٤٠ مليار جنيه فاتورة الشعوذة في مصر‎

الشعوذة في مصر‎
الشعوذة في مصر‎



٤٠ مليار جنيه فاتورة الشعوذة في مصر
أساطير السحر تجارة رابحة.. والبسطاء الضحية
الجهل.. ضعف الإيمان.. والعادات أهم الأسباب
معالج: ٩٩٪من السحرة نصابون.. ويستخدمون الدجل لجمع المال


خالد عثمان
انتشرت في الآونة الأخيرة علي مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات ظاهرة غريبة بمحافظة الأقصر بأرمنت وهي سيدة تفقد جنينها التوأم قبل شهر من ولادتها دون أثر لهما في الرحم وتم إجراء الفحوصات والأشعة تبين أنها كانت حامل في الشهر السادس  وبدأت من هنا التكهنات والأساطير بأن القرينة قامت باختطافهما وذلك بعد ما أكدت الأم أنها حلمت بكابوس رأت خلاله سيدة ترتدي ملابس سوداء تتشاجر معها وتقول لازم أولدك دلوقتي ولم تستطع الأم مقاومتها وعندما استيقظت ظلت تصرخ عيالي عيالي ونزفت نزيفاً شديداً بعد نقلها للمستشفي تم عمل أشعة وتبين أنها كانت حامل لكن لم يتم العثور علي الجنين. 
الملف الشائك
"بوابة اخبار اليوم" تفتح هذا الملف الشائك  للسحر والشعوذة ليبقي السؤال قائماً إلي متي ستظل أسطورة السحر والشعوذة تهدد البشرية؟!
وجود الجن
في البداية يؤكد الدكتور أحمد حسين إبراهيم الأقصري عميد كلية الدراسات الإسلامية أن وجود الجن ثابت بالكتاب والسنة  بل ثابت في كل الشرائع, موضحاً أنه ليس كل من لا يدرك بالأبصار ليس موجوداً؛ حيث إن هناك إناسا ينكرونه لأنه غير محسوس.. مشيراً إلي أن العلم الحديث اكتشف به أشياء غير مرئية لكنها موجودة مثل الكهرباء والجاذبية والهواء والذبذبات, بالإضافة إلي فيروس كورونا فهو غير مرئى لكنه مؤثر لذا تعد القاعدة الأساسية هي الإيمان بوجود الجن. 
وقسم عميد كلية الدراسات الإسلامية الجن إلي أنواع منه الجن الصالح والطالح والمؤمن والكافر والمهتدي والضال,  مؤكداً  أن السحر موجود ودلل على ذلك بقول الله تعالي «واتبعوا ما تتلوا الشياطين علي ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل علي الملكين ببابل هاروت وماروت  وما يعلمان من أحد حتي يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله». ويوضح الدكتور حسين أن العلماء  اتفقوا على أن تعلم السحر وتعليمه وممارسته حرام، وقال ابن قدامة - رحمه الله - في «المغني» «...فإن تعلُم السحر وتعليمه حرام لا نعلم فيه خلافاً بين أهل العلم» وقال الإمام النووي رحمه الله في «شرح مسلم»:  "وأما تعلمه – أي السحر - وتعليمه فحرام".
واستدل الجمهور القائلون بكفر الساحر بقوله تعالى: {وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} قال الحافظ في «الفتح»: «فإن ظاهرها أنهم كفروا بذلك، ولا يكفر بتعليم الشيء إلا وذلك الشيء كفر، وكذا قوله في الآية على لسان الملكين: {إنما نحن فتنة فلا تكفر} فإن فيه إشارة إلى أن تعلم السحر كفر فيكون العمل به كفراً وهذا كله واضح ».
واستدل الشافعية بما رواه أبوهريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات) متفق عليه . قالوا: دل الحديث على أن السحر ليس من الشرك بإطلاق، لكن منه ما هو معصية موبقة كقتل النفس وشبهها . واستدلوا أيضاً بما روي عن عائشة رضي الله عنها أن مدبَّرة لها سحرتها استعجالاً لعتقها فباعتها عائشة ولم تقتلها «رواه الشافعي والحاكم والبيهقي وصححه الحاكم على شرط الشيخين» . قال ابن قدامة تعليقًا على أثر عائشة : «لو كفرت لصارت مرتدة يجب قتلها ولم يجز استرقاقها».
روشتة للتحصين
 ويضع عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية روشتة للتحصين من السحر وذلك عن طريق الاستعانة بالله والاستعاذة من الشيطان الرجيم والذكر الدائم لله عزوجل قال تعالي فإذا قرئ القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم.   وكذا المواظبة علي قراءة أذكار الصباح والمساء والمواظبة علي قراءة سورة البقرة, والرقية الشرعية والمعوذتين.  ويشير الدكتور حسين الأقصري إلى أن العوامل البيئية والاجتماعية  لها تأثير كبير في انتشار هذه الظاهرة.. لافتا إلي أن كثيراً من المشاكل الاجتماعية تؤدي إلي خلل نفسي تجعل الإنسان عرضة أن يصدق أي شيء, مؤكداً أن انتشار الظاهرة ليس مقتصراً علي فئة مجتمعية معينة بل تشمل جميع الطبقات سواء غنية أو فقيرة متعلمة أو جاهلة سواء مجتمع ريفي أو حضري شرقي أو غربي, لافتا إلي أن المجتمع الذي يعاني من الاضطراب النفسي يظل لديه الميل للخرافة .
