صور نادرة| «هروب وبراءة ومغامرات».. أسرار في حياة «محمود صلاح»

صور نادرة| «هروب وبراءة ومغامرات» .. أسرار في حياة «محمود صلاح»
صور نادرة| «هروب وبراءة ومغامرات» .. أسرار في حياة «محمود صلاح»

عندما يقترب الصحفي من صاحب القرار ويتحول من ناقل للخبر إلى جزءٍ منه، يصبح اسمه محفورًا من الذهب في عالم الصحافة، ويصل إلى أرفع المناصب بخبرته ومداركه. 

 

الكاتب الصحفي «محمود صلاح» الذي استطاع بذكائه ومهاراته وأسلوبه الفريد تتبع الخبر والوصول إليه في أحلك الظروف، رحل عن عالمنا اليوم في صمت بعدما أصبح أشهر صحفيًا في الحوادث، لخوضه العديد من المغامرات الصحفية التي نقشت اسمه على جدران مؤسسة «أخبار اليوم».  

 

«بوابة أخبار اليوم» تكشف عن أسرار حياته في السطور التالية..


السر في مجلات الأطفال 

 

«أذكر نفسي طفلًا صغيرًا، لم يتعد الثانية عشر من عمره، أدخر طوال الأسبوع من مصرفي، مما يمكني من شراء مجلة الأطفال في نهاية الأسبوع، أقرؤها بلهفة وأعيد قراءتها مرات ومرات بنفس اللهفة، مجلات الأطفال هي التي فتحت عيني على عالم خيالي ساحر، ومازلت رغم الشيخوخة التي طرقت أبوابها أقرأ هذه المجلات» هكذا لخص الراحل محمود صلاح نفسه في سطور.


كان طفل شغوفًا بالكتابة والقراءة، يهوي كتابة القصص القصيرة في كراسته الصغيرة، ثم يرسلها إلى مجلات الأطفال وكان يفاجئ بنشرها على الفور ويستلم جوائز. 


ففي الثانوي العام شارك «محمود صلاح» في جماعة الصحافة وفاز بجائزة مسابقة كبيرة، بين كل المدارس وتسلم الجائزة من عملاق الصحافة الراحل على أمين.  

 


بالرغم من أن والده كان يريده أن يصبح طبيبًا، وأجبره على دخول القسم العلمي حتى يلتحق بكلية الطب، إلا أن «صلاح» كان يهرب من حصص الكيمياء والطبيعة ويتسلل إلى فصول الأدبي لاستماع دروس التاريخ والفلسفة. 


بعدها نجح  «محمود صلاح» في الثانوية العامة، وحصل على مجموع كبير يمكنه من الالتحاق بكلية طب الأسنان، وقدم ورقه إليها وكاد حلم أبيه أن يتحقق ولكن أحيانًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، أعُلن وقتذاك افتتاح كلية الإعلام، فصارح والده بوضعه وحلمه فقال له والده «عايز تبقى صحفي ؟ .. اعمل اللي أنت عايزه» وترك له حرية الاختيار. 

 

خليفة مصطفى أمين 


لم يحلم يومًا صلاح أن يقابل عملاق الصحافة مصطفى أمين ولكن كان للقدر رأي آخر، فبعد التحاقه بكلية الإعلام أرسله جلال الحمامصي مع عدد قليل من زملائه للعمل في أخبار اليوم كان وقتها مصطفى أمين رئيسًا تحرير أخبار اليوم. 


تدرب صلاح بدار أخبار اليوم وقبل اكتمال عامه الأول طلب منه عملاق الصحافة مصطفى أمين أن يرسل له كل أخباره وموضوعاته. 


ودائمًا ما كان صلاح يتغزل في مصطفى أمين ويقول « وجدت فيه الأب والأستاذ، على يديه تعلمت أسرارا مدرسة أخبار اليوم الصحفية، كان يرعاني ويحنو عليَ ويعلمني وعندما سألوه يومًا في التليفزيون عن آخر خليفة له في مدرسته قال " الولد ده"، فكان دائمًا ما يضع يده في جيبه ويعطيني ورقة بعشرة جنيهات ويضع توقيعه عليها». 

 


 
 آخر ساعة 


بعدها جاءت تجربة إصدار جريدة أخبار الحوادث الإنجاز الأهم في حياة محمود صلاح، ومع الأيام زاد اعتماد إبراهيم سعدة عليه ورشحه لرئاسة تحرير مجلة آخر ساعة، بعدها قام هو وزملائه بالاجتهاد لتطوير المادة الصحفية وخوص العديد من المغامرات الصحفية الشيقة التي كانت تنال إعجاب جمهوره. 


وفي إحدى مقالات محمود صلاح أعترف وقال: « عشت  في آخر ساعة أجمل أربع سنوات في عمري الصحفي، جلست على مقعد الذي جلس عليه التابعى ومصطفى وعلى أمين ومحمد حسنين هيكل وأنيس منصور وغيرهم من عمالقة الصحافة في مصر».

 

 

أوراق أمير الصحافة 


قدم الكاتب الصحفي محمود صلاح أغرب الحوادث والقضايا التي كانت أشبه بالأساطير والقصص الخيالية التي يمتزج فيها الواقع بالوهم والخيال بالحقيقة وظلت كتبه ومقالاته لفترات طويلة حديث الرأي العام المصري والعالمي. 


كتب العديد من الكتب، أبرزها «اسمهان والليلة الأخيرة» و «السادات والجاسوس» ولكن أشهرهم كان  كتاب «أوراق أمير الصحافة» الذي كان يحكي فيه عن محمد التابعي، بعدما أهدت إليه السيدة هدى التابعي مذكرات كتبها التابعي بخط يده، وصدر الكتاب في 160 صفحة من القطع الصغير. 

 

 

قالوا عنه 


كان الراحل محمود صلاح مؤثرًا لدرجة كبيرة، خاصة بعد قيامه بتغطية مجموعة كبيرة من الحوادث، وامتاز بأسلوبه المشوق والسلس فكان يكتب بطريقة السهل الممتنع. 


وجه العديد من الكتّاب الكبار رسائل له وإشادات به، فقال عنه مفيد فوزي أنه لا يكتب بطريقة تقليدية بل يرسم الدراما في الجريمة لتأتي لوحة تبهر الإبصار، وقال عنه صالح مرسي أنه أديب يتنكر في زي صحفي حوادث. 

 

 

براءة محمود صلاح 


في وسط المقالات العديدة التي كتبها الراحل محمود صلاح كان هناك مقالًا بعنوان «أبطال من ورق»، الذي أتهم فيه رئيس تحرير آخر ساعة  بتهمة سب وقذف خمسة من الصحفيين تحدث عنه في مقاله، ولكن بعدها حكمت محكمة أول ببراءته تأسيسًا على أن المقال في حدود النقد المباح ويدخل ضمن إطار حرية الصحافة.

   

 

رحل في صمت 


توفي اليوم  الكاتب الصحفي محمود صلاح رئيس تحرير مجلة الأسبق التي تصدر من مؤسسة أخبار اليوم، عن عمر يناهز 69 عامًا بعد صراع طويل مع المرض.