قلم ووطن

المصالحة.. إلى أين ؟

دكتور سيد غنيم
دكتور سيد غنيم

فى الوقت الذى أعلن فيه مسؤولون من الولايات المتحدة والكويت بوادر إعلان المصالحة بين السعودية وقطر حذر مراقبون من تعثر المصالحة إذا لم تكتمل باتفاق باقى دول المقاطعة على كيفية حل النزاع مع قطر.. ويبقى السؤال الأهم "ما مصير المصالحة الخليجية مع قطر؟". وللإجابة على هذا السؤال بدقة علينا أولاً أن نضع سؤالا آخر مهما فى الاعتبار،  وهو "ما هى مواقف الدول المحيطة تجاه الأزمة؟"
إيران: تمثل المصالحة الخليجية تهديداً خطيراً عليها،  فالانقسام الخليجى يزيد من احتياج قطر إليها وبما تمثله لها من عمق استراتيجى شرقي،  وكذا تدر قطر عليها الأموال نظير استخدام المجال الجوى الإيرانى فضلاً عن شراكتهما فى أكبر حقل غاز فى العالم،  كما أن إيران تقنع قطر بضرورة عدم هيمنة السعودية عليها.
إسرائيل: تبدو جاهزة للتعامل مع السيناريوهين،  سواء المصالحة مع قطر والتى تزيد من فرصها فى التطبيع معها،  وبما يهدد العلاقات القطرية/ الإيرانية ويزيد من عزلة إيران وضعفها،  أو استمرار المقاطعة ضد قطر وبما يزيد احتياج السعودية لإسرائيل أمام التهديد الإيرانى الذى تزيد قوته بدعم قطر.
تركيا: تأثرت استراتيجية تركيا الأمنية والاقتصادية فى المنطقة بعد المقاطعة،  فقطر تشارك تركيا فى دعم الإخوان المسلمين بشكل خاص والمشروع الإسلام فى حكم دول المنطقة بشكل عام،  كما أن خطة استثمارات قطر ترتبط بشكل وثيق بتركيا فى نفس الصدد.
الولايات المتحدة: تبنى استراتيجية الولايات المتحدة فى المنطقة أمام الصين وروسيا على أساس أن دول مجلس التعاون الخليجى حليف هام لها سواء كتحالف متماسك أو كل دولة منهم على حدة.. كما أن المقاطعة تميل قطر تجاه إيران وتدر على إيران بأموال الدولة الخليجية الغنية الصغيرة،  مما يؤدى لتخفيف وقع العقوبات الأمريكية على إيران.
الصين وروسيا: تضر المقاطعة الخليجية بمصالح الصين فى الأساس لكونها لاعبا استراتيجيا عالميا،  فالصين تحتاج لبترول دول الخليج كما تحتاج لاستثماراتها وشراكاتها الاقتصادية. فى الوقت الذى يزيد الانقسام من فرص توغل روسيا بين دول الخليج وبما يهدد الاستراتيجية الأمريكية فى المنطقة.
الاتحاد الأوروبى وبريطانيا: لهما مصالح اقتصادية وأمنية تقوم على تماسك مجلس التعاون الخليجي. وقد أنشأت بريطانيا قاعدة عسكرية فى البحرين،  كما كانت حريصة على التفاوض فى وقت مبكر بشأن اتفاقية تجارة حرة مع دول المجلس بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي،  كما خططت بريطانيا (فى مرحلة ما) لاستضافة قمة دول مجلس التعاون الخليجى فى لندن،  لكن المقاطعة والعواقب المتراكمة حدت من بعض التوقعات البريطانية.
كل ما سبق،  ومع مبادرة المصالحة المعلن عنها،  لا يغفل أحد الشروط الثلاثة عشر التى وضعت أمام قطر لإتمام المصالحة،  وحتى إن أمكن تجاوز بعضها،  فالإصرار على دعم تنظيمات إرهابية مسلحة والتدخل فى شؤون الدول والإصرار على زعزعة استقرارها بأدوات مختلفة وإيواء عناصر إرهابية وتحريضها ضد دولها تعد أمورا لن يمكن قبولها.
 < أستاذ زائر للأمن الدولى بالناتو