برلمانيات

للتعددية الحزبية دروس

تامر عبد القادر
تامر عبد القادر

التحالف.. التعددية.. المشاركة.. الاتحاد.. مبادئ شهدت على تطبيقها انتخابات الشيوخ الأخيرة، فأكسبت الأحزاب السياسية قوة، واتحادا فى الكلمة، فمصر التى انهارت على أرضها عقائد حزبية وحياة سياسية بعد 25 يناير، ثم بدأت بعد ٣٠ يونيه فى إرساء قواعد وأسس واضحة لحياة سياسية جديدة، وتركت تأسيس الأحزاب للراغبين فى العمل السياسى، بعدما أثبتت التجارب أن الأحزاب التى تؤسس بقرارات فوقية لا تعرف الاستقرار، ويكون انهيارها هو الأقرب بمجرد أن تتعرض للرياح، ولعل الاتحاد الاشتراكى والحزب الوطنى المنحل، مثالا واضحا للأحزاب الهشة التى فشلت فى الصمود أو الدفاع عن عقائدها السياسية فى أول الاختبارات الحقيقية التى واجهتها، كما أن التجارب انتهت إلى فشل دولة الحزب الواحد فى الحياة السياسية، حيث إنها ترسخ للاحتكار، ويكون وجودها كغثاء السيل، تنتظر الانهيار بأقل مجهود.
ولعل الاستراتيجية التى استحدثها حزب مستقبل وطن، للتفاعل مع الشارع المصرى، كانت رائدة وأهلته لقيادة الحياة السياسية بجدارة وهو ما تمت ترجمته بائتلاف انتخابى قوامه 11 حزبا بالإضافة إلى تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين داخل قائمة واحدة فى انتخابات الشيوخ التى انتهت جولتها الأولى بنجاح ساحق للحزب الشاب.
لا شك أن الدولة التى أبهرت العالم بإطلاق البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب بجانب تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، تسعى بما أوتيت من أدوات واستراتيجيات لإعداد وتفريخ كوادر تغزو السياسة وتنضم للأحزاب لإثراء الحياة السياسية فى شكلها الجديد بعد القضاء على الفاشية الدينية وحلم الاستعمار والبدء فى بناء دولة جديدة قادرة على النهوض والتنمية.
تمثل التعددية الحزبية، أداة النجاة للدولة الباحثة عن الاستقرار، على عكس الأخرى التى تنكر مبدأ التعددية وتعمل على تهميش دور المواطن، إلا أن مصر الجديدة بقيادتها السياسية الحكيمة خلقت البيئة المناسبة لميلاد نظام التعددية الحزبية فى شكل جديد والذى استثمره حزب مستقبل وطن فى انتخابات مجلس الشيوخ، ولعل هذه التجربة الناجحة مؤشرا للتوسع فى الاستحقاقات القادمة، سواء انتخابات مجلس النواب التى سيتم إجراؤها خلال نوفمبر القادم، ثم المجالس المحلية والمتوقع أن تجرى فى 2021، والتى كشف غيابها وجود فراغ سياسى حقيقى خاصة فى القرى والعزب والنجوع.. ويبقى للتعددية الحزبية الجديدة فى مصر دروس أخرى نسردها فى المرات القادمة.