قطر.. دستور لم يعرف التطبيق وانتخابات برلمانية «حبر على ورق»

الشيخ تميم بن حمد آل ثاني
الشيخ تميم بن حمد آل ثاني

منذ أن بدأت قطر عهد الحمدين عام 1995، ومن بعدهما تميم بن حمد آل ثاني، وهي تحاول جاهدةً أن تجعل لها موطأ قدمٍ على الساحة الدولية بشكلٍ عامٍ ومنطقة الشرق الأوسط بشكلٍ خاصٍ، وأن تكون في مصاف الدول المتقدمة في العالم، لذا سعت بكلٍ قوةٍ لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2022، من أجل إظهار اسم البلد، حديث العهد، والذي يرجع تاريخ نشأته إلى عام 1971.

ومن مقاييس تقدم الدول بشكلٍ عامٍ هو مدى إرساء معاني الديمقراطية وقواعدها في البلاد. ومع ذلك، فإن قطر إلى الآن لا تسير في هذا الطريق، بدايةً من نظام الحكم، الذي هو أشبه بنظام حكم الفرد الواحد، والذي يجعل من أمير البلاد حاكمًا متفردًا بالحكم.

نظام الحكم

نظام الحكم في قطر إنها إمارة وراثية دستورية. ولكن مع ذلك ينص دستور البلاد، الذي تم إقراره عام 2004 بعد استفتاءٍ في عام 2003 جرى خلاله موافقة 98% من السكان، على أن يكون أمير البلاد هو رئيس السلطة التنفيذية، وهو ما يتنافى مع فكرة "إمارة دستورية"، فبالقياس على نظام الحكم المعتمد في بريطانيا على سبيل المثال، وهي ملكية دستورية (وضعية مقاربة)، فإن الملك هناك يملك ولا يحكم، ويشغل منصبًا شرفيًا، في حين تتركز السلطات في قبضة رئيس الحكومة المنتخب من قبل البرلمان، أما الوضع في قطر خلاف ذلك إلى حدٍ بعيدٍ.

ويقول الديوان الأميري في البلاد إن الأمير هو رئيس الدولة، ذاته مصونة واحترامه واجب، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ويمثل الدولة في الداخل والخارج وفي جميع العلاقات الدولية.

ووفقًا للديوان الأميري، فإن نظام الحكم في البلاد يقوم على "فصل السلطات مع تعاونها"، حيث يتولى الأمير السلطة التنفيذية، ويعاونه في ذلك مجلس الوزراء على الوجه المبين في الدستور، وأن مجلس الشورى يتولى السلطة التشريعية.

وبالنسبة لمجلس الشورى، فبالانتقال إلى دستور البلاد، تنص المادة السابعة والسبعين من الدستور القطري على أن "مجلس الشورى يتألف من خمسة وأربعين عضوًا.. يتم انتخاب ثلاثين منهم عن طريق الاقتراع العام السري المباشر، ويعين الأمير الأعضاء الخمسة عشرة الآخرين من الوزراء أو غيرهم.. وتنتهي عضوية المعينين في مجلس الشورى باستقالتهم أو إعفائهم".

انتخابات لم تنعقد

ومنذ إقرار الدستور الدائم للبلاد عام 2004، والقطريون يعيشون على وعودٍ أطلقها صناع القرار السياسي في البلاد بشأن إجراء انتخابات مجلس الشوري، كما أقر دستور البلاد، لكن تلك الوعود لم تتحول إلى واقعٍ إلى يومنا هذا.

أول الوعود كانت من حمد بن جاسم، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في قطر، والذي قال إن الانتخابات ستُجرى بين عامي 2006 و2007، ولكن لم يحدث.

وفي أواخر عهد الشيخ حمد بن خليفة، تعهد من على منصة مجلس الشورى في نوفمبر عام 2011، بأن تُجرى الانتخابات في النصف الثاني من عام 2013، لكن رحل قبلها وأتى ابنه للحكم، ولم تُعقد الانتخابات في ذلك العام.

وتوالت سنوات حكم تميم بن حمد دون أن تعرف قطر إجراء الانتخابات البرلمانية لمجلس الشورى، ولم تخرج سوى تصريحاتٍ حكوميةٍ بوعودٍ أخرى لم تجد لها موطأ قدمٍ على أرض الواقع حتى الآن.

مخالفة الدستور

أما الواقع، فكان من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد في نوفمبر عام 2017، حينما أعلن تعيين 28 عضوًا بمجلس الشورى في البلاد، من بينهم أربع نساء، كما أبقى على عضوية ثلاثة عشر عضوًا بالمجلس.

الأمر الذي يخالف صريح المادة السابعة والسبعين من الدستور القطري، التي تخول للأمير تعيين خمسة عشر عضوًا فقط بمجلس الشورى، وليس جميع أعضاء المجلس.

أمير قطر كان قد مدد مدة مجلس الشورى في عام 2016 ثلاث سنوات، تنتهي في الثلاثين من يونيو عام 2019، أي بعد نحو شهرٍ ونصف الشهر، دون أن تكون هناك رؤية واضحة حتى الآن أو موعدٍ محددٍ لإجراء انتخابات مجلس الشورى، التي ظلت وعودًا من 2006 دون أن تتحقق بعد.

واكتفت قطر في أبريل المنقضي بإجراء الانتخابات البلدية، ولكن الشعب القطري لا يزال يتطلع للذهاب إلى صناديق الاقتراع للانتخابات البرلمانية، التي انتظرها طويلًا، وربما يطول انتظاره أكثر.