الصين - أفريقيا.. مستقبل واعد و تاريخ بلا استعمار 

الصين وعلاقتها بإفريقيا
الصين وعلاقتها بإفريقيا

تبنى السياسة الخارجية الصينية علاقتها بإفريقيا على خمسة مبادئ، الاحترام المتبادل لسلامة الأراضي والسيادة، عدم الاعتداء، عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، المساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمي، وهى الإستراتيجية التي أطلقتها الصين في المؤتمر الأسيوي الإفريقي لدول حركة عدم الانحياز عام 1955 في باندونج، واستمر هذا النهج طوال الستين عاما من عمر التقارب الصيني الإفريقي، نحن أمام قوى عظمى تعتبر نفسها دولة نامية، ولا تفكر في الهيمنة والاستعمار وإنما تريد أن تقودها المصالح المشتركة إلى تحقيق أهدافها، وهو ما تحقق بفاعلية من خلال الإستراتيجية الخارجية التي وضعتها الصين لنفسها حينما قررت الخروج من محيطها بحثا عن تحقيق مصالحها الاقتصادية والأمنية.
للصين تجربة اقتصادية فريدة وملهمة لكثير من الدول، بنيت على استغلال كل ما هو متاح من مواد خام وتحويلها إلى منتجات قابلة للبيع في الأسواق، واستيعاب التكنولوجيا المتطورة، والإنتاج بكثافة وبأسعار تنافسية، مكنتها من التحول إلى دولة عظمى بعدما كانت دولة نامية تحاول اعاشه سكانها، ومن هذه النقطة اقتربت من جوارها الأسيوي والإفريقي، بروابط اقتصادية بالتوازي مع ماض نظيف خال من الغزو والاستعمار ، والاستغلال الاقتصادي أو سرقة الموارد الطبيعية ، ومن هنا كان الترحيب بالصين تاريخيا عند اى لحظة تقارب مع إفريقيا، فهي تختلف عن اى قوى عظمى أخرى استغلت إفريقيا ومازالت تهدد دولها.
وكان إطلاق مبادرة «الحزام والطريق» إيذانا ببدء عهد جديد من العلاقات بين الصين وشمال إفريقيا، ظهر ذلك في التواجد المبكر في المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، فلقد تخلت الصين عن حذرها الخارجي التقليدي وبدأت في نسج شبكة علاقات جديدة وواضحة اقتربت فيها من دول تبحث عن شركاء يقدمون المساعدة دون استغلال ، ينتهجون التنمية ويبتعدون عن لغة التعالي والإملاء.
بحسب تقرير لمؤسسة راند الأمريكية صادر عام 2016 بعنوان «التنين الحذر..الصين والشرق الأوسط «  فإن التواجد الصيني في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لن يكون بالضرورة مصدرا من مصادر القلق للولايات المتحدة ، وأشارت إلى أن التعاون بين الولايات المتحدة والصين سيكون مفيدا في تشكيل بيئة إقليمية أكثر استقرارا.
التقرير الأمريكي ينسف فكرة الصراع بين الولايات المتحدة والصين في إفريقيا والشرق الأوسط ، ويؤكد أن الصين لا تبحث عن الهيمنة ولن تتورط بيكين في صراع مع واشنطن، تبحث الصين عن تأمين مواردها من الطاقة فهي من أكبر دول العالم في استيراد الطاقة وهو حجر الزاوية في العلاقات بين الصين والسعودية وانجولا ، كما تغتنم الصين فرص الاستثمار في الأسواق الإفريقية الجديدة.
تهرب الصين من محاولة الولايات المتحدة تطويقها وعزلها عن العالم سواء بالحرب التجارية أو الانتقادات السياسية ، بالبحث عن حلفاء جدد في الشرق الأوسط وإفريقيا وحتى أوروبا ، فيما ترى الدول الإفريقية النامية في الصين حليفا متعاونا لا يتدخل في شئونها الداخلية ومهتما بالاستقرار والأمن فيها ولا يمانع نقل خبراته واستثماراته إليها.
يرى تقرير مؤسسة راند أن الصين تنين حذر لا يريد التورط في نزاعات أو صراعات، ولا تنوى إغضاب اى دولة وهو ما يبرر توجه إفريقيا لتوسيع التعاون معها دون أن يأتي ذلك على حساب قوى أخرى.
ولتعزيز العلاقات الصينية الإفريقية استخدمت بكين ثلاثة أشكال: المساعدات الرسمية والعلاقات التجارية والاستثمار، فضلا عن تفضيلها لممارسة الدبلوماسية الشخصية بزيادة وتيرة الزيارات الدبلوماسية بين الرئيس الصيني والرؤساء الأفارقة ، وذهبت بكين إلى ابعد من ذلك عبر نسج علاقات قوية تتخطى النخب السياسية عبر تبادل زيارات الفنانين والمثقفين. 
أما الروابط الاقتصادية فتوطدت باستخدام الصين لخليط من المساعدات الحكومية والروابط التجارية والاستثمارات من اجل التواجد بقوة في الأسواق الإفريقية، وشهد عام 2007 تأسيس الصندوق الصيني الإفريقي برأسمال 5 مليارات دولار، كما ارتفعت الاستثمارات الصينية وخاصة في مجالات المساعدات التقنية ونقل التكنولوجيا ، وبذلك قدمت الصين مساعدات حقيقية للأفارقة خاصة في مجالات البني التحتية والزراعة والنقل والتدريب التقني والمساعدة الطبية.