‎‎العلاقات المصرية الصينية.. تعاون ضارب في جذور التاريخ

الرئيس عبدالفتاح السيسي
الرئيس عبدالفتاح السيسي

بدأ الرئيس عبدالفتاح السيسي زيارة رسمية إلى العاصمة الصينية بكين تلبية لدعوة من الرئيس الصيني شى جين بينج للمشاركة في قمة منتدى الصين - أفريقيا «الفوكاك» تحت شعار (الصين وأفريقيا: نحو مجتمع أقوى يتمتع بمستقبل مشترك من خلال التعاون المربح للجانبين).
‎ويعد منتدى الصين أفريقيا أحد أهم الفعاليات الاقتصادية والسياسية التي تعكس الاهتمام الصيني بالقارة الأفريقية، وتهدف إلى تكثيف ودفع العلاقات الصينية مع الدول الأفريقية.
‎ويعقد المنتدى يومي ٣ و٤ سبتمبر الجاري بحضور حوالي ٢٠ من القادة والزعماء الأفارقة على رأسهم رئيس وزراء إثيوبيا والأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وعدد من رؤساء المنظمات الدولية والإفريقية. 
‎ويرافق الرئيس السيسى خلال زيارته إلى بكين وفد مصري رفيع المستوى يضم كلا من سامح شكري وزير الخارجية ود. سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي والمهندس عمرو نصار وزير التجارة والصناعة واللواء مصطفى شريف رئيس ديوان رئيس الجمهورية واللواء عباس كامل رئيس المخابرات العامة واللواء محسن عبدالنبى مدير مكتب الرئيس والسفير بسام راضى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية ومن المقرر أن ينضم للوفد المصري خلال زيارة الصين عدد من الوزراء بينهم الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء.
‎وصرح السفير بسام راضى بأن زيارة الرئيس السيسي إلى بكين ستشهد عقد قمة ثنائية مع الرئيس الصيني شى جين بينج لبحث أوجه التعاون المشترك والشراكة الإستراتيجية القائمة بين الجانبين.
‎وأضاف السفير راضى أن الرئيس سيلتقي أيضا خلال الزيارة برئيس الوزراء الصيني، بالإضافة إلى عقد لقاء مع ممثلي كبرى الشركات الصينية لمناقشة أوجه التعاون المشترك وسبل زياد استثماراتهم في مصر ، مضيفا : كما سيجرى الرئيس زيارة إلى الأكاديمية المركزية للحزب الشيوعي الصيني والتي تعد إحدى أهم المؤسسات التعليمية فى الصين والمسئولة عن تدريب المسئولين والقيادات الصينية.
‎ومن المقرر أن يشهد الرئيس السيسي ونظيره الصيني خلال الزيارة مراسم التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بشأن تطوير التعاون المشترك بين الجانبين في عدد من المجالات والتي تتضمن قطاع النقل من خلال تنفيذ مشروع القطار الكهربائي للربط بين المدن الجديدة والمناطق الصناعية لإيجاد المزيد من فرص العمل، وقطاع تطوير التعليم، إلى جانب قطاع الكهرباء من خلال إنشاء محطة لتوليد الكهرباء باستخدام الفحم النظيف بالحمراوين، فضلاً عن اتفاقية لتمويل مشروع إنشاء المرحلة الثانية من منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة. 
‎وأشارت مصادر دبلوماسية إلى أن مشاركة الرئيس السيسي في منتدى الصين أفريقيا سوف تشهد عقد مجموعة من اللقاءات الثنائية مع القادة والزعماء الأفارقة المشاركين في المنتدى وعلى رأسهم آبى أحمد رئيس وزراء إثيوبيا وعدد آخر من الرؤساء الأفارقة ، يبحث خلال تلك اللقاءات الرئيس السيسي إجراءات تعزيز التعاون بين مصر وتلك الدول فى كافة المجالات الثنائية والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك. 
قناة السويس
من جانبه أكد سونج آيقوه سفير الصين لدى مصر: «أننا على ثقة أن الرئيس السيسى سيقوم بدور فعال خلال رئاسته للاتحاد الأفريقى فى تنفيذ النتائج التى ستسفر عنها قمة المنتدى الأفريقى الصينى الذى سيعقد خلال الأيام القليلة المقبلة بمشاركة 20 من قادة دول القارة».
‎وأكد أن قناة السويس تعد ممرا بالغ الأهمية للتجارة العالمية وأنه يمر عبرها العديد من السفن الصينية بصورة يومية التى تمثل جزءًا كبيرًا من التجارة الصينية المتجهة إلى أوروبا.
‎وأوضح أن قناة السويس تكتسب أهمية كبيرة للتعاون الصينى المصرى لكونها جزءًا مهمًّا للحزام والطريق خاصة طريق الحرير البحري، حيث تمر البضائع من آسيا إلى أوروبا.
‎وقال السفير إنه بفضل تطوير محور قناة السويس لم تعد قناة السويس مجرد ممر بحرى وحسب، بل ستكون قاعدة تجارية وصناعية ولوجيستية بالغة الأهمية على المستوى العالمي.
‎ونوه أن هذا الأمر يعنى مجالا جديدا للتعاون المصرى الصينى فى إطار «الحزام والطريق» خاصة فى جنوب قناة السويس بالعين السخنة، حيث توجد منطقة التعاون الاقتصادى والتجارى الصينى المصرى وهى منطقة صناعية تبلغ الاستثمارات فيها أكثر من مليار دولار معظمها استثمارات صينية.
‎وأشار إلى أن هناك شركة صينية لديها استثمارات تقدر بنصف مليار دولار تقوم بإنتاج الألياف الزجاجية على نحو يجعل من مصر ثالث دولة على مستوى العالم تنتج الألياف الزجاجية بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية.
‎وأشار إلى أهمية الدور البناء لمصر كركيزة أساسية للحزام والطريق بفضل قناة السويس، منوها أن منطقة التعاون الاقتصادى والتجارى المصرية الصينية تعد نموذجًا يحتذى للتعاون بين الجانبين الصينى والأفريقي.
‎وقال إن الجانب الصينى سيطرح خلال أعمال القمة بناء مجتمع المصير المشترك للبشرية فى العالم الذى يشمل مجالات كثيرة سياسية وأمنية واقتصادية وتجارية شاملة، منوها أن بلاده ستعمل على اتخاذ خطوات تنفيذية لبناء مجتمع المصير المشترك للصين والدول الأفريقية ليكونوا فى مقدمة دول العالم.
‎وأضاف أنه من بين الخطوات التنفيذية لبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية هو مراعاة هموم الدول خلال تحقيق المصالح الذاتية لكل دولة بما يسهم فى تطوير مختلف الدول الأخرى وتحقيق التعاون والكسب المشترك.
قمة فوكاك
‎وفِى السياق ذاته نشر الموقع الرسمي لمنتدى التعاون الصين أفريقيا أبرز المعلومات عن قمة (فوكاك).
‎وأشار إلى أنها تنعقد كل 3 أعوام لتعزيز التعاون بين الصين والدول الأفريقية، لاسيّما فى مجالات التعاون الاقتصادى والاجتماعي.
‎وأكد الموقع ان من أهم أهدافها هو التشاور على قدم المساواة، تعزيز التفاهم، توسيع التوافق، وتعزيز الصداقة بين الصين والدول الأفريقية. 
‎وكانت القمة قد انطلقت من بكين فى الفترة من 10 إلى 12 أكتوبر 2000 بناء على دعوة من رئيس جمهورية الصين الشعبية السابق.
‎كما عُقدت القمة الثانية فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا فى الفترة من 15 إلى 16 ديسمبر 2003 ، وعُقِدت الثالثة فى بكين من 3 إلى 5 نوفمبر 2006. أما الرابعة فاستضافتها مدينة شرم الشيخ من 8 إلى 9 نوفمبر 2009. وحلّت السادسة فى مدينة جوهانسبرج بجنوب أفريقيا فى 4 و5 ديسمبر 2015.
‎ومن المقرر ان تجدد « قمة فوكاك» الدعوة لمجتمع أقوى بمستقبل مشترك للصين وأفريقيا، وبحث أفضل سبل الاستفادة المشتركة من مبادرة «الحزام والطريق» وربطها بأجندات التنمية الإقليمية والعالمية والمحلية.
‎ومن المنتظر أن تُعلن قمة «فوكاك 2018» عن خارطة طريق للتعاون بين الصين ومصر والدول الأفريقية، للسنوات الثلاث المقبلة.
‎ويعد تطور العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين، مؤشراً هاماً للجهود التى يبذلها الجانبان لتفعيل الشراكة الاستراتيجية الشاملة بينهما ، فقد ارتفع حجم التبادل التجارى المصري-الصينى من 906 ملايين دولار فى عام2000 الى 11 مليار دولار فى عام 2016. وقد أعلنت الجمارك الصينية أن حجم التبادل التجارى بين الصين ومصر ارتفع بنسبة نحو 26٪ خلال الربع الأول من 2018، ليصل الى 2٫835 مليار دولار مقارنة بنفس الفترة من 2017. واشارت الجمارك الصينية الى أن حجم التبادل التجارى بين مصر والصين بلغ فى مارس 2018 فقط 807 ملايين دولار. كما افادت ايضا أن الصادرات الصينية الى مصر بلغت 2٫388 مليار دولار خلال الربع الأول من 2018 بزيادة 22٫47٪ فى حين بلغت الواردات الصينية من مصر 447 مليون دولار بزيادة 47٫74٪ وتعتبر مصرثالث أكبر شريك تجارى للصين فى افريقيا، وفقا لما قاله وزير التجارة والصناعة المصرى فى مايو 2017.
‎وعلى صعيد الاستثمارات، بلغ عدد الشركات الصينية فى مصر 1345 شركة.
الاستثمارات الصينية
‎وتتوزع الاستثمارات الصينية فى مصر على عدد من القطاعات منها 702 شركة فى القطاع الصناعى و432 شركة فى القطاع الخدمي، و70 شركة فى القطاع الانشائي، كما تشمل القطاعات 79 شركة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات و47 شركة فى القطاع الزراعي، و6 شركات بقطاع السياحة. وتشير البيانات الى ان هذه الشركات توفر نحو 27٫4 الف فرصة عمل فى مصر.
‎وتستحوذ الصين على نحو 10٪ من صادرات التجارة الى افريقيا، كما بلغ حجم الاستثمار الصينى بافريقيا فى عام 2016 حوالى 39 مليار دولار ، أى بنسبة أكثر من 64 مرة مما كان عليه فى عام 2000، ووصل عدد الشركات الصينية العاملة بأفريقيا الى أكثرمن 2500 شركة وفرت ما يقرب من 100 الف فرصة عمل.
‎وتمثل اجتماعات الدورة السابعة للمنتدى فرصة هامة أمام زعماء وقادة أفريقيا والصين للبناء على ما تحقق، ولمواصلة البحث عن المزيد من الإجراءات الفعالة لخلق بيئة جيدة للاستثمار والتعاون، وحماية الحقوق والمصالح المشروعة والمشتركة للمستثمرين من كلا الجانبين، وتحقيق التنمية المستدامة فى القارة الافريقية ككل.