إخراج القوات الأمريكية من العراق.. بين «المطالب الملحة» و«التنفيذ محفوف المخاطر»

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

خلال أسبوعٍ واحد، كانت القوات الأمريكية تشيع في الأراضي العراقية غاراتها الجوية، فأردت من القتلى العشرات، وخلفت ضحايا تسبب مقتلهم في تأجيج الأوضاع في الشرق الأوسط، وعلى رأسهم الجنرال الإيراني قاسم سليماني.

البداية كانت يوم الأحد من الأسبوع الماضي، حينما شنت القوات الأمريكية المتمركزة في العراق غارات جوية على قواعد تديرها كتائب حزب الله المدعومة من إيران داخل العراق، مما أسفر عن مقتل 25 مقاتلًا على الأقل وإصابة 55 آخرين.

ونددت العراق بالخطوة الأمريكية، وقالت وقتها إنها ستبحث إمكانية عدم التعاون مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لمحاربة تنظيم "داعش" في سوريا والعراق.

هذا الحادث فجر نار الغضب في العراق، ودفع محتجون عراقيون للتظاهر أمام السفارة الأمريكية ببغداد ومحاولة اقتحامها خلال يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، في خطوةٍ شجبتها الحكومة العراقية نفسها.

ولم يكد يمضي الأسبوع حتى أقدمت القوات الأمريكية على عمليةٍ عسكريةٍ مفاجئةٍ كانت خارج التوقعات، حينما شنت غارة جوية بالقرب من مطار بغداد، أسفرت عن مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وأبو مهدي المهندس، نائب رئيس مليشيات الحشد، وغيرهما، لتتأجج الأوضاع في العراق، ولتُصب نار الغضب تجاه الأمريكان.

مطلب إخراج القوات الأمريكية

وعلى الفور، دعا رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلى ضرورة إنهاء تواجد القوات الأجنبية في العراق.

كما وافق مجلس النواب العراقي، أمس الأحد 5 يناير، على قرار يطالب الحكومة بإنهاء وجود القوات الأجنبية في العراق ويضمن عدم استخدامها لأراضيه ومجاله الجوي ومياهه لأي سبب.

ويقول القرار إن "الحكومة ملزمة بإلغاء طلب المساعدة الأمنية من التحالف الدولي، الذي يقاتل تنظيم "داعش" بسبب إنهاء العمليات العسكرية في العراق وتحقيق النصر".

ويضيف القرار أن "على الحكومة العراقية العمل على إنهاء وجود أي قوات أجنبية على الأراضي العراقية ومنعها من استخدام أراضيه ومجاله الجوي ومياهه لأي سبب".

وتعالت الأصوات المنادية بإنهاء التواجد العسكري الأمريكي في العراق، ووصل الأمر إلى حد دعوة مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي الذي يقود أكبر كتلة في البرلمان العراقي، إلى طرد القوات الأمريكية بصورةٍ مذلةٍ وتجريم التواصل مع الحكومة الأمريكية والمعاقبة عليه.

عقوبات غليظة في الانتظار

لكن تحقيق ذلك ليس بالأمر الهين، خاصةً فيما يتعلق بعواقب ذلك على العراق، التي تعاني أزمةً اقتصاديةً حادةً، تسببت في احتجاجاتِ شعبيةٍ بدءًا من أكتوبر من العام المنقضي.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توعد العراق بفرض عقوباتٍ لا قبل للعراقيين بها، إذا أصرت على مطلبها بإخراج القوات الأمريكية من العراق بصورةٍ نهائيةٍ.

وقال ترامب "إذا طلبوا منا بالفعل أن نغادر وإذا لم يتمّ ذلك ودّيًا، فسنفرض عليهم عقوبات لم يروا مثلها سابقًا"، وقد أشار إلى أن العقوبات المحتملة ستجعل من تلكَ المفروضة على إيران ضئيلة مقارنةً بها.

وفي وقتٍ لاحقٍ اليوم الاثنين، أعلن مصدرٌ مسؤولٌ في ديوان رئاسة الجمهورية العراقية أن الرئيس برهم صالح تسلم من الإدارة الأمريكية نسخة من قانون العقوبات الأمريكية على العراق، الذي سيصدر في حال إخراج قواتها.

وقال المصدر إن "صالح تسلم اليوم نسخة غير موقعة من قرار العقوبات الأمريكية على العراق في حال أراد إخراج القوات الأمريكية من أراضيه بأي قرار كان"، وذلك نقلًا عن وكالة الأنياء العراقية.

وعلى ضوء ذلك، تبدو العراق تقف أمام البحر تنتظر أن تخرج القوات الأمريكية من أراضيها، ولكن بينما هي عند شاطئ البحر تتلهف لوداع الأمريكيين أراضيها تلاحقها عقوباتٌ أمريكيةٌ ستُسلط عليها، في وقتٍ تبحث البلاد عند التعافي من سباتها الاقتصادي، الذي لم تفق من ركوده منذ عدة سنوات.