أنقرة سعت لغسل أدمغة إعلاميين أفارقة عبر مؤسسات مشبوهة في 2020

اردوغان
اردوغان

شهد العام 2020، استمرار تنفيذ مخطط التدخل التركي الخبيث في شئون القارة الأفريقية وهو المخطط الذي نوعت أنقرة من وسائل تنفيذه لتشمل تجنيد العقول الأفريقية ذات التأثير في الرأي العام وهو ما يشكل نقلة نوعية في طبيعة التعامل التركي مع القارة الأفريقية ونواياه الشريرة تجاه شعوبها.


فإلى جانب إقامة القواعد العسكرية في عدد من بلدان القارة وسياسات الدعم الإنمائي الظاهرة، لجأت تركيا لاستمالة وتجنيد شباب الصحفيين في أفريقيا وربطهم فكريا وعمليا بأهداف النظام التركي وسياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبدا واضحا أن أدوات التدخل الخارجي لنظام أردوغان للتوغل في أفريقيا لا تقتصر فقط على أدوات التدخل العسكري والعمل الاستخباري المباشر فحسب، بل امتدت إلى الإعلام باعتباره سلاحا مؤثرا في حروب الجيل الرابع لتفكيك الدول من الداخل.


ذلك المخطط كان مكشوفا بالنسبة لأجهزة الاستخبارات في دول أفريقية عدة أعلن أردوغان مناصبته العداء لها وهو المخطط الذي بدأت بوادره تلوح في الأفق في أواخر عام 2019، ففي الحادي والعشرين من أكتوبر الماضي وحتى الثاني عشر من نوفمبر 2019 نفذت مؤسسة Africa Media Representatives التابعة للاستخبارات التركية دورة تدريب لمتدربين من الجزائر والمغرب وتونس وليبيا وتشاد وإثيوبيا وجنوب أفريقيا وكينيا ومالي والنيجر ونيجيريا والصومال والسودان.

اقرأ أيضا.. فلكي يتوقع محاكمة أردوغان خلال عام 2021

وكشفت التقارير الاستخبارية عن إسناد النظام التركي مسئولية تنفيذ هذا البرنامج إلى سفير تركيا السابق – المثير للجدل – في جمهورية تشاد أحمد كافاز وهو الرجل المعروف بتعاطفه الشديد مع تنظيم القاعدة الإرهابي، ويتم تدريب شباب الصحفيين الأفارقة من خلال اتحاد الباحثين الأفارقة African Researchers Association (AFAM) وهى مؤسسة يديرها أنشطتها السفير التركي السابق لدى تشاد أحمد كافاز الذي يتفادى عند انتقاء المتدربين أصحاب المناصب القيادية مركزا على شباب الإعلاميين الطموحين للمال وأصحاب القيادات الوسطى الطموحين للمال والمساندة أيضا وذلك ف دول بعينها تستهدف تركيا تعزيز أقدامها فيها في أفريقيا.


واعتبر التقرير أن خلفية السفير التركي أحمد كافاز – الذي اسند إليه نظام أردوغان هذا الملف – تشي بخطورة توليه إدارة مثل تلك البرامج التدريبية المقدمة من تركيا لاستهداف شباب الإعلاميين الأفارقة، فقد عمل السفير أحمد كافاز سفيرا لتركيا لدى تشاد في الفترة من 2013 وحتى 2015 وفي فبراير 2013 قوبل بحملة انتقاد واسعة بعد تغريدة له على "تويتر" قال فيها إنه لا يمكن اعتبار القاعدة منظمة إرهابية، كما أنه يتهم فرنسا بالمغالاة في تصوير الإرهاب في مالي كذريعة للتدخل هناك بل ويعتبر أن كلمة "إرهاب" هي من صنع آلة الدعاية الغربية .


كذلك كشف التقرير عن إسهام مؤسسة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات في تركيا المعروفة اختصارا /اى اتش اتش / Foundation for Human Rights and Freedoms and Humanitarian Relief (IHH) بدور مهم في عملية انتقاء وترشيح المتدربين الأفارقة من شباب الإعلاميين للحضور إلى تركيا،


يشار إلى أن إدانات موثقة قد صدرت بحق مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية من مجموعة العمل الدولية لسوريا في مجلس الأمن الدولي يثبت تورطها في أعمال تهريب أسلحة وعتاد ومواد إغاثة للعناصر المسلحة المتشددة والتكفيرية في سوريا وكذلك لبعض الفصائل الإرهابية في ليبيا تحت غطاء الأعمال الإغاثية والإنسانية. 


ويعد حسين أوروك نائب رئيس وكالة الإغاثة الإنسانية التركية / اى اتش اتش / المحاضر الرئيسي للمتدربين الأفارقة في هذا البرنامج ممثلا لمؤسسته وهو الرجل المعروف عنه تشدده وتعاطفه تجاه الحركات "المتأسلمة" التي من بينها حركة "جيش بناجسمورو الإسلامي المسلحة" Bangsamoro Islamic Armed Forces (BIAF) والذي يعد الجناح المسلح لجبهة تحرير مورو الإسلامية في الفلبين Moro Islamic Liberation Front (MILF) كذلك بينت تقارير للاستخبارات الأوروبية ضلوع الرجل في تهريب أسلحة وذخائر إلى العناصر الإرهابية التي تتبع القاعدة في سوريا وليبيا تحت غطاء أنشطة الإغاثة الإنسانية التركية.


ومن بين داعمي برنامج تدريب شباب الإعلاميين الأفارقة في تركيا كذلك يظهر اسم ما يعرف بمركز التنسيق والتدريب الأفريقي التركي African Coordination and Training Center (AKEM) التابع لمنظمة دينيز فينزيرى شاريتى التركية الخيرية Deniz Feneri charity وثيقة الصلة بمؤسسة الرئاسة التركية كذارع للتواصل مع أتراك الشتات وتجمعاتهم حول العالم وتعبئتهم كطابور خامس لخدمة الاستخبارات التركية حول العالم ورصد وملاحقة المعارضين الأتراك في الخارج لسياسات أردوغان، وقد تأسست منظمة دينيز فينزيرى المشار إليها في سبتمبر من العام 2008 وفي العام الماضي أدانت محكمة ألمانية ثلاثة من عناصرها بتهمة اختلاس 6ر18 مليون يورو من أموال التبرعات الخيرية المحصلة من ألمانيا و تحويلها إلى جهات تمويل غير معلومة وتنفيذ أنشطة مشبوهة على الأراضي الألمانية للتجسس على المعارضين الأتراك المقيمين هناك كواجهة عمل للاستخبارات التركية وتمويل أنشطتها الخارجية تحت غطاء جمع التبرعات من أثرياء أوروبا للضعفاء والمنكوبين في العالم الإسلامي، وكان ذلك يتم بدعم من حملات إعلانية مكثفة تتم إذاعتها عبر القناة التليفزيونية التركية السابعة التي تمتلكها عائلة "البيرق" التي تعد أكبر العائلات التركية الداعمة لحزب العدالة والتنمية التركي وذات الصلة الوثيقة بالرئيس التركي رجب أردوغان الذي يعد بيرات البيرق زوج ابنته سليل تلك العائلة.


ورصدت جهات التحقيق الألمانية التي حظرت نشاط تلك المنظمة المشبوهة على أراضيها 200 واقعة جمع أموال عبر عناصر تلك المنظمة التركية خلال الفترة من مطلع العام 2002 وحتى أبريل من العام 2007 تحصلت فيها على 41 مليون يورو . 
وتلعب وكالة الأناضول التركية للأنباء التي تديرها الحكومة التركية دورا مهما في تفعيل برامج التواصل مع شباب الإعلاميين في أفريقيا واستمالتهم إلى أنقرة وتجنيدهم للعمل لحساب تركيا في بلدانهم بعد عودتهم "مغسولي العقول" في إسطنبول حيث يتم تدريبهم في استديوهات هيئة الإذاعة والتلفزة العامة التركية TRT ومؤسسة معارف التركية للتدريب والثقافة Maarif Foundation.


وعلى مدار دورات التدريب التي تستغرق ثلاثة أسابيع لكل دورة بإجمالي 200 متدرب في الدورة الواحدة يتم تلقين المتدربين أهداف السياسة الخارجية التركية وأوجه "دبلوماسية العمل الإنساني للأتراك" وموضوعات متعددة في التناول الإعلامي لقضايا السياسة والاقتصاد، كما لم يغب عن مصممي برنامج التدريب تعليم المتدربين الأفارقة مسائل متعلقة "بجمع المعلومات" و"استمالة المصادر" و" الحملات الإليكترونية" وتوظيف وسائل التواصل الإعلامي، وكذلك "التصوير" وجميعها كما يقول التقرير مهارات لا غنى عنها للقائمين على تنفيذ حروب "الجيل الرابع" كما لم يغب عن واضع برامج تدريب تركيا لشباب الإعلاميين الأفارقة إعماء عقولهم بشيء من الترفيه والسياحة وجوانب الاستمالة الحسية الأخرى، لكن وباء كورونا وما استتبعه من تعليق السفر وحركة المسافرين أربك المشهد وعطل مؤقتا استمرار تركيا في تنفيذ تلك البرامج وفق مخططاتها المعدة سلفا.