حوار| سكرتير وزارة الخارجية السريلانكية: مشاورات سياسية لأول مرة فى تاريخ العلاقات مع القاهرة

سكرتير وزارة الخارجية السريلانكية
سكرتير وزارة الخارجية السريلانكية

استضافت القاهرة خلال شهر ديسمبر الجارى أول مشاورات سياسية بين مصر وسريلانكا تناولت مختلف جوانب التعاون السياسى والاقتصادي، حيث ترأس الوفد السريلانكى السفير رافيناثا ارياسينا سكرتير وزارة الخارجية السريلانكية، الذى أوضح فى حوار خاص لـ «الاخبار» أن القاهرة وكولومبو ترغبان فى تطوير علاقاتهما الممتدة منذ قرون، من خلال إنشاء آلية المشاورات السياسية لأول مرة.

وأشار إلى أن الشعب السريلانكى لايزال يتذكر دعم الرئيس عبدالناصر له فى الستينيات، كما أعلن أن بلاده تتطلع إلى زيادة حجم التبادل التجارى مع مصر، خاصة فى مجال تصدير الشاى.. وإلى نص الحوار:

ما هدف زيارتك إلى القاهرة ولقاءاتك مع المسئولين المصريين؟

الهدف الأساسى للزيارة إجراء مشاورات سياسية بين البلدين لأول مرة، فقد كان لدينا لجنة مشتركة عن التجارة، ولأول مرة نجرى مشاورات سياسية من خلال وزارتى الخارجية فى البلدين، بحيث تغطى المشاورات ليس فقط التعاون الاقتصادى ولكن مجموعة كبيرة من الموضوعات الثنائية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

مدرسة إسلامية

مصر كانت أول دولة تستضيف سفارة سريلانكية فى الشرق الأوسط وأفريقيا.. ما الدور الذى قامت به مصر كجسر لعلاقات سريلانكا مع المنطقة؟

علاقاتنا مع مصر ضاربة فى جذور التاريخ، فمنذ القرن الثانى الميلادى ذكرت سريلانكا فى قلب العالم فى خريطة بطليموس وهو مصرى جزئياً، وبعد ذلك تدفق التجار السريلانكيون على مصر فى مراحل مختلفة من التاريخ، خاصة فى القرن الثالث عشر وكانت لهم علاقات مع حكام مصر، وبالتالى كانت علاقات بلدينا تجارية بالأساس، ثم فى عهد الاحتلال البريطانى تم نفى أحمد عرابى باشا إلى سريلانكا واستقبله الشعب بحرارة، لأننا كنا نكافح ضد الاحتلال واعتبره السريلانكيون بطلاً، وخلال وجوده ساهم فى إنشاء أبرز مدرسة إسلامية للبنين والتى لا تزال موجودة حتى الآن، وبعد الاستقلال من أهم محطات علاقاتنا عام 1956 خلال أزمة السويس (العدوان الثلاثى على مصر)، وحتى الآن هناك تقارب فى مواقف البلدين تجاه القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، ويمكن القول إن مصر وسريلانكا معاً يداً بيد فى المحافل الدولية.

ما رؤية الرئيس الجديد جوتابيا راجاباكسا تجاه تدعيم العلاقات مع مصر والدول العربية؟

رؤية الرئيس راجاباكسا واضحة فى وضع مصالح سريلانكا فى مقدمة اهتمامات السياسة الخارجية، واتباع استراتيجية الحياد دون الدخول فى لعبة القوى الدولية الكبرى، والتركيز على قضايا التنمية والأمن الدولي، وهى ذات القضايا التى يركز عليها قادة مصر والدول العربية، وكما ذكرت لدينا العديد من القواسم المشتركة مع مصر التى تربطنا بها أقدم علاقة من بين الدول الأفريقية، ودور مصر واضح بين الدول النامية.

العام الماضى أنشأ البرلمان السريلانكى لجنة الصداقة مع مصر.. ما الدوافع لذلك القرار وكيف يؤثر على العلاقات الشعبية بين البلدين؟

رئيس البرلمان السريلانكى مهتم جداً بتعزيز العلاقات الخارجية البرلمانية، وإنشاء تلك اللجنة يأتى فى هذا الإطار، وقد زار رئيس البرلمان مصر العام الماضي، وإنشاء لجنة الصداقة البرلمانية تعزز علاقات البلدين، سواء على مستوى المسؤولين أو الشعب، خاصة أن هناك العديد من القواسم المشتركة التى تجمعنا.

سياح مصريون

العام الماضى شهد 200% زيادة فى تدفق السياح بين البلدين، هل لدى سريلانكا خطط لجذب مزيد من السياح المصريين؟

حركة السياحة فى سريلانكا ارتفعت بقوة خلال السنوات الماضية وتعرضت لانتكاسة بسبب الهجمات الإرهابية فى أبريل الماضي، حيث تراجعت فى مايو بنسبة 80% مقارنة بالعام السابق، لكن الآن الفارق 10% فقط عن معدلات العام الماضي، ونعتقد أنه بنهاية الموسم السياحى الشتوى سنكون عوضنا ذلك الفارق.

هل تفكر سريلانكا فى إنشاء مركز ثقافى فى القاهرة على غرار الجهود المصرية فى كولومبو؟

ليس لدينا مركز ثقافى هنا ولكن سفارتنا يمكنها القيام بذلك الدور، وقد ركزت فى زيارتى على تعزيز الصلات الأكاديمية، كما ألقيت محاضرة فى المجلس المصرى للشئون الخارجية، وسفيرتنا فى القاهرة تعمل بجد على تعزيز العلاقات الثقافية.

اعتقد أنه يجب العمل على زيادة معرفة الشباب بعلاقاتنا المشتركة، حيث لا اعتقد أن جيل الشباب المصرى يعرف السيدة باندرانيكا ودورها فى دعم مصر خلال عام 1956، حين مثلث صوتاً قوياً لدعم عبدالناصر الذى مثل صديقاً لها ولبلادنا، وعند وقوع أزمة السويس أمرت باندرانيكا مندوبنا فى الأمم المتحدة بالقتال لصالح مصر داخل المنظمة، وساهم فى خروج 11 بياناً من الأمم المتحدة جميعها تؤيد الموقف المصري، على الرغم من أن رئيس الوزراء البريطانى فى ذلك الوقت كان زميل دراسة لباندرانيكا، والتاريخ مليء بتلك التفاصيل غير المشهورة، واعتقد أن عدم معرفة ذلك التاريخ يعد خطأنا، لأن كذلك الرئيس عبدالناصر ليس معروفاً للأطفال فى بلدي، على الرغم من موقفه بارسال سفينة محملة بالبترول إلى سريلانكا عام 1962 حين فرض علينا حظر بترولى بسبب قرار تأميم شركات البترول.

وعلينا العمل على الارتقاء بالروابط التجارية بين البلدين، فى الماضى كانت مصر تستورد 60% من احتياجاتها من الشاى من سريلانكا، الآن انخفضت إلى 5% فقط، وعلينا معرفة أسباب حدوث ذلك، بعض العوامل قد أثرت بالطبع ولكن الشاى السريلانكى عليه العمل للعودة إلى السوق المصرى بقوة ومنافسة الشاى الأفريقي، لذلك يجب العمل بقوة على استغلال العلاقات الرسمية والشعبية مع مصر فى هذا المجال.

صادرات الشاى

هل هناك خطة لتدعيم صادرات الشاى إلى مصر؟

نعم لدينا خطط ولكنه فى النهاية هذا أمر مرتبط بالعرض والطلب وكذلك السعر، ما حدث أن خلال الثمانينات من القرن الماضى كان 60% من واردات الشاى تأتى من سريلانكا ثم تم فرض تعريفة جمركية، وأزيلت بعد 10 سنوات لكن تغيرت المعطيات فى السوق لأن كل دولة يتم تصدير الشاى إليها بمواصفات معينة وحين يغلق السوق المصرى فى وجهنا فان المصانع تصنع شاى لأسواق أخرى.. حالياً نتابع السوق المصرى والقرار يتحدد حسب العرض والطلب والسعر، ما نجحنا فى فعله أن هناك عدة شركات شاى سريلانكية تصدر للسوق المصري، الموجودة فى المتاجر الموجهة للطبقات الراقية وموجود فى المطاعم والفنادق، ربما لا تجد تلك الأنواع فى السوبر ماركت بالمناطق العادية فى مصر، ونحن مستمرون فى التوسع حسب الطلب لأننا نؤمن بأن شاى سيلان هو الأفضل فى العالم، وهو «الشاى الحقيقى» الذى يدرك قيمته كل من يتذوقه.

مواجهة التطرف

ما آفاق التعاون بين سريلانكا ومصر لمواجهة الإرهاب والتطرف؟

سريلانكا تتعاون مع كافة الدول فى مكافحة الإرهاب ومنها مصر، وقد نجحنا فى هزيمة الجماعات الإرهابية منذ أكثر من 10 سنوات، ولم ينجحوا فى التجمع منذ ذلك الوقت، ربما يكون هناك بعض الأتباع المنتمين لتلك الجماعات أيدلوجياً ولكن ليس لهم تأثير كبير، وهناك تعاون بين أجهزة الأمن فى بلدينا، ونتطلع لتعزيز علاقات التعاون فى مكافحة الإرهاب.

هل تأثرت حياة المسلمين السريلانكيين بعد وقوع التفجيرات التى قام بها متطرفون مسلمون؟

التفجيرات أثارت لدينا مخاوف، ولكن الواقع أن 99% من المسلمين السريلانكيين أشخاص مسالمون، حيث إن نجاح بلادنا فى القضاء على الإرهاب يرجع لسببين، الأول ان جيشنا قوى جداً، ثانيا التعاون وتقديم المعلومات من المواطنين المسلمين للتخلص من هؤلاء المتطرفين، والطائفة المسلمة فجعت من أحداث أبريل الماضى لأنها أزعجت أسلوب الحياة المسالم الذى يعيشونه، واعتقد أنه فور وقوع التفجيرات كان هناك بعض التوترات البسيطة، ولكن الآن الحياة عادت إلى طبيعتها، وذلك يرجع لجهود المسلمين السريلانكيين فى توضيح أن التطرف لا يمثل الإسلام فى سريلانكا.