مبادرات لتقديم الطعام الجاهز كل يوم

عودة «التكية».. تكاتف المصريين لإطعام البسطاء

عودة " التكية " .. تكاتف المصريين لإطعام البسطاء
عودة " التكية " .. تكاتف المصريين لإطعام البسطاء

"محدش بيبات جعان  أو من غير عشا" ..عبارة اشتهرت في مصر ..بلد المحبة والتكاتف بين الجميع حيث  برزت مؤخًرا مبادرات مجتمعية للإطعام  بمختلف المحافظات تهدف إلى تقديم وجبات جاهزة للفقراء ما يُعيد للأذهان فكرة التكية التي كانت منتشرة سابقًا في مصر.

 في قلب منطقة الحُسين التاريخية، يعكف مجموعة من الشباب على تقديم وجبات جاهزة كل يوم للبسطاء  يصطف عشرات الأشخاص انتظارا لوجبة مجانية ساخنة تهديها لهم " تكية الرحمن".

"التكاتف والرحمة " هي الهدف  وراء تكية الرحمن كما يوضح تيسر عبد الرحمن، لـ"بوابة أخبار اليوم"، مضيفا تعودنا في مصر أن نساند بعض في أوقات الشدة و مشاركة الطعام هو أحد أوجه  ذلك.

واشتهرت المحروسة قديما بوجود " التكية" والتي تهدف بشكل أساسي إلى تقديم وجبات الطعام لغير القادرين، وعادت حديثا لتبين معدن المصري الأصيل الذي يحرص دائما على إظهار الجانب الإنساني في المواقف الصعبة.

يضيف "عبد الرحمن": "ما نتميز به هو أننا مواطنين عاديين ولسنا رجال أعمال أو أشخاص أثرياء  يهدفون لدعاية تجارية أو حزبية أو أي نوع من الاستغلال ولذا فأثرنا  المعنوي لدى الناس أكبر".

 يتذكر عبد الرحمن كيفية إطلاق التكية التي بدأت باقتراح من صديقه وشريكه بتوزيع شطائر كبد وسجق  ساخنة مجانًا دعمًا للفقراء، فاستأجروا محل صغير وبدءوا في التوزيع بأسبقية الحضور ومع مرور الوقت لاقى ترحبيًا من الأهالي ثم قام أحدهم بنشر صورتهم  على موقع "الفيس بوك" لتلاقي إعجاب المواطنين  ليزيد حجم التبرعات ولتُقدم الوجبات كل يوم .

 يتابع حديثه :"مع نجاح المطعم  افتتحنا فرع جديد في  منطقة الزاوية الحمراء..و لا نحمل هم كيفية إدارة التكية ، أنها عمل من أجل لله.. وأتذكر  في أحد الايام قلت لشريكي لايوجد طعام في الثلاجة ولكني أثق أن الله سيدعمنا ..وبالفعل جاءت لنا سيارة محملة بمئات الكيلوات من اللحوم والدجاج لتوزيعها على الفقراء".

فكرة تقديم الطعام الجاهز أخذت في الانتشار في باقي المحافظات فخلال شهر رمضان الماضي انطلق أول مطعم خيري في مدينة الإسكندرية ، أسسه خمسة أصدقاء اعتادوا العمل الخيري في أماكن متفرقة،وجمعهم اهتمامهم بمساعدة  الغير وخبرتهم بأهمية الدعم بشكل لائق للمحتاجين تقديرًا لغلاء المعيشة وإحياء لفضيلة مشاركة الطعام .

و توضح دينا هشام  أحد مؤسسي المطعم لبوابة أخبار اليوم،  أن هدفهم الرئيسي إطعام 200-300 فرد يوميًا   وليس فقط في  شهر رمضان، مبينة أن تكلفة الوجبة يتراوح بين 25-30 جنيهًا وتشمل نوع من البروتين دجاج أو لحم  وصنف من النشويات وأحيانًا خضروات وحلوى".

بدوره يلفت الدكتور محمد كرم، أحد مؤسسي المطعم الخيري، إلى  أن فلسفة المطعم تقوم على توفير الطعام بشكل كريم للجميع دون إحراج،حيث توزع ثلثي الوجبات  للحالات المدروسة سابقًا بكارت خاص  ، بينما  يُخصص  الثلث  الأخير لعابري السبيل أيا كانوا وأبرزهم عمال النظافة والمسافرين وأي مواطن يرغب في وجبة مجانية ليحصل عليها مباشرة دون سؤال أو إثبات لحاجته.

يؤكد كرم أن أهم شروط الوجبة هي جودتها وهو مادفعهم لاستئجار طباخ محترف إضافة إلى مساعدين براتب شهري.

من الإسكندرية أيضًا انطلقت فكرة مطابخ "سواعد الخير" لإحياء ثقافة الإطعام الخيري؛والتي تحولت تدريجيًا لمائة وعشرة مطبخ خلال عامين في مختلف ربوع مصر وفي أكثر المناطق صعوبة وفقرًا كالصعيد والمحافظات الحدودية كالوادي الجديد.

"هدفنا الرئيسي ليس توزيع الطعام على البسطاء لأني أؤمن  الله هو المُطعم الرزاق ولكني أهدف لتجديد دماء  للعمل التطوعي وجذب الشباب له  لعودة المجتمع المترابط" كما يروي  أشرف حراز مؤسس سواعد الخير .

ويضيف أن الفكرة بدأها بشكل فردي قبل عامين عندما شاهد تقريرًا عن شخص خصص منزله لإطعام الفقراء منذ ٥٠ عامًا، مما شجعه على الانطلاق منفردًا  في شقة بسيطة  بشرق الإسكندرية، مع نشر دعوته على الإنترنت ليلاقى إقبالًا ضخمًا.

 يتابع:" دوافعنا إنسانية ولايهمنا هُوية ولا ديانة  المستفيد يكفينيا  فقط أنه فقير ولذا نحرص على  دراسة  حالة المستحقين وتوصيلها إلى منازلهم  "

وعن كيفية  انتشار الأفرع :" وضعت استمارة على الإنترنت لراغبي الاشتراك  معنا، بشرط الالتزام بضوابطنا وأهمها وجود جمعية مشهرة  كغطاء قانوني لجمع التبرع؛ والالتزام بتوزيع ١٠٠وجبة ساخنة أسبوعيًا كحد أدنى؛ووجود مكان مخصص للمطبخ  ونمنحهم أدوات الطهي مقابل ذلك ونتابعهم باستمرار..ولكن قمنا بإغلاق قرابة 10 أفرع لعدم التزامهم ومنح الأدوات لغيرهم"

يضيف:" أكثر ماشجعني على المواصلة طوال العام  هو حالتان أولهما لسيدة عجوز ضريرة ترعى ابنها القعيد؛وأخرى لأسرة  لفقرها الشديد لاتمتلك أدوات طهي؛ فمثل هذه الحالات تحتاج باستمرار إلى وجبات مجهزة فلايمكنها الاستفادة من الطعام الجاف  أوالتبرع المادي فقط "

أما في مدينة الإسماعيلية فاشتهرت مبادرة لإطعام عمال النظافة والأسر الفقيرة حيث حازت على إعجاب آلاف المتابعين  على مواقع التواصل الاجتماعي  بعد تقديمها طعام الجمبري الفاخر  والمشويات  بناء على طلب المتبرعين  لمنح الفرصة للفقراء لتذوق الأطعمة الشهية.

ففي كل أسبوع تحرص ولاء وحيد  على تقديم وجبات شهية متنوعة كإفطار بعمال النظافة  توضح لـ "بوابة أخبار اليوم" :نراعي تناسب الوجبات مع فصول السنة فقي الصيف تتضمن الوجبة زجاجة مياه مثلجة وفواكه كالمانجو  وشطائر متنوعة من الجبن واللحوم وفي الشتاء يتم تقديم وجبات  إفطار ساخنة مثل البليلة بالمكسرات مراعاة لظروف عملهم في أجواء صعبة ولإدخال السعادة على قلوبهم.