حكايات ابو ذكري( حاول تفتكرنى)

محمد أبوذكرى
محمد أبوذكرى

وكأننا كنا نعرفه سنوات طويلة، فمنذ أن قدم بصوته العذب الرقيق، الكلمة التى تحمل معنى لتسكن القلب والروح مع أول أغانيه «ظلموه» فى أولى حفلاته ظلمه الجمهور بل وهاجمه ولم يتجاوب معه رغم أنه حينها كان يبتسم فى أسى وآلم، ولكن فى لحظة قرر أن يكون نجما ذا صوت جميل يخاطب القلب، يداعبه، يناجيه، يصاحبه، ليقول بعد أن حقق شهرة غير مسبوقة «حاول تفتكرنى» وخلال سنوات قليلة أصبح بطلنا الشاب واحدا ممن يشكلون عقول وقلوب المجتمع بأغانيه العاطفية والوطنية وأفلامه السينمائية التى عشت إحداها معه وهو فيلم «يوم من عمرى» فى زمن السينما الراقية، الواعية، الرصينة، المهذبة، الصادقة المشاعر والتى كانت تبحث عن الارتقاء بالمجتمع من خلال القوى الناعمة حقا وليست القوى الراقصة الصاخبة.
وأضع سؤالا لنفسى ولك عزيزى القارئ، كيف صنع العندليب عبد الحليم حافظ تلك الشهرة وهذه النجومية وسط أساطين الغناء وقتها عبد الوهاب وأم كلثوم وليلى مراد وفريد الأطرش وغيرهم كثير؟ الجواب فى كلمة واحدة «الطموح» فقد كان طموح حليم أكبر من احلامه وامانيه، إن الطموح شىء يزرعه المجتمع فيك أو يسحبه عقلك، وحينما يعطى المجتمع فرصا واسعة لابنائه فى شبابهم، فإنه يضىء فيهم إلى الأبد شعلة النجاح والتألق والمجد، لتبقى تلك الشعلة المضيئة معه إلى أن يرحل عن الدنيا، ليبقى ما قدمه من نجاحات وخطوات وعرق الرحلة، والابتسامات والآهات عبر أغانيه باقيا فى قلوب أجيال مازالت تعيش مع صوته احلى وارق الذكريات.
لم يحقق العندليب شهرته بمفرده، بل كان فى عصره كوكبة من المبدعين الشعراء والملحنين والأدباء وقبلهم كان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذى كان يدعمه بقوة، ويفسح له المجال ليغنى ويبدع ويتألق ويصبح مطرب الثورة ومطرب القلوب العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ والذى غاب جسده تحت التراب وبقى صوته الشجى النادى ساكنا الأرواح والألباب، قلوب عشاقه من المحيط إلى الخليج.