ضرورة دعم الصناعات الصغيرة وذلك بإعطاء مشروعات صغيرة متكاملة لها صفة القابلية للتكرار نمطياً وذلك لتنظيم الأنشـطة المختلفة بنظام حزمة الأنشطة المتكاملة
لاشك أن ما ننشده من تقدم وتطور لأداء الاقتصاد المصري يمثل تحدياً رئيسياً بالنسبة للحكومة والدولة كما يتطلب تجنيد كافة الجهود الوطنية نحو أدوات التفعيل الاقتصادية وصولاً إلي اقتصاد قوي قادر علي إرضاء طموح جموع الشعب.. والأمر ليس بخاف أن الصناعات الصغيرة تأتي علي رأس تلك الأدوات إذ إن الصناعات الصغيرة هي القاعدة التي يرتكز عليها التشكيل الهرمي للصناعة في أي زمان ومكان، وكلما زاد حجم قاعدتها أمكن لقمة الهرم الصناعي أن يرتفع دون حدوث خلل في التوازنات وصولاً للتأهيل لبناء القدرة التنافسية ومن ثم القدرة التصديرية وزيادة القيمة المضافة في المكون الصناعي المصري.. كما تلعب الصناعات الصغيرة والمتوسطة دوراً بارزاً يتمثل في مساهمتها في زيادة الدخل القومي وتوزيعه توزيعاً يتسم بالعدالة علي امتداد الرقعة الجغرافية بالإضافة لطبيعة دورها الإيجابي في رفع قيمة العائد من العمل أجر/ ساعة ومن ثم العمل علي تحقيق الكفاية في الدخل وزيادة القدرة الإنفاقية للعامل والأسرة.
ولنا في هذا المقام علينا أن نفرق أولاً بين المشروعات الصغيرة والصناعات الصغيرة، فالمشروعات الصغيرة SME›s توجهها اجتماعي تنموي،أما الصناعات الصغيرة SMI›s توجهها صناعي خدمي ويهدف في صورته المثلي لتصبح صناعة مغذية للصناعات الكبيرة، كما أن هذه الصناعات تتبع منظومة العمل والأداء التي تلتزم بها الصناعات الأكبر حجماً،وهي في هذه الحالة تكون جزءاً من المنظومة الصناعية التي تحكمها معايير الجودة والمواصفات القياسية والتصميم وحسن اختيار الخامة وقياس معدلات المهدر في الخامة والزمن والطاقة.. ولقد حققت المشروعات الصغيرة نجاحات علي امتداد الرقعة الجغرافية ، أما الصناعات الصغيرة فلم يكتمل الإطار التنموي لها وبذا لم تأخذ فرصتها الكاملة بعد.
وواقع الأمر فإن البداية تكون دائماً من الميزة النسبية وصولاً للميزة التنافسية والميزة النسبية هي ميزة طبيعية في مفهومها يخص الله بها منطقة ما بإمكانيات طبيعية ومهارات للسكان ذات تركيز مكاني،مثال ذلك - صناعة القلل القناوي وتمركزها في محافظة قنا ، فالوصول بهذه الصناعة لمنطقة الميزة التنافسية يكون بتطوير جانب من هذه الميزة النسبية لتلحق بصناعة الخزف والصيني وصناعة المحروقات بإدخال الميكنة عليها ويدخل ضمن هذا الأوعية والقوارير القابلة للتصدير كأعمال ذات محتوي فني - زراعة البلح بواحة سيوه وما يترتب عليه من عمليات تصنيع وتغليف وعمليات تسويقه محليا وخارجيا - تصنيع الأسماك ببحيرة السد العالي / بحيرة البردويل وتسويقها محلياً وخارجياً.. ويمكن إيجاز الأهداف الاستراتيجية من وراء النهوض بالصناعات الصغيرة في ثلاثة أهداف:
الأول ذو توجه اقتصادي من خلال:التوزيع العادل للدخل القومي - تنمية المدخرات المحلية -زيادة الطلب علي استخدام الخامات المحلية- إعادة استخدام العوادم لصناعات أكبر- المساهمة في تحقيق توازن أفضل في ميزان المدفوعات -الاقتراب من منطقة إعادة التصدير وصولاً للتصدير بمفهومه المتكامل.
الثاني ويهدف للتنمية البشرية من خلال: توفير فرص عمل حقيقية ذات عائد إنتاجي- ترسيخ المفاهيم الصناعية - رفع قدرة العمالة غير المدربة ونصف الماهرة - خلق فرص للأسر لتصبح منتجة.
الثالث ذو توجه تكنولوجي من:توظيف المهارات الحرفية - التأهيل للتعامل مع الصناعات الأكبر كصناعة مغذية لها -العمل علي التكامل الصناعي بمفهومه العملي التطبيقي. وتجدر الإشارة في هذا الشأن إلي ما سجلته دول جنوب شرق آسيا الشهيرة بالنمور الخمس من نجاح كبير في جهودها الرامية لمواجهة الاختلالات الاقتصادية كموروث سيئ ناجم عن فترة سابقة وذلك من خلال الاعتماد علي المشروعات والصناعات الصغيرة،بل إن المعجزة اليابانية التي تحققت في أعقاب الحرب العالمية الثانية قد اعتمدت بالدرجة الأولي علي الدور المتميز للصناعات الصغيرة وأكثر من ذلك أن الولايات المتحدة وهي أغني الدول الرأسمالية لجأت في مطلع الثمانينيات لإعطاء حوافز وامتيازات ضريبية خاصة للنمط الصغير من المشروعات الصناعية.
بقي أن نشير في هذا الشأن إلي ضرورة دعم الصناعات الصغيرة وذلك بإعطاء مشروعات صغيرة متكاملة لها صفة القابلية للتكرار نمطياً وذلك لتنظيم الأنشـطة المختلفة بنظام حزمة الأنشطة المتكاملة (Package) محددة التكلفة ومضمونة العائد حتي يمكن تعميمها بالقري كي يتحقق الاكتفاء الذاتي للقـرية لتتحول إلي قرية منتجة،الأمر الذي من شأنه الحد من البطالة والقضاء علي هجرة أبناء القرية إلي المدن وهو مطلب استراتيجي قومي يجب تبنيه.