حكايات| المعلمة ملك.. بـ«الكوزلك والساطور» طفلة جزارة في مدرسة لغات 

ملك
ملك

«صغيرة لسانها يتحدث بكلام الكبار، يدها صغيرة وأظافرها ناعمة لكن نصلها يقطع ويجرح، طفلة تخطو أولى خطوات حياتها في إحدى مدارس اللغات وفي المجازر أيضا».. لا تذهب بعقلك كثيرا بل دعه يستقر في محافظة أسيوط بجنوب مصر لترى الطفلة «ملك».

​​​هنا في محافظة أسيوط رابع محافظات مصر على خط قطار الصعيد يمكن أن ترى قصة طفلة ربما يحتاج العقل رؤيا العين لتصديقها، عكست فطرة الأطفال فزهدت في اللعب مثل أقرانها وعشقت أصعب المهن لتصبح بين الدماء وأنصال الأسلحة البيضاء.

لم تترك «ملك» ذات الخمسة عشر ربيعا تعليمها الذي التحقت فيه بإحدى مدارس اللغات، بل تفوقت في سنوات تحصيلها المدرسي، وبالتوازي مع ذلك التفوق اختارت أن تخوض مهنة الرجال لتكون رغم صغر سنها أحد المعلمين في مهنة الجزارة.
تستيقظ الطفلة الصغير في الرابعة فجراً لترتدي ملابس الجزارين، فتبدو بقميص رجالي وحذاء طويل يصل لركبتها، وتشد حول خصرها الصغير حزاما مملوءا بالسكاكين المختلفة، لتنطلق مع جدها في رحلة إلى المجزر.

في المجزر، تتزاحم «ملك» بين الجزارين تذبح وتسلخ، وتشفي الذبيحة من العظام، فتقول كلام الكبار: «الحياة إن لم تكن بهدف فلا حياة هدفي في الحياة النجاح والكفاح طريقي».
تواصل الطفلة الصغيرة: «منذ أن ولدت وأنا أشاهد جدي الجزار وقررت أن أتحمل مسئولية نفسي وأن أتعلم هذه المهنة الشاقه وأصنع طريقي في الحياة جنبا إلى جنب مع التعليم». 

لم تمر ثلاث سنوات من عمرها لتبدأ  الطريق إلى المجز، فتقول: «متذ أن كان عمري ٣ سنوات اصطحبني جدي إلى المجزر لأرى كيف يقوم بذبح الماشية، فتعلمت منه، وكان يشجعني على تعلم كل أعمال الجزارة من ذبح وسلخ وتشفية، فلم أخف يوما من حمل السكين».
هل أخافت الطفلة السكين والدماء وسط الجزارين؟ تجيب الطفلة فتقول: «كان جدي يقول لي "اتعلمي متخفيش" وكان والدي دائم الخوف عليا ويمنعني من استعمال السكين ولكن جدي كان يمنعه من تخويفي من السكينة ويقول له "سيبها تتعلم انا معاها"».
تواصل الحديث بالقول: «تعلمت وبقيت معلمة وكل اللي في المجزر يناديني بمعلمة ويتعجب الجميع عندما يعلم أنني طالبة في مدرسة لغات ومتفوقة في التعليم، ولدي مهنة شاقة مثل الجزارة».

في العيد موسم للعب الأطفال، لكن ملك لها مهمة أخرى فتقول: «في عيد الأضحى أنزل وألبس الكوزلك (حذاء مخصص الجزار) وأحط جيب السكاكين في جمبي وأنزل أشتغل، فانا اعشق مهنة عائلتي، وافتخر بيها في كل مكان».​​​جعلت الطفلة حياتها تحديا، فتقول: «يمكن مفيش بنت في أسيوط أو في الصعيد بتعمل الي أنا بعمله»، تبتسم وتكمل: «أنا أفتخر بما قد يسبب لأي فتاة الكسوف من هذه المهنة، أنا فخورة بنفسي جدا وسعيدة أن جدي شجعني على كده كمان الشغل من عيب المهم انه حلال».​​​​​​تختتم الطفلة ملك قصتها بالشكر لمن علمها الجزارة، فتضيف: «أنا حققت حلمي دون خوف من تنمر البشر وكل الشكر لوالدي وجدي اللذان دعماني وجعلاني صاحبة ثقة بالنفس».

اقرأ أيضا

حكايات| «أربع بسكوتات» يتحدين متلازمة داون بصناعة الكوكيز