ من مقولة "لأن الخبر أمانة" شعارا لها، وتضم أقساما للأخبار المضللة والفيديو والصور والتصريحات والرد عليها.
وهناك مشروع عربى بعنوان "تيك فور فريدم" أو التكنولوجيا من أجل الحرية، وهو موجود منذ أكثر من 4 سنوات وأسسه شباب لمكافحة الأخبار المزيفة أو التى تحض على العنف والكراهية على الفيس بوك، ويتألف من متطوعين عراقيين بين سن العشرين والأربعين من مجالات مختلفة، وتم تدريبهم على التحقق من الأخبار من مصادرها، ويتلقى المشروع آلاف الرسائل شهريا كما ساهم فى تعقب وإغلاق عشرات المواقع التابعة للدواعش داخل العراق.