الخروج عن الصمت

ماذا يريد الناس من الأزهر؟

محمد عبد الواحد
محمد عبد الواحد

سؤال طرحته على نفسى مرات كثيرة كلما زادت حملة النيل منه ومن رموزه وعلى رأسهم فضيلة الإمام الأكبر.
ورجعت بذاكرتى إلى زمن جميل كنا جميعا نعيش فيه تحت سقف واحد يخشى الكل منا أن يقتلع عرقا من عروق هذا السقف حتى لا ينهار فوق رءوس الجميع، ووجدت أن الحاضر لم يختلف كثيرا عن الماضى، ففى الماضى كان هناك الليبراليون والاشتراكيون والماركسيون والأزهريون والعوام ولم يحدث صدام بين هؤلاء جميعا. كان كل منهم يمشى فى طريقه الذى رسمه لنفسه دون الهجوم أو النيل من الآخر وهؤلاء جميعا كانوا يقدرون الأزهر ويحترمونه لأن الجميع كان يجمعهم خندق واحد وهو الوطنية وحب مصر وكانت اللوحة الجميلة التى تذكرك بما أقول هى ثورة 19، وكان الأزهر بالنسبة للجميع حائط الصد الذى يحتمى به هؤلاء جميعا لأنه يحمل منارة الوسطية التى تؤمن بالتعددية وأنه لا إكراه فى الدين، فهو إرث لم يمثل عبئا على أحد، كما كانت تجمعهم الصالونات الأدبية يتناظرون ويتناقشون ويختلفون دون أن يرمى منهم الآخر بما ليس فيه فما هو فيه كان يعد فخرا له.
أما الآن فأصبحت الأيديولوجيات كثيرة واختلط الحابل بالنابل وكل فى صراع مع الكل فإذا لم تكن معى فأنت ضدى.
والأجندات هى التى تتحدث وأصبح الأصدقاء فرقاء وتبادلوا الاتهامات، وأغلقت الصالونات الأدبية التى كانت منارة يتبادل فيها الجميع أطراف الحديث، وكأنها لعنة أصابت الكل فنصبوا أنفسهم علماء وتتطاولوا على حائط الصد ونالوا من علمائه واعتبروا الأزهر معول هدم الدولة لأن العقول تجمدت وتحجرت أو بمعنى آخر أصبحت مسطحة فارغة، عقول تقرأ ولا تفهم أو بمعنى آخر تقتبس أشياء دون تحليل أو دراسة، ففى القرن الواحد والعشرين هذا هو حالنا فبعد أن كنا نعد الأزهر منبر الوسطية والاعتدال أصبحنا الآن نهاجمه ولا أعرف من وراء هؤلاء الذين نصبوا من أنفسهم حكاما وجلادين يريدون أن يفرغوا الأزهر من مضمونه.
لا أحد يحترم الآخر ولا يحترم عقله ولا فكره كما كان فى الماضى، كانت كلمة القياس عندهم لا يفتى ومالك فى المدينة، أى كل يؤمن بتخصصه.. ابحثوا وراء أصحاب الحملات المسعورة فستجدونهم جميعا خواء مسطحين لا يعرفون لأنفسهم رأسا من رجل. اللهم احفظ مصر وأهلها واجعلهم فى رباط إلى يوم الدين.