عاجل

أمنية

الثلاثاء 2 فبراير 2011

محمد سعد
محمد سعد

عند الله يجتمع الخصوم فهو وحده قادر أن يقتص من الفئة التى بغت وتجبرت وهو على كل شىء قدير، غدا توافق الذكرى العاشرة على حادثة الثلاثاء الثانى من فبراير 2011 وسقوط 38 شهيدا من خيرة شباب مصر وإصابة نحو 500 آخرين كانوا حالمين بالحرية، هذا الحلم واجهه محاولة يائسة من قوى خفية −لا يعلمها إلا الله− لفض اعتصام الملايين التى خرجت تحلم بتغير حاضر ومستقبل بلدها فيما عرف بموقعة الجمل.

وبصرف النظر عن مسمى تلك المعركة التى مازال الجناة فيها حتى الآن طلقاء ولا يعلم أحد من وراءها، حتى بعد نجاح الثورة وانهيار نظام مبارك تم تشكيل لجنة لتقصى الحقائق برئاسة المستشار عادل قورة، وألقت بالاتهامات على رموز هذا النظام، كما انتدبت محكمة استئناف القاهرة فى حينها المستشار محمود السبروت قاضى التحقيق فى الواقعة، والذى انتهى إلى اتهام 25 من أقطاب الحزب الوطنى فى الواقعة وتم إحالتهم إلى محاكمة جنائية عاجلة.

وعلى مدار ما يقرب من 15 شهرا نظرت المحكمة القضية، وحملت تلك الشهور مفاجآت ومفارقات عجيبة وعديدة، حتى كان يوم 12 أكتوبر عام 2012 وتحديدا فى تمام التاسعة مساء والجميع ينتظر خروج هيئة المحكمة برئاسة المستشار مصطفى حسن عبدالله لتلاوة قرار تأجيل القضية، فإذا بقاضى المحكمة ينطق بالحكم ببراءة جميع المتهمين من التهم المنسوبة إليهم فى القضية وسط دهشة الجميع.

أتذكر حينها أنى كنت أعمل محررا قضائيا فى الأخبار وشاركت فى تغطية العديد من محاكمات رموز نظام مبارك، ولكن لم يكن هناك قضية ملبدة بالغيوم بهذه الصورة مثل قضية موقعة الجمل حتى محاكمة القرن نفسها لم تحو المفارقات والمفاجآت التى ضمتها هذه القضية منذ بدايتها وحتى نهايتها، فالقضية كما ذكرت لم تحققها النيابة العامة وتم ندب قاض للتحقيق فيها ومنذ اليوم الاول للتحقيق كان يتم حبس متهم جديد فى القضية حتى تجاوز عددهم الـ20 متهما وأحيلت القضية بسرعة وتحت ضغط الثورة والثوار للمحاكمة وضمت 25 متهما منهم متهمان أو ثلاثة مخلى سبيلهما.

وأثناء نظر القضية استمعت المحكمة إلى العديد من الشهود وحققت الواقعة من جديد ولم تطمئن للأدلة التى ساقها قاضى التحقيق، وأثير فى ذلك الوقت وبالأخص أثناء سماع الشهود أن عناصر جماعة الإخوان الإرهابية التى اندست وسط المتظاهرين فى ميدان التحرير هم من أثاروا المعركة حين علموا بخروج مظاهرات مؤيدة لنظام مبارك وتقترب من الميدان فأسرعت عناصر الجماعة المنحلة كعادتهم وامتطوا أسطح المنازل وما أن شاهدوا الجمال تقترب من الميدان حتى امطروا الشرفاء من أبناء هذا الوطن بالحجارة وكتل الأسمنت وقنابل المولوتوف فارتفع منهم شهداء أحياء عند ربهم يرزقون وسقط البعض الاخر جريحا.

أغلق ملف القضية وتأخرت النيابة العامة فى الطعن على أحكام البراءة ولأكثر من 60 يوما وهى المدة المحددة للطعن على الأحكام أمام محكمة النقض، وبذلك أصبحت الأحكام نهائية وباتة وغير قابلة للطعن عليها، وحتى هذه اللحظة لم يدن أحد فى موقعة الجمل ولم يثار أحد لدماء شهداء الثانى والثالث من فبراير عام 2011، ولكن عند الله لا تضيع الودائع فالدماء الزكية التى غطت ارض الميدان محفوظة عند بارئها هو القادر ان يقتص لاصحابها ممن سفكوها وأزهقوا أرواحها.