الجهل
يقول الدكتور وليد سامى المستشار والمعالج الأسرى إن الجهل كان سائداً بين الناس في الماضي ولم يزل موجوداً في المناطق التي تعاني تخلفاً فكرياً والتي تعد من أسباب انتشار الدجل والشعوذة في عديد من البلاد إذ أن المشعوذين يأتون إلى هذه البلاد ويغرون الناس باللجوء إليهم, مؤكداً أن الكثير من يسيطر عليهم هذا الفكر وهذه الفئة تتميز بالانغلاق الذهني والأمية في بعض الأحيان ومنهم أيضاً ذو حظ وفير من التعليم أي أن الذهاب إلى المشعوذين لا يقتصر فقط علي الجهل والأمية وأصبحت تجارة رابحة وأن نسبة كبيرة من الناس كانت تذهب للعلاج على أيدي المشعوذين إلى أن تقلصت النسبة في الآونة الأخيرة وهو ما يدل على أن الظاهرة لم تزل قائمة بأسبابها المختلفة. 
الشعور بالخوف
ويرى سامي أن الشعور بالخوف من الوصمة هو الذي يدفع أهل المريض بعارض نفسي للذهاب إلى المشعوذين ولم يزل هذا الفكر سائداً لدى البعض وهو من الأسباب أيضاً التي تدعم وجود الظاهرة في هذا العصر. وأنه لا يوجد اتصال بين عالمى الجن والإنس، فالجن أحد مخلوقات الله كما يعلم الجميع وما يذكر في شأنه مجاز ومن يزعم أنه يسمع صوت الجن فهو مريض بالهلاوس السمعية، ومن يجزم بأنه يراه فهو مريض بالهلاوس البصرية، وهذه الأمراض لها علاج في الطب النفسي ومن الأسباب الحقيقية لبقاء ظاهرة الدجل والشعوذة أنها تجارة رابحة تستثمر مناطق الخوف والجهل والاعتقاد الخاطئ بأن هذا هو الملاذ الأخير وهو ما يشجع الناس الذين لديهم معتقدات رسختها العادة والتوارث التاريخي للذهاب إلى هؤلاء الذين يدعون قدرتهم على علاج الأمراض المستعصية وأهمها تحقيق حلم الأمومة أو هؤلاء الذين يبحثون عن استقرار لبيت عائلي على حافة الانهيار والنماذج كثيرة ومتعددة في المجتمعات جميعاً وأن الخوف والقلق والتردد أحياناً من العوامل التي تصيب الإنسان بفقدان التوازن وعدم القدرة على التفكير السليم.
دعوة للتداوى
وطالب المستشار والمعالج الأسري بضرورة التصدي لهذه الظاهرة ومواجهتها وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى لَمْ يُنْزِلْ داءً إلاَّ أنزَلَ لهُ شِفاءً، في دعوة صريحة إلى التداوي، والتداوي كما يكون بالأغذية والأدوية الطبية، يكون أيضاً بالرقية بآيات القرآنِ الكريمِ، وبالأذكارِ المعروفةِ، والأدعيةِ المأثورةِ، فيدفع الله بها شرّ الحسد والحاسدينَ، وتُبطِل بتقديرِ الله تعالى كيد السحرِ والساحرين وأول طرق التوعية هي التوعية الإعلامية بأن هؤلاء المشعوذين ما هم إلا جامعي أموال من الناس البسطاء الذين يعتقدون أن هؤلاء ذو حظ وفير من التدين والقرب من الله وللأسف ما هم إلا أبعد الناس من الله.
