في مؤتمر «حوار السلام» بفيينا

مفتي الجمهورية: العالم بحاجة إلى منصاتٍ للحوار

خلال كلمة مفتي الجمهورية
خلال كلمة مفتي الجمهورية

 أكد الدكتور شوقي علام –مفتي الجمهورية- أن الإسلام أرسى قواعد وأسسا للتعايش مع الآخر في جميع الأحوال والأزمان والأماكن، بحيث يصبح المسلمون في تناسق واندماج مع العالم الذي يعيشون فيه، وجعل ذلك الأصل للتعاون والتكامل.


وأضاف - خلال كلمته التي ألقاها في مؤتمر «حوار السلام» الذي بدأت فعالياته الاثنين 26 فبراير، في العاصمة النمساوية «فيينا» ويستمر لمدة يومين- أن نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم طبق هو وأصحابه الكرام مبادئ العيش السلمي المشترك في أرقى صوره، تنظيرا وتطبيقا في نماذج حياتهم كلها، مظهرين عدالة الإسلام وسماحته في التعامل مع المخالف في كل حال.

 

وأشار مفتي الجمهورية -في المؤتمر الذي يحضره قيادات دينية رفيعة المستوى في المنطقة العربية- إلى أن الأديان السماوية جميعها دعت إلى احترام الجوار بكل مستوياته: «فجار في السكن يجب أن نراعي جيرته، وثان في الوطن نراعي حقوقه، وثالث في الجوار الإنساني الأعظم نراعي كرامته التي كرمه الله بها في محكم تنزيله، وكل تصان حرمته».


وقال مفتي الجمهورية: «ما أحوج العالم إلى وجود منصات للحوار المبني على أصول راسخة، الحوار الذي يظل محترما للخصوصيات ولا يسعى لتأجيج نيران العداوة والبغضاء أو فرض الهيمنة على الآخر، بل يقوم على أساس التعددية الدينية والتنوع الثقافي؛ ذلك الحوار الذي لا ينقلب إلى حديث أحادي لإلحاق الهزيمة بالمخالف بقدر ما هو محاولة لفهمه وبناء جسور التفاهم والتعاون معه، تنفيذا لمراد الله عز وجل، فقد خلقنا سبحانه وتعالى شعوبا وقبائل ليتعرف بعضنا على بعض كما جاء في قوله تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير} [الحجرات: 13]».


 وتابع: «إن سعينا هذا وعملنا لحري بأن يقدم نموذجا من الحوار نخرج به من الغرف المغلقة لنبني جسور التفاهم بين الشعوب وأتباع الأديان، وإن رجاءنا موصول بأن لا يظل حبيس الجدران في القاعات والمؤتمرات، وأن يساعد الحوار عامة الناس في كشف الغموض الذي يصيب المفاهيم والمبادئ الدينية، وفي فهم الحكمة الإلهية من التنوع الديني في مواجهة دعاة الشر في العالم».


وأبدى المفتي سعادته بإسهام دار الإفتاء المصرية في إطلاق «منصة الحوار الإقليمية للقيادات والمؤسسات الدينية في العالم العربي»، من أجل تعزيز العيش السلمي والمواطنة المشتركة، سيرا على نهج من سبقه من علماء الأزهر الشريف من المفتين الذين وضعوا لبنات متكاملة في سبيل تعزيز الحوار الديني والتعايش المشترك.

 

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن دار الإفتاء قد حرصت دائما على ترجمة قيم العيش المشترك في فعالياتها وفتاويها وبياناتها ومبادراتها ومؤتمراتها العالمية، مؤكدا أنه لكي تثمر الثمرة المرجوة؛ فلا بد أن تتسع لها مناهج التعليم وتتبناها الأسرة، ويتكفل بها المجتمع بكل مؤسساته الحكومية والمدنية.

 

وأضاف أنه لا ينبغي أن يغيب عن الأذهان أننا مسئولون مسئولية كاملة عن تأمين مستقبل مشرق بالأمل للأجيال الجديدة التي لم يكن لها ذنب في النزاعات والحروب التي شهدتها البشرية في السابق، ومسئوليتنا أن نهيئ لهذه الأجيال الجديدة الفرصة لبناء مستقبل ينعم فيه الجميع بالأمن والسلام والاستقرار.

 

وفي ختام كلمته توجه المفتي بالدعاء إلى الله أن يتم هذا العمل بالنجاح، وأن يسهم في بناء الثقة بين الناس، ويكون ترجمة لحوار جاد راق قائم على أساس التعددية الدينية والتنوع الثقافي، حوار يجمع العمل إلى القول، والفعل إلى التنظير.