إنها مصر

كورونا.. الدور على مين ؟

كرم جبر
كرم جبر

سياسيون وفنانون وإعلاميون ورياضيون، وأعداد أخرى من المشاهير أصابتهم لعنة كورونا، فالموجة الثانية تختار بعناية، ولا تفرق بين غنى وفقير، وتنزل كالصاعقة فوق رأس من يقع عليه الدور.

وبات السؤال فعلاً: الدور على مين؟

أنا على المستوى الشخصى لست خائفاً ولكن قلق، والفرق بين الخوف والقلق شعرة رفيعة جداً، خصوصاً أن كلا من أصيبوا لا يعرفون كيف حدث ومتى ومن أين جاءت العدوى؟

كثيرون ممن أصيبوا بكورونا كانوا يتخذون إجراءات احترازية مشددة، ولا يختلطون ولا يصافحون ولا يرتادون الأماكن المزدحمة، ولا تفارق جيوبهم زجاجات الكحول الصغيرة والمطهرات، ورغم ذلك تحايل الفيروس اللعين على كل ذلك.

كثيرون كانوا فى حالة طبيعية، وفجأة حدثت سكتة مفاجئة فى الشم والتذوق، بالضبط كمن يسحب فيشة كهرباء فانقطع التيار فجأة، ولم تنجح الأطعمة اللاذعة ولا العطور الصارخة فى استعادة الوعي.

نقلق على أولادنا، رغم أنهم أكثر قلقاً على أنفسهم منا، ولكن لا نستطيع أن نفرض عليهم الحظر الإجبارى، خصوصاً أن المدارس والجامعات وأماكن العمل، لم تغلق أبوابها، وصاروا مجبرين على الخروج من منازلهم.

وكان الله فى عون "متخذى القرار"، فهم حائرون بين أمرين أحلاهما مر: إما الجوع أو كورونا.. الجوع لكثير من العاملين باليومية ورزقهم على الله، وكورونا التى لا ترتدع إلا بالعزل التام والغلق والاحتماء بجدران البيوت.

الحمد لله كان الله رؤوفاً رحيماً بنا فى الموجة الأولى، فرغم فداحة الإصابات وقسوتها، إلا أن الأمور لم تخرج عن المعدلات العالمية، لأن الفيروس جاءنا منهم.. من هناك بلاد العلم والطب والتقدم المذهل فى كل شيء.

كورونا لا تعترف بالتقدم المذهل الذى حققته البشرية فى مجال الطب والصحة العامة، ولا أن متوسط الأعمار قد ضرب أرقاماً قياسية، ولا بتحسن الحالة الصحية فى كثير من الدول، وقررت أن تنسف كل ذلك بفيروس غامض يتحور يوما بيوم، ويتغير ويتبدل، وكأنه يلبس "طاقية الإخفا".

الدور على مين ؟.. صار سؤالاً يؤرقنا.

وصرنا نستخدم البرفان ليس للتعطر وإنما لاختبار حاسة الشم، والأطعمة اللاذعة لاختبار التذوق، وإذا ضعفت واحدة منهما لسبب أو لآخر، يصيبنا القلق.. يا ترى هى كورونا ولا لأ؟.

من يعانى من صداع قليل.. يبقى كورونا، مغص، إسهال، ألم فى المعدة، نخزة فى الصدر، تنميل فى الذراع.. يبقى كورونا، ونعيش الوهم.

كورونا فى ظهورها الثانى قررت أن يكون التأديب قاسياً، على طريقة المثل الذى يقول "إذا أردت أن تنظف سلم بيتك ابدأ بالدرجات الأعلى".. وهى بالفعل تختار الصفوة، حتى تنتبه البشرية إلى أنها "مش بتهزر"، وأن يراجع العالم نفسه ويعرف أن "العدالة الصحية" حق للبشر جميعاً، سواء فقراء أم أغنياء وأولها عدالة توزيع الأمصال.