«ياماجوتشي»..نجا من قنبلتي هيروشيما ونجازاكي وبقي شاهدا على الجريمة

 تسوتومو ياماجوتشي
تسوتومو ياماجوتشي

«كنت أسير في الشارع حين سمعت هدير طائرة تعبر الأجواء، نظرت ورأيت مظلتين تهويان، وبعدها بثوانٍ شع في عيني وميض غطى المشهد بأكمله، مع شعوري بحرارة نارية في جسدي، وطبلتي أذني وكأنهما تتمزقان».

بتلك الكلمات تذكر الياباني الراحل تسوتومو ياماجوتشي، ذكريات أسوأ فاجعة عرفتها البشرية حيث كان لا يزال شاب في الـ29 من عمره يمارس عمله كمهندس في مدينة هيروشيما إبان الحرب العالمية الثانية، وفي الوقت الذي رفضت فيه الحكومة اليابانية تلبية نداء الولايات المتحدة بالانسحاب، دفعت المدينة ثمنا باهظا من هجوم نووي شرس، أعقبه هجوما آخر على مدينة أخرى تدعى نجازاكي.

لم يكن ياماجوتشي شخصا عاديا، فقد كان استثنائيا بقدر ما تحمل، فلم يكن مجرد ناج من هجوم مميت بل كان ناج من هجومين، فوجوده في هيروشيما كان لإنجاز عمل هام وقد شهد وجوده سقوط قنبلة « ليتل بوي» لتدمر المدينة بأكملها، وفور انتهاء مهمته عاد إلى مسقط رأسه نجازاكي ليفاجأ بهجوم نووي مشابه بقنبلة حملت اسم «فات مان» لتلقى المدينة مصير الأولى، وينجى للمرة الثانية من موت محقق ليبقى شاهدا عليها حتى عمر الـ93.

كان وقتها المهندس ياماجوتشي الذي يعمل لحساب شركة «ميتسوبيشي» في تمام الساعة الثامنة والربع صباحاً انفجرت القنبلة النووية «ليتل بوي» في مدينة هيروشيما مما أدى ‏إلى موت أكثر من 80 ألف مواطن ياباني وتدمير اغلب مباني المدينة، وقتها كان المهندس ياماجوتشي على بعد اقل ‏من ميلين من المكان الذي انفجرت فيه القنبلة، وقد أدى الانفجار ‏إلى إصابته باحتراق الجزء العلوي من جسمه وتمزق طبلتي أذنيه.  

بعد الانفجار نقلت الحالات المصابة ومنهم ‏المهندس ياماجوتشي إلى ملجأ القنابل الخاص بمدينة هيروشيما وأمضى فيها ليلة واحدة وفي صباح اليوم التالي سافر ‏إلى المدينة التي يسكن فيها، ومن سوء حظه وفي 9 أغسطس من نفس العام ذهب صباحاً إلى عمله وشرع في الحكي لزملائه عن تجربته الأخيرة مع ‏قنبلة هيروشيما النووية وماهى إلا لحظات وقد تكسر زجاج كل النوافذ فجأة وملأ المكان نفس الوميض الذي شاهده ‏عند انفجار القنبلة في هيروشيما إثر انفجار القنبلة النووية الثانية «فات مان» والتي أودت بحياة أكثر من 70 ألف مواطن ياباني، وقد نجى ياماجوتشي من هذا الانفجار أيضا.

وأمام تلك الخسارة البشرية والمادية الاقتصادية الفادحة، اضطرت الحكومة اليابانية إلى إعلان الاستسلام بعد ستة أيام من هذا القصف،وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حكى ياماجوتشي ‏تجربته مع الانفجارين النوويين للعديد من وسائل الإعلام الأجنبية، لتبقي كلماته شاهدة على أيام لم ولن تعش اليابان مثلها.