«برلمان 2021» استطاع تغيير مفهوم الحياة النيابية في مصر

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يتضح حاليا من تشكيل الهيكل الأساسي لبرلمان 2021معرفة التركيبة السياسية تحت قبة البرلمان باستثناء مقعدين، المقعد الأول بإحدى دوائر المنيا، والثاني خاص بجولة الانتخابات علي دائرة بنها كفر شكر لوفاة نائبها متأثرا بمرض كورونا قبل حلفه لليمين الدستوري ولتبقي التعيينات الرئاسية المنتظرة ويمتاز هذا المجلس  لأول مرة بالتنوع الفكري داخل أروقته، نتيجة الجهود التي قامت بها القوى السياسية، وعلى رأسها حزب مستقبل وطن، في عمل تحالف لخوض انتخابات مجلس النواب 2020 تحت شعار "من أجل مصر".

 

مجلس النواب 2021 الذي يأتي استكمالًا لفكرة التنوع الإيديولوجي التي وضع برلمان 2015 حجر الأساس لها، استطاع أن يكسر قاعدة سادت لسنوات وعقود طويلة، غلبت فيها سيطرت الحزب الواحد، لكنها معادلة لم يعد لها وجود في ظل دولة ديمقراطية وأحزاب تدرك قيمة التعددية الحزبية، ودورها في إثراء العمل النيابي والحياة السياسية التي تطمح إليها مصر .

 

بالنظر في النتائج التي أفرزتها انتخابات مجلس النواب 2020، وفي التركيبة التي كان عليها برلمان 2015، نستطيع أن ندرك الاتجاه الديمقراطي الذي أصبحت عليه الحياة النيابية في الـ 6 سنوات الأخيرة، إذا ما قارناها بالبرلمانات السابقة، وما مثلته من غلبة فئوية وحزب حاكم مثلما حدث في برلمان 2010 وما شهده من هيمنة للحزب الوطني، أو سيطر فصيل ديني بعينه، مثل برلمان 2012 وسيطرة الإخوان وتيار الأحزاب الدينية.


ففي برلمان 2010 كان عدد الأحزاب الممثلة تحت قبة البرلمان كان لا يتجاوز 6 أحزاب فقط، وسيطر الحزب الوطني آنذاك على نسبة 73% من عدد مقاعد البرلمان حينها، ليمثل أغلبية مطلقة تعبر فعليا عن الصوت الواحد وهو صوت الحزب الوطني.


أما في برلمان 2012، فنظرا للحراك السياسي والحزبي الذي شهدته مصر في تلك الفترة التي أعقبت ثورة يناير 2011، والآمال التي علقها الجميع حينها على الديمقراطية والتمثيل العادل لكافة الأحزاب دون إقصاء لأحد، غير أن كل الآمال سرعان ما تحطمت على صخرة ديكتاتورية جماعة الإخوان والتيار الديني.


ورغم أن البرلمان وقتها شهد تمثيل 26 حزبا، لكنه انحصر التمثيل الفعلي على 18 حزبا فقط، بالنظر إلى توزيع الإخوان والتيار الديني لقوتهم على عدد أكبر من الأحزاب، فبرز "الحرية والعدالة" و"النور" بنحو 66% من عدد المقاعد، إضافة إلى 8% لأحزاب التيار نفسه مثل: الأصالة، والبناء والتنمية، والحضارة، والوسط والاتحاد والإصلاح، لتكون الصورة النهائية 18 حزبا و74% لتيار الإسلام السياسي. 

 

ثم جاءت انتخابات 2020، وزادت الفرصة أمام معظم الأحزاب للمشاركة في الحياة النيابية، ووصل عددهم تحت القبة في البرلمان الجديد إلى 26 حزبا سياسيا، ولم تسيطر على المجلس الجديد أغلبية مطلقة، إذ لم يحصل حزب مستقبل وطن إلا على 316 مقعدا، وذلك بفضل الائتلاف الوطني الذي شكله، بعدما رفض الانفراد وخوض انتخابات مجلس النواب لوحده، مما قد يشير إلى سيطرة جديدة على الأرجح ، وهو ما رفضه مستقبل وطن.


 اختلاف شكل برلمان 2021 وبرلمان 2015 لم يكن فقط في التمثيل الحزبي، وفتح الباب أمام الأحزاب لتشكيل قوى لها داخل أروقة المجالس النيابية، وإنما كان لسياسة تمكين المرأة والتمثيل الجيد للشباب، الذي تنتهجه الدولة دورا في مجلس النواب، وكانت لهم نسبة غير مسبوقة.

 

فبعد أن نص الدستور والقانون على تمثيل المرأة بنسبة 25% في مجلس النواب، وصل عدد مقاعدهن في المجلس الجديد 148 سيدة، قبل أن يكون 90 مقعدا في برلمان 2015 وهو ما لم يكن يتحقق في أي وقت سابق.

 

كذلك الشباب، فوصل عدد مقاعدهم في البرلمان الى 90 مقعدا، ولا يمكن أن نذكر الشباب دون أن نشاط الضوء على تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، التي أحدثت حراك سياسي مشهود له بالكفاءة، واستطاعت على خلفية ذلك أن تحصد 28 مقعدا في الانتخابات الأخيرة.

 

بذلك تكون مصر استطاعت أن تغير ما تعارف عليه المجتمع السياسي بشأن الحياة النيابية، وكيف وضعت مصر قدمها على طريق الديمقراطية، وفتح الباب أمام مختلف القوى الحزبية للمشاركة في الحياة السياسية .