النيابة في «اقتحام الحدود الشرقية»: مصر باقية شاء من شاء و أبى من أبى

المستشار محمد شيرين فهمي
المستشار محمد شيرين فهمي

استمعت محكمة جنايات جنوب القاهرة المنعقدة بمجمع محاكم طره، اليوم الأحد، إلي مرافعة النيابة العامة في محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي وآخرين من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية على رأسهم محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان و26 متهمًا آخرين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ «اقتحام الحدود الشرقية».


تعقد الجلسة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي وبعضوية المستشارين عصام أبو العلا وحسن السايس وبحضور ياسر زيتون رئيس نيابة أمن الدولة العليا وسكرتارية حمدي الشناوي.


واستهل المستشار ياسر زيتون، رئيس نيابة أمن الدولة العليا، مرافعته بقوله: « بسم الله الحق، بسم الله العدل، بسم الذي استعنا عليه وتوكلنا، بسم من ينزل بالمنافقين و الكافرين أشد عذاب»، متابعًا: «سبحانه خلق الحق والباطل، وكل من خلا من طاعته هو باطل، وكل مخلوق بأعماله يوم الحساب بحامل، كل نعيم لا محالة زائل»، وأضاف: «الله حذر الناس من الشيطان، وان من اعتصم بحبل الله تعالى هو الكيس العاقل، وان من سار وفق هواه هو الضال الغافل».


وأضاف: «نعوذ بنور وجهه من الفتن في عاجل أمرنا و الآجل، ونلوذ بقدرته هو الرؤوف الذي كشف الأراذل والأسافل، هو الذي أظهر الحق وأزهق الباطل، فوقانا شر النوازل»، وشدد على أن القضية لم تكتب أحداثها اليوم بل هي قضية الأمس و أول الأمس، وهي قضية شر البلية بل شر البرية وهي الخيانة الجلية، وتابع: «هي هموم الدهر كالمحن المتدفقة، محفوفة بالبلاء، مقرونة بالحسرة على ما فات، ولولا الألطاف لامتدت الحسرة على ماهو آت».


وأشارت النيابة إلى أن الموقف في القضية ليس بجديد فمحاولات التشويه بمصر مستمرة منذ أمد بعيد، منذ غرص النبت الشيطاني والغرس السرطاني الاستيطاني، مشيرًا إلى أن اليقين بأن مصر قلب العروبة النابض، و أرض التاريخ الخالد، ومبعث الخير الوفير ومنارة الشرق و حامية حمى الأرض و العرض.


وأضاف ممقل النيابة أن المعتدون استهدفوا إهلاك مصر، وإفساد أخلاقها، و انكسار رايتها، مضيفًا: «أن ذلك كان التعبير الأصدق لحلم حياتهم، ونموذج الذي تصبوا إليه أرواحهم، وهو غاية نهارهم وحم ليلهم»، وتابع: «هي الحرب أشعلوا نارها غلًا و حقًدا، حرب تحصد ولا تذر».
وأكدت النيابة العامة علي أننا في مواجهة الحرب الشرسة، ليس في وطنيتنا مساومة، وليس لنا في حربنا هذه اختيار، لن يحل اليأس محل البأس، وتابع: «لا انكسار..تموت الشعوب اذا استكانت»، وشدد على أن الشعب هو أبي ذو عزة حسبه ربه و تاريخه  كله فخار، قد اثبت الشعب بهلاله وصليبه مر السنين أن مصر هبة المصريين قبل أن تكون هبة النيل.


وتابع: «هذا النهر العظيم مرآة صادقة لهذا الشعب الكريم، في حركاته وسكناته، في قسماته وكلماته، يستخرج الأمل من أحضان الألم، بنفس راضية تخشى المنية، حقيقته جلية، أنار بحضارته ظلمة البرية، آمن بأن الفداء عطاء وسخاء»، مضيفًا أن النيابة تمثل في محراب المحكمة بعد أن نزف الوطن، وخرب المجرمون بنائها، واستباحوا أرضها، نقضوا العهود واخترقوا الحدود، ضيقوا الخناق على العباد، هربوا المجرمين باتفاقات آثمة، واعتداءات غاشمة، واستباحوا كل الوسائل للوصول إلى  سدة الحكم، من قتل و تخريب وترويع و تهريب، أثاروا الفتنة ليصيب مصر بالوهن، لم يأبهوا للقتل.


وأضاف ممثل النيابة، أن المتهمين جعلوا من قداسة الدين وسيلة وأداة ليصل كبيرهم إلى مبتغاهم، وخانوا مصر بواقعات جسام و جرائم عظام، مشيرًا إلي أنه حين خرج المصريون وملئوا الميادين اجتمعوا لأجل مصر، غاب عن المشهد الإخوان، غابوا حتى حين، مضيفًا أن المتهمين حينها لزموا الجحور مختبئين يترقبون ويرصدون اتفاقهم الملعون.


وقال ممثل النيابة: «تبدأ واقعات دعوانا في وقت من تاريخ أمة، زادت أزماتها، سعى المصريون إلى حلها، بينما سعى المتهمون لتعظيمها، أراد المصريون غد أفضل وفاضت عيونهم حزنًا على حالها، بينما  فاضت أعين الجناة فرحًا بضعفها، ولاح في الأفق نجاح المؤامرة، التي عنوانها «الفوضة وإسقاط الدولة»، وذكرت بأن أطرافها  خائنون بالداخل، وأعداء متربصون في الخراج، يمكرون في اجتماعات تعقد و مؤامرات تحاك، لقاءات هنا و مؤتمرات هناك، القاسم المشترك هو الرغبة في الاستيلاء على حكم البلاد من قبل الإخوان باتفاقها مع تنظيمات و جماعات إرهابية للانقضاض على جسد البلد.


وواصل سرد النيابة بالإشارة إلى أنه في ظل زخم الأحداث تمكنت الأجهزة الأمنية من نفض الغبار عن مؤامرة شر البرية، وتم ضبط 34 منهم، في يوم 29 من شهر يناير 2011، وأضافت المرافعة: «لم يأبهوا لأحد، همس كبيرهم في ألآذان أن تأملوا تلك الجدران، فهي آخر عهدكم بالسجون».


وتابعت المرافعة أن المؤامرة تأكدت عندما تحدث المتهمين مع من أودعهم: «إنا لغدًا لخارجون ولبلادكم لحاكمون» مع الوعيد بحل جهازهم الأمني، وعقبت النيابة بأن ذلك لم يكن وليد تنبؤ ولكن ثمرة من ثمار المؤامرة نسجها المتهمون ضد الوطن.


وانتقلت النيابة إلى سرد ما حدث في سيناء، لتبدأ حديثها في هذه النقطة بالقول بأنه واثناء انشغالنا بما حدث شهدت سيناء 100 حدث وحدث، البداية كانت يوم 27 من يناير 2011، وذلك في منطقة محدودة التسليح برفح والشيخ زويد و العريش، الذي شهدت تربص مركبات مجهزة مسلحة و عشران من الدراجات البخارية التي حملت من عناصر شر البرية بها، موكلون بمهمة محددة وهي تفريغ الشريط الحدود من حراسه، ليقوم المسلحون بالعدة و العتاد يفتكون بالقوات، وتابع بأنهم رضوا على أهلها حظر التجوال، وكان الهدف هو ترويع الآمنين والسيطرة على مدن الحدود، وارتكاب الجرائم.


وتابع ممثل النيابة قائلًا: «أكاد أرى ما حدث، أرى الشيخ زويد و العريش، أبصر حربا بتلك المدن، ضد مؤسسات الوطن، عاثوا بها فسادًا  لم يرعوا حق لله أو العباد».


وواصلت النيابة أن التكفيريون مهدوا لتنظيمات التحالف ليغيروا هوية البلاد، وكان المتوفى أحمد الجعبري قائد كتائب القسام «الجناح العسكري لحركة حماس» قد أصدر تعليماته بأن أمدوا المعتدين على البلاد بالسلاح و مدافع آربي جي، وكذلك المسلحين المدربين لتنفيذ المهام، وتأمين تهريب المتفجرات، ودخول الإرهابيين إلى البلاد.


وأشارت النيابة العامة إلي أن دور حماس لم يقف عند هذا الحد، بل شكلوا غرفة عمليات تولى مسئوليتها الفلسطيني العطار، ضمت عناصر جيش الإسلام و حزب الله، وأعدوا عناصر بمثابة سهام تصيب قلب مصر، سيوفًا و رماحا تبقى البلاد في الأسر، وفق تعبير ممثل النيابة.


وأضاف أن بقاعًا من أرض مصر "سيناء" قد انتهكت ممن كنا نحسبهم لنا أشقاء، ناصبوها العداء، جاهروا بحبها، وطعنوها في الخفاء، وتسلل الإرهابيون من خلال أنفاق حماس من سرايا القدس و جيش الإسلام وأخرى  من حزب الله اللبناني، وأشار إلى أن حزب الله  كان هدفه بمساعدة الحرس الثوري الإيراني تهريب عناصرهم، وأشار إلى الهجوم على المنشآت الشرطية و تفجير خطوط الغاز.


وأشار ممثل النيابة إلى وقوف الإخواني عبد الرحمن الشوربجي، ومحمد عويضة، وعادل قطامش، مبعوثون لاستقبالهم، لتنفيذ خطط كبيرهم في المساس بأمن البلاد، وإشاعة الفوضى بين العباد.


وانتقلت النيابة العامة إلى الإشارة لواقعة اختطاف الضباط الثلاثة، وذكرت بأنه مر ثمانية سنوات على آخر اتصال بين هؤلاء و ذويهم دون جديد يطفأ النار بصدورهم، وأضافت: أن الإرهابيون اجتمعوا على حدود القناة لاستكمال الخطة، كان حديثهم لنجد طريقنا إلى حيث يقبع حلفائنا بالسجون فلا حساب ولا عقاب، وقد سادت شريعة الغاب، فاقتحموا و خربوا و قتلوا، فلنحرر عناصرنا ولنعد أدراجنا».


وأشارت المرافعة إلي أن العناصر من حماس و حزب الله و جيش الإسلام و تكفيريين من بدو سيناء و عملاء من الإخوان انخرطوا في ثلاث مجموعات، تشابهت نواياهم، الأولى كانت المجموعة المتوجهة إلى أبي زعبل، وكان هدفها تهريب عناصر حزب الله اللبناني منهم المتهم محمود يوسف منصور الشهير بسامي شهاب، والثانية إلى سجن المرج ومهمتها تهريب عنصر حماس أيمن نوفل و آخرين، والثالثة كانت الأهم مهمتها التوهج لوادي النطرون لتحير سجناء جماعة الإخوان، ليخرج من بها ليتولوا حكم البلاد لتكون الصفقة و الاتفاق بالمؤامرة على مصر وتدمير البلاد.


وذكرت النيابة بأنه في صباح 29 من يناير قرع صوت الأعيرة النارية الأذان في سجون أبي زعبل، وأشارت النيابة إلي أنه إذا ما ثار تساؤل عن كيف هرب شهاب، فقد طلب حزب الله من الحرس الثوري الإيراني، لنُكمل مخططنا سويًا، فأوكل مهمة إلى عناصره المتواجدة بمكتب رعاية المصالح الإيرانية في مصر، ومنهم المصري الذي باع وطنه، وأدين بحكم بات نهائي وهو طارق السنوسي، وشارك في تهريب شهاب إلى لبنان عبر حدودنا مع السودان.


وتابعت النيابة في مرافعتها: «أن في الوقت الذي توجه فيه المتسللون لسجن أبي زعبل اندهش السجناء في سجن مرج من مكالمة هاتفية لمسجون كان حديثًا حول اتفاق مع محدثه على إرسال مسلحين مرابطين في سيناء إلى سجن المرج لتهريبه،  كان ذلك السجين هو القيادي بحماس أيمن نوفل»، وذكرت النيابة أن الهدف الأهم هو تهريب قيادات الإخوان من سجن وادي النطرون، وكان في انتظار مهاجمي السجن الإخواني إبراهيم حجاج، و السيد عبد الرازق عياد، بأعداد من الحافلات و الجرافات، فأمطروا السجن بوابل من الطلقات، وبعد أن نفذ ذخائر الحراس، هاجموا السجن فاختلطت دماء المصريين، لتعقب المرافعة: «لم يفرقوا بين حارس وسجين»، فتوفى 14 سجينًا وغيرهم من الحراس.


وتابعت المرافعة أن المودعين بالسجن من عناصر الإخوان خرجت على حساب الضحايا، فذكرت أن محمد مرسي ورفاقه خرجوا على جثث السجناء و الحراس، بين فوارغ الطلقات الرصاص، مدعين بأن الأهلي هم من خربوا ودمروا.


وأشارت النيابة بأن الاتفاق باركه من سعى لأن تُقسم دول إلى دويلات، ومن سعى لتخطيط الشرق الأوسط الجديد، ومن تبنى ما يسمى  الفوضى الخلاقة.


واستشهدت النيابة بقول محمد البلتاجي عن أن ما يحدث في سيناء سيتوقف في الثانية الذي يخرج فيها محمد مرسي، مشيرًا لحرب الإرهابيين على مصر لكشفها مؤامرة الإخوان، وأشارت إلى أن الجهاديين و الإرهابيين الذين يقتلون جنودنا كل ذلك رهن إشارة البلتاجي و جماعته ومرشده، معقبة : «أمهلهم الله ولم يهملهم، سيُري الله فيهم آياته، خططوا لإسقاط مصر وأبى الله إسقاطها»، متابعًا: «مصر باقية بإذن الله، باقية بأهلها، باقية بعزة رجالها، الله حافظها من كل سوء، شاء من شاء و أبى من أبى»، أليس الله من قال :"إدخلوا بسلام أمنين".


وقدمت النيابة العامة في مستهل الجلسة كتاب نيابة أمن الدولة العليا 1532 صادر النيابة، الموجه لمحامي العام لنيابة شمال سيناء، المؤرخ 31 يناير 2019، والذي يتضمن اتخاذ اللازم بتنفيذ قرار المحكمة لضم المحاضر التي تم تحريرها خلال 28 يناير حتى 31 يناير 2011 بمديرية أمن شمال سيناء بشأن الاعتداء على منشآت و أكمنة الشرطة و خطوط الغاز، والكتاب مذيل توقيع المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا،وأفادت النيابة بأنه جاري تنفيذ القرار.


تعقد الجلسة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين عصام أبو العلا، وحسن السايس، وأمانة سر حمدي الشناوي.  


وتأتى إعادة محاكمة المتهمين، بعدما ألغت محكمة النقض في نوفمبر قبل الماضي الأحكام الصادرة من محكمة الجنايات، برئاسة المستشار شعبان الشامي بـ"إعدام كل من الرئيس الأسبق محمد مرسي ومحمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان الإرهابية ونائبه رشاد البيومي، ومحيي حامد عضو مكتب الإرشاد ومحمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب المنحل والقيادي الإخواني عصام العريان، ومعاقبة 20 متهمًا آخرين بالسجن المؤبد" ، وقررت إعادة محاكمتهم.