إنها مصر

من يتحدث.. وفى ماذا ؟

كرم جبر
كرم جبر

«الشأن العام» ومن يتحدث فى ماذا؟، بعد أن امتلأت الساحة بـ «أبو العريف» الذى يتحدث فى كل شيء، دون أن يكون عالمًا بالشيء، فأصبحنا نعانى من ظاهرة التشويش المجتمعي.
كان هذا هو السبب لدعوة الرئيس بفتح حوار، حول من يتحدث فى قضايا الشأن العام، يعقبه مؤتمر كبير سوف يحضر بعض جلساته، وتصدى للمهمة الثقيلة وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة.
توليت إدارة الجلسة الأولى التى عقدت فى مؤسسة دار التحرير، واستمرت أكثر من أربع ساعات، بحضور كوكبة من الوزراء والأساتذة والقانونيين والإعلاميين، وكانت مناقشات مثمرة للغاية.
أولا : اتفاق على تحديد المقصود بالشأن العام، ومن حيث الموضوع اتفق الحاضرون على اختيار قائمة بالموضوعات، مثل الأوطان والأديان، الوحدة الوطنية، الجهاد والاستشهاد والوعى الثقافي، وغيرها من القضايا العامة التى تشغل بال الأمة.
ثانيا : تحديد مواصفات ضرورية لمن يتحدث فى مثل هذه القضايا، سواء فى وسائل الإعلام أو على المنابر، حتى لا تظل الفتوى - مثلاً - مساغًا بين أشخاص لا يمتلكون إدارتها.
ثالثا : وهو الأهم، أن تلتزم التوصيات بالأُطر القانونية السليمة، بحيث لا تقترب من حرية الرأى والتعبير، ولا تفرض قيودًا، وأن تتسم بحسن السمعة وتلقى قبولاً عامًا.
قضية بالغة الصعوبة ومترامية الأطراف، وتمتد لتشمل كل مناحى الحياة، ومن الصعوبة أيضًا تحديد مواصفات قياسية لمن يتحدث فى قضايا الشأن العام، علاوة على كثير من القضايا الشائكة التى أثارت جدلاً على مدى سنوات طويلة ولم يتم حسمها، وأهمها الدين والسياسة، فرغم الانتباه لخطورة خلط الاثنين فى شعار واحد، إلا أن كثيرا من الطقوس والممارسات السياسية تفرط فى الخلط.
والصعوبة فى ترجمة المناقشات النظرية والأفكار المطروحة إلى إجراءات وسياسات على أرض الواقع، وملاحقة مخالفيها، مع اتساع منابر الإدلاء بالآراء فى مواقع التواصل الاجتماعي.
المناقشات كاشفة لمنتحلى الشأن العام أمام الرأى العام، وخلق درجات متدرجة من الوعى لدى الناس، ليعرفوا من هو المتخصص فيما يتحدث، ومن هو الذى يحشر نفسه فيما لا يعنيه.
مرة أخرى يؤكد الحضور أنه لن تخرج عن المؤتمر إلا توصيات رشيدة تسهم فى رفع مستوى الوعى العام، ولا تضيف أعباءً ولا قيودًا على حرية الرأى والتعبير، خصوصًا وأن البلاد مُقدمة فى الفترة القادمة على نقلة كبيرة للأمام، ستصاحبها حملة ضارية من الشائعات ومحاولات التشويه والمساس بالثقة بين الدولة والمواطنين.
والأخطر هو بعض الأفكار الدينية غير الصحيحة، حينما يتصدى للفتوى أشخاص غير مؤهلين، يبثون أفكارًا وآراء وفتاوي، بعيدة عن الإسلام وسماحته ووسطيته، وتعمل حساب التطرف والمتطرفين.
«الشأن العام» عبارة واسعة متعددة الأوجه، والحديث فى الشأن العام قضية صعبة، ولكن ميزة مثل هذه المؤثرات الفكرية أنها تقترب من المشكلة خطوة خطوة، حتى يمكن مواجهتها.

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي