بيزنس «بين السرايات» يهدر الملكية الفكرية ويساعد على الغش

 مكتبات بين السرايات
مكتبات بين السرايات

مع اقتراب موسم الامتحانات فى الجامعات، تُثار قضية المكتبات والملازم الجامعية وتتكرر هذه العادةً مع قرب الامتحانات الجامعية وتكثر الشكاوى إزاء ما يقوم به أصحاب مكتبات التصوير في منطقة بين السرايات وما تمثله من مخالفات قانونية وعلمية.

وتتمثل هذه المخالفات في تصوير الكتاب الجامعي وبيعه في صورة ملزمة مختصره تساعد الطلاب على الغش بالسطو على الملكية الفكرية لحق المؤلف، ولاسيما فتح قاعات كمراكز للدروس الخصوصية لطلبة الجامعة مقابل مبالغ مالية كبيرة للحصة الواحدة وذلك كبديل لحضور المحاضرات، فضلا عن عرض وبيع رسائل ماجستير ودكتوراة نظير مبلغ مالي كبير يصل لـ50 ألف جنيه.
 
ولازالت الأزمة متعلقة بالمخالفات القانونية المتمثلة في السطو والتزوير وإفساد العملية التعليمية وإهدار توجهات وجهود كبيرة لدى الدولة للنهوض بالتعليم في مصر.  

أقراأيضا||ننشر موعد امتحانات «الميدتيرم» بكليات جامعة القاهرة

الملازم والكتاب الجامعي
 
داخل منطقة بين السرايات المواجهة لجامعة القاهرة، تجد العديد من المكتبات المتخصصة في بيع الملازم والملخصات لكل كلية على حدة، فهناك مكتبة مخصصه لكليه التجارة، ومكتبة آخرى لكليه دار العلوم، وحقوق، وإعلام، وغيرها ويصل سعر الملزمة الواحدة إلى 30 جنيها، بالإضافة إلى بيع "البرشام" قبل الامتحان بـ10 جنيهات.

 وتتميز تلك الملخصات "البرشام" بأنها ذات حجم صغير وكتابة دقيقة محددة لعناصر محدده ومُختصرة حتى يَسهل منها الغش، ويتواجد لهذه المكتبات سماسرة أمام أبواب الجامعة وداخلها يقومون بالترويج لها، ويقنعون الطلاب أن الملزمة أعدها أحد الطلاب الأوائل بالكلية أو أحد المعيدين، كما يروجون لمذكرات تم تصويرها من الكتاب الجامعي الذي أعده أستاذ المادة وتوفره بنصف الثمن للطلاب.
 
وقامت  بـ «بوابة أخبار اليوم»  برصد آراء الطلاب للتعرف على أسباب لجوئهم لملازم المكتبات؛ فتقول فاطمة أحمد، طالب بكلية الحقوق: «بشتري الملزمة من بين السرايات بـ30 جنيها بدلا من الكتاب الجامعي اللي سعره يزيد عن 50 جنيها، وده أوفر لي في الفلوس، المكتبات بتصور كتاب الدكتور وتبيعه بنصف ثمنه لأنه في طلبة متقدرش تشتري، والمكتبات بتصور كتب الجامعة على ورق أبيض فاخر عكس كتاب الدكتور ورقه رديء ويتعب النظر» .


ويشاركها الرأي محمد أحمد، الطالب بكلية التجارة قائلا: «أنا بشتري الملزمة من مكتبات بين السرايات أفضل من الكتاب الجامعي لأنها ملخصة فمثلا الكتاب 300 صفحة وده صعب جدا أنه يتذاكر قبل الامتحان بشتري ملخص له بـ20 جنيه عبارة عن أسئلة وأجوبة مختصرة وسهلة الحفظ والفهم وأدخل بها الامتحان يضمن لي درجة النجاح وأحصل على تقدير جيد على الأقل لأن صاحب الملزمة متوقع الامتحان كويس وغالبا يكون معيد أو أحد الطلبة الأوائل بالكلية».
 
ويشير رأفت عبدالله، طالب بكلية دار العلوم قائلا: «ملازم بين السرايات بتوفر علينا حضور المحاضرات والتسجيل والكتابة وراء الدكتور، والمدرج بيحضر فيه 3 آلاف طالب وصوت الميكرفون ضعيف جدا مش بيوصل لكل الطلبة، وبعض الدكاترة بيتأخروا في طرح الكتب، والدكتور في نهاية التيرم بيحذف نصف الكتاب هشتريه ليه ؟.. وفيه دكاترة مش بتدي الطلبة فرصة أنها تكتب وراها».
 
أما أحمد صلاح، طالب بكلية الإعلام، فيختلف رأيه عن غيره من الطلاب؛ حيث أكد أن الكتاب الجامعي لديهم لا غنى عنه، ولا يرغب في شراء ملازم خارجية، ولا تتوافر كثيرا لمواد إعلام مثل تلك الملازم.
 
على الجانب الأخر كان لأصحاب المكتبات والعاملين بها قول أخر، فيؤكد أحد أصحاب المكتبات والذي رفض ذكر أسمه :" ده رزقنا وآكل عيشنا ارتبط بالجامعة ولو فيه مشكلة سببها الجامعة لأننا لا نجبر الطالب على الشراء، الكتب الجامعية كلها حشو ودش وصعبة على الطلبة.. وإحنا بنقدم تلخيص لها وبثمن بسيط حوالي 25أو3  جنيها للملزمة، وبنصور الكتاب الجامعي بدلاً من سعره 60 جنيه.. ونضمن له النجاح "
 
كما قال عبد الرحمن محمد، صاحب مكتبة أخري ، قائلا: «نحن نساعد طالب مش عاوز يحضر المحاضرات وعاوز ينجح بسهولة، وأكبر إقبال من الكليات ذات الكثافة الطلابية مثل حقوق وتجارة وآداب ودار العلوم».
 
بينما أوضح آخر من أصحاب المكتبان غضبه من قيام شرطة المصنفات بمداهمة المكتبات كل فترة وتحرير محاضر لهم بتهمة السطو على الملكية الفكرية والتزوير والقبض على بائعي الملازم والملخصات، وكذلك حظر جامعة القاهرة على الأساتذة طبع كتبهم خارج الجامعة.
 
السناتر والمحاضرات
 
تفتح بعض مكتبات بين السرايات أبوابها لطلاب الجامعات بسعر حصة يبدأ من 35 جنيه لطلاب كلية التجارة، و40 جنيها لطلاب حقوق خاصة في المواد الصعبة كالقانون التجاري، والدولي   وغيرها من الكليات.
 
وبسؤال أصحاب المكتبات وجدنا لديهم أحد الأساتذة المتفرغين  يدرسوا لطلاب كلية التجارة في قاعة تابعة لمكتبة بسعر الحصة 35 جنيها، وقال صاحب المكتبة أنه لديهم معيدين بالجامعة وأساتذة متفرغين يقومون بالتدريس للطلاب وبإمكان الطلاب عدم حضور المحاضرات طوال العام والاعتماد على السنتر فقط والملازم التي يوفرها وضمان النجاح.
 

رسائل ماجستير للبيع


وفي مخالفة أخرى تعمل عدد من المكتبات بمنطقة بين السرايات على إعداد رسائل الماجستير للمتخرجين والوافدين العرب بمقابل مادي يصل إلى 50 ألف خاصه لهؤلاء من الوافدين العرب وخاصة طلاب دول الخليج، ومع الاحداث التي شهدتها مصر خلال العشر سنوات الماضية، لجأ العديد من المصريين إلى الشراء حيث يقومون بشراء الرسائل العلمية جاهزة، ويقوم هو ومجموعة من متخصصين في مجال البحث العلمي بأخذ مقدم مالي «عربون» واختيار موضوع الدراسة وعنوانها وإعداد الخطة البحثية.

 ثم يقوم الباحث بتقديمها للمشرف وتسجيلها بالكلية والقسم المراد الدراسة به، وعندما يتم التسجيل، تقوم المكتبة بتحصيل باقي المبلغ المالي من الباحث لشراء المراجع والكتب وعند الانتهاء من الفصل الأول يتم تسليمه للباحث وتقاضي المبلغ المالي المتفق عليه، وعند الانتهاء من كل فصل يتم تسليمه للباحث وتقاضي مبالغ مالية مقابل تسليم باقي الفصول.

متخصصون يقدمون حلول لأزمة الجامعة مع مكتبات بين السرايات 


من جانبه قال الدكتور محمود علم الدين، المتحدث الرسمي باسم جامعة القاهرة، أنه في ظل  الرؤية الاستراتيجية  لجامعة القاهرة وجامعة الجيل الثالث في تطوير المقررات الجامعية  سوف تختفي  بالتدريج هذ المكتبات لان الكتاب الجامعي أصبح في مرحلة الاختفاء ويرجع ذلك الي جعل التعليم الان أولاين واليكتروني وبنظام الساعات المعتمدة  فكل هذا يؤدي الي الغاء الكتاب الجامعي وفكرة المكتبات من "ملازم وشيتات وملخصات وأسئله وأجوبة"


وأما بنسبه لشق الابحاث ورسائل الدكتوراه و انتهاك الملكية الفكرية لحق المؤلف فالجامعة ترجع في هذا الشق الي قواعد المناهج ومعايير القبول الخاصة بالدراسات العليا ومناقشه الابحاث طبقا للقواعد الجامعة وتخذ كافة الاجراءات القانونية في حالة أكتشاف انتهاك الملكية الفكرية لاي بحث أو رساله دكتوره 
وأشار علم الدين ان التعليم  تطور وأصبح الغرض  منه ليس النجاح فقط وانماخروج طالب مؤهل للمستقبل  
 
يقول الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة السابق، إن مثل هذه الممارسات التي تقوم بها مكتبات بين السرايات تعد جريمة يعاقب عليها القانون، فهى بمثابة تزوير يجب مكافحته من قبل السلطات المختصة المتمثلة في وزارة الداخلية .
 
ولفت إلى أن هذه المكتبات تعمل دون ترخيص وتحت غطاء السلطات، والجامعة ليس لديها سلطة عليها، ولا أحد يفكر في مواجهتها، فهي أوكار تخرب التعليم في مصر وتسوق آليات الفشل وتجرف عقول الطلاب، مؤكداً على ضرورة مواجهتها من قبل شرطة المصنفات.
 
وتابع نصار: «عندما كنت رئيساً للجامعة قام مجلس الجامعة باتخاذ مجموعة من الضمانات والقواعد والتي تضمن قيام الباحث بنفسه بإجراء البحث العلمي مثل مؤشر الأمانة العلمية والمتابعة المستمرة للباحث والتزام المشرف على الرسالة بتقديم تقرير كل 6 شهور عن تقدم الباحث في الرسالة، كما أن هناك مجموعة إجراءات قياسية تؤكد قدرة الباحث على إجراء البحث العلمي مثل اجتيازه لدرجة التويفل في اللغة الإنجليزية».
 
وأوضح أن مواجهة هذه المكتبات أحد الإجراءات المهمة لضمان أمانة الباحث، مشيراً إلى أن كل جامعة أصبح حولها «بين سرايات» جديدة يجب مواجهتها، حيث تتاجر في الكتب المزورة وتسوق البرشام والغش، وهذه مسئولية وزارة الداخلية وأجهزتها.
 
وأشار إلى أنه عندما كان رئيساً للجامعة أصدر عدة قرارات منها منع توزيع الملازم بالجامعات وفصل من يقوم من الطلاب بالترويج لها داخل الجامعة، ومنع أعضاء هيئة التدريس من التدريس منها، وحظر طباعة الكتب بمكتبات بين السرايات وطبعها داخل مطبعة الجامعة، وتحويلهم للتحقيق والتأديب في حال ثبوت مخالفة هذه القرارات.
 

وأشار الدكتور كرم عادلي أستاذ الفيزياء بكلية العلوم، إلى أن هذه الظاهرة وهى شراء رسائل الماجستير والدكتوراة من المكتبات يُقبل عليها الباحثين العرب لأنهم يملكون المال الكافي لدفعه للمكتبات مقابل الحصول على الوجاهة الاجتماعية والحصول على لقب «دكتور».
 
وأوضح أن هذا البيزنس يتم عن طريق قيام الباحث بالتنسيق مع أحد الأساتذة داخل الكلية ولا يقوم بامتحانه في اختبار التويفل، ويقبل بخطته البحثية مقابل هدايا يدفعها له، وعند الانتهاء من الرسالة يدخل التحكيم بها من قبل محكمين من معارف وأصدقاء المشرف ويقوم الباحث بتوزيع هدايا عليهم، ومن ثم الحصول على الدرجة العلمية خاصة فى ظل التساهل مع الوافدين العرب والأجانب