يعترف الشيخ إسماعيل محمد معالج روحاني بمحافظة الأقصر بأن 99% من المعالجين والمشعوذين نصابين ويتخذون هذا المجال من أجل المكسب الهائل؛ حيث يقومون بإيهام الناس بأن لديهم سحر ويقومون بفكه بمبالغ باهظة. وقال الشيخ إسماعيل القلة القليلة من المعالجين هم من يتقون الله عزوجل ويضعون روشتة العلاج الصحيحة والتي من أهمها الاستمساك بكتاب الله وسنته. وبسؤاله حول الظاهرة التي أثارت مواقع التواصل الاجتماعي من اختفاء أجنة توأم من رحم الأم أكد أن الأم كانت حامل بالفعل لكن ليست كائنات بشرية لكنهما توأم من الجن وحانت وقت ولادتها فقامت القرينة بتوليدها وتم اختفاء التوأم لذهابهما للعالم الآخر من الجن, مؤكداً أن السيدة الصعيدية شعرت بجميع آلام الولادة وأعراضها موضحاً أن ذلك يعد من حالات الزواج بين الأنس والجن وأن المرأة لا تعلم ذلك .وقال إن المرأة التي ظهرت في المنام وقامت بتوليد المرأة هي القرينة مؤكدا أنه قام بعلاج مثل هذه الحالات؛ حيث قام أب بعمل سحر لابنته التي تزوجت رغماً عنه فحملت لكن أعراض الحمل لم تظهر علي المرأة بعد علاجها بدأ الجنين يظهر لافتاً إلي أن هناك أشياء لا يمكن أن يصدقها عقل لكنها موجودة . ويقول إن أغلب المترددين عليه ممن فاتها قطار الزواج العنوسة أو من لم ترزق بأولاد, مؤكداً أن المصريين ينفقون فى ذلك أموالاً طائلة. ومن ناحية أخري كشفت دراسة أن المصريين ينفقون 40 مليار جنيه سنوياً علي الدجل والشعوذة لذا قامت مجموعة من الشبان بإطلاق مبادرة وتنفيذها لتطهير المقابر من أعمال السحر وظهر العجب  . ومن أشهر تلك الجرائم، بسبب السحر والشعوذة  كانت بين سائق وبائع لحمة رأس بمنطقة طرة الأسمنت في المعادي، تعود تفاصيل تلك الواقعة بعدما تلقى قسم شرطة المعادي بلاغاً من مستشفى مبرة المعادي، يفيد استقباله بائعًا توفي إثر إصابته بطعنة غائرة أسفل عضلة الترقوة من الناحية اليسرى، وبانتقال قوة أمنية من قسم الشرطة إلى محل الواقعة، وبالفحص تبين حدوث مشادة كلامية بين «أحمد ع. م»، وصاحبه» شريف م ع»، سائق يعاني من اضطراب نفسي (بسبب اعتقاد الأخير أن المجني عليه يقوم بإيذائه بأعمال السحر لربطه جنسياً من خلال أعمال تجعله عاجز جنسيًا)، تطورت إلى مشاجرة، قام على إثرها «شريف» بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض «سكين»، محدثاً إصابته التي أودت بحياته.
وربة منزل مصرية تدعى «نفيسة. ع»، 30 سنة، تقيم أبوالنمرس، تقتل زوجها «حماد أ أ»، 50 سنة، طعنًا بالسكين بعد اكتشافها أنه ساحر وينصب على السيدات لإقامة علاقات محرمة معهن بحجة علاجهن من المس بأبوالنمرس.
نصب واحتيال
ومن جانبه أكد المحامي عصام شيحة أن المشرع المصري يجرم أعمال السحر والشعوذة باعتبارها صورة من صور النصب والاحتيال، ولم يتناول الأمر فيما يتعلق باستخدام السحر والشعوذة كأحد الأعمال التحضيرية، أو أحد المكونات الخاصة بارتكاب الجريمة، وإذا ترتب على تلك الأعمال ارتكاب جريمة جنائية، يعاقب المتهم على ارتكابه عليها مع مراعاة أن يكون هناك تشديد في العقوبة، لما اتخذ من إجراءات، أو من صور خبيثة تنم عن سوء النية الخاصة بالمتهم عند ارتكابه هذه الجريمة، ولا يوجد تجريم خاص بالسحر والشعوذة إذا ما استخدم في جرائم جنائية. وأضاف شيحة أن من أهم شروط القاعدة القانونية، أنها قاعدة عامة مجردة، ولذلك المشرع المصري وضع تجريماً عاماً للسحر والشعوذة، باعتباره من الخرافات التي تستهدف تضليل الناس وسلب إرادتهم وإيقاعهم في التدليس والغش، مما يستخدم ذلك في ارتكاب جرائم القتل والسرقة والنصب، فتلك الأعمال مجرمة بشكل عام، لكن القانون ليس في حاجة إلى تعديل تشريعي لهذه الأعمال. واستكمل الخبير القانوني، أن الناس الذين يقومون بأعمال السحر والشعوذة يرتكبون جرائم مقترنة بطبيعة عملهم؛ بحيث يقوم الدجال أو المشعوذ بأعماله المخالفة للشرع قبل القانون في مقابل مادي أو أدبي أو جنسي، فمسألة تحديد المقابل يحددها المشعوذ نتيجة ابتزازه وغش وخداع الفريسة التي يوهمها بضرورة حصوله على ذلك المقابل عن طريق إقناعها بأنه العلاج الذي سيقوم بحل مشكلاتها، فتوافق الفريسة وتصدق فتخضع لطلباته. وننتقل إلي عالم الفن فنجد كثيراً من الممثلين أعلنوا سواء علي مواقع التواصل الاجتماعي أو القنوات الفضائية تعرضهم للسحر بسبب غيرة البعض منهم  فمنهم نجلاء بدر والتي أعلنت أنها عانت من السحر لمدة 15 عاماً لكنها شفيت بفضل قراءة سورة البقرة, كما صرحت الفنانة شهيرة بأن اعتزالها الفن كان بسبب السحر والذي أقعدها عن العمل, ومن أشهر الخناقات والاتهامات المتبادلة بالسحر والشعوذة بين المطربة أحلام الإماراتية وشمس الكويتية .

اقرأ أيضا: «القطط السوداء» تحتل سينما رويال