فى الصميم

ليست شرعية وليست حكومة!!

جـلال عـارف
جـلال عـارف

المشهد كان صارخاً فى دلالاته.. وزير الدفاع التركى فى العاصمة الليبية المختطفة «طرابلس» يتصرف باعتباره ممثل سلطة الاحتلال العثماني. يظهر فى غرفة العمليات العسكرية التى لاتضم ليبيا واحداً. يقف بين العسكريين الاتراك ليعلن أن تركيا باقية فى ليبيا للأبد، وأنها تستعيد ما كان فى ظل الدولة العثماينة التى لم تترك وراءها إلا ذكريات أربعة قرون من الاستبداد والتخلف والمجازر التى لم تسلم منها الشعوب العربية حتى سقطت دولة الاستبداد العثمانى قبل قرن من الزمان.
فى نفس الوقت كان الجيش الوطنى الليبى يعلن عن تدمير التجهيزات الحديثة التى وضعتها تركيا فى قاعدة «الوطية» تمهيدا لتحويلها لقاعدة جوية تركية وكانت قبائل ليبيا تعلن أنها ستقف ضد «الاحتلال» التركى حتى النهاية وكان عقيلة صالح رئيس البرلمان الليبى المنتخب يواصل جولاته من موسكو الى جنيف حاملا صوت الشعب الليبى فى رفض الاحتلال التركي، وفى سعيه للحل السياسى الذى يتم بتوافق كل الفصائل الوطنية، ويتخذ من اعلان القاهرة طريقاً لاستعادة الدولة والحفاظ على وحدتها، والخلاص من ميليشيات الارهاب وفرق المرتزقة.
وسط كل تعقيدات المشهد، تبدو ما تسمى بـ «حكومة الوفاق» وقد سقطت فى مستنقع الخيانة الوطنية حتى القاع حتى الاتراك لم يعودوا يتعاملون معها بأى قدر من الاحترام. وبعد أن كانت أنقرة تحرص على التقليل من دورها ومحاولة الاختباء حول الشرعية المزعومة لحكومة الوفاق- أصبحت تتعامل بلا أقنعة، وتتصرف كقوة احتلال لا يعنيها إلا نهب كل ما تستطيع من ثروات ليبيا وتحويلها الى مركز للارهاب تعتمد فيه على عصابات الإخوان والمرتزقة.
ولم يكن غريباً أن نرى ما يسمى «حكومة الوفاق» تنعى قتلى غارة الأمس من المرتزقة السوريين وجنود الاحتلال الاتراك الذين جاءوا لقتل الليبيين فى أرضهم مستنقع الخيانة لاقرار له عند العملاء من الإخوان والارهابيين الذين لايعرفون معنى الوطن ولايفهمون إلا لغة المرتزقة. لم تكن المعركة فى ليبيا يوما بهذا الوضوح.. شعب ليبيا بجيشه وبرلمانه وقبائله وفصائله الوطنية فى جانب، والاحتلال التركى مسلحا بميليشيات الاخوان وجنود المرتزقة فى جانب آخر. أما ما يسمى بحكومة الوفاق فلا مكان لها الا عند من يريدونها ستاراً لأطماعهم فى ليبيا ووسيلة لنهب ثرواتها. لم تكن حكومة، ولم تكتسب أى شرعية وطنية. أما حكاية المعترف بها دولياً فقد اصبحت «نكتة بايخة» فى ظروف تتطلب منتهى الجدية حتى تتوقف المأساة